مبادرة "جمع الشمل".. هل تقود السودان للخروج من النفق المظلم؟
مبادرة الحزب الحاكم تأتي لاحتواء حالة الاستقطاب الحادة التي يشهدها السودان والتي أفرزتها تظاهرات الغلاء وتردي الأوضاع المعيشية
أعلن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، الثلاثاء، عن إطلاق مبادرة لجمع الشمل، في أول تحرك رسمي من نوعه منذ انداع موجة الاحتجاجات الشعبية 19 ديسمبر/كانول الأول الماضي.
وتأتي المبادرة، كما يقول الحزب، لاحتواء حالة الاستقطاب الحادة التي يشهدها السودان والتي أفرزتها تظاهرات الغلاء وتردي الأوضاع المعيشية، بجانب الحفاظ على المجتمع من الفتن والتشتت.
وسبق تحركات الحزب الحاكم بساعات، مبادرة أطلقها أساتذة جامعة الخرطوم الوطنية، والتي رسمت خارطة طريق للخروج من الأزمة الراهنة، تتمحور في دخول الأطراف السياسية في فترة حكم انتقالي تعقبها انتخابات حرة ونزيهة تضمن تداول السلطة سلمياً.
وفي الوقت الذي أبدى منسوبو الحزب الحاكم تفاؤلهم بنجاح مبادرتهم في تجاوز الأزمة التي تمر بها البلاد، قلل آخرون، تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، من قيمتها خاصة في ظل عمليات التعبئة المضادة تجاه الحكومة مما يجعل مساعيها للتسوية في غير محل ثقة الأطراف المناهضة.
وقالت أمينة الأمانة الاجتماعية بحزب المؤتمر الوطني الحاكم مها أحمد عبدالعال، في بيان، إن المبادرة تخاطب أبناء الوطن كافة في ظل موجة الاستقطابات الحادة التي يشهدها المجتمع بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد تحت شعار "اختلاف الرأي لا يفسد للود القضية".
وتهدف المبادرة وفقا للمسؤولة الحزبية، إلى الحفاظ على التماسك المجتمعي، من خلال جهود يقودها رجال الإدارة الأهلية (الزعامات الأهلية وبينهم عمد القبائل) والطرق الصوفية والفنانون والمبدعون ورموز المجتمع".
وذكرت بأن رموز المجتمع سيعملون على درء آثار المحاولات الفاشلة التي ظل يطلقها الأعداء لضرب النسيج الاجتماعي الوطني المترابط من خلال زرع الفتن، والتشكيك في نوايا المكونات السياسية والمجتمعية، واختلاق الأزمات والمشكلات بين فئات الشعب.
وأشارت إلى أن أعداء الوطن (لم تسمهم) يصنفون مكونات المجتمع على أسس تسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار.
بدوره، قال مقرر لجنة المبادرة محمد عبدالحي إن اللجنة تهدف إلى التواصل مع الفاعلين في المجتمع، للتداول حول قضايا السودان الاجتماعية.
وأوضح عبدالحي أنهم سيبدأون بقضية السلم الاجتماعي، وحفظ الروابط الوطنية، ووحدة البلاد، مضيفاً: "سيكون الحوار هو السلوك المجتمعي في حل كل القضايا الوطنية، من أجل مجتمع متراحم ومتعايش بمختلف ثقافاته وألوانه الاجتماعية والسياسية".
ويقول الكاتب والمحلل السياسي السوداني حافظ المصري، إن مبادرة الحزب الحاكم لم تخاطب القضية الأساسية التي تشكل محوراً للحراك الشعبي وتجاوزت الإشارة لخارطة طريق حل الأزمة السياسية الراهنة.
وأبدى المصري، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، عدم تفاؤله بأن تجد هذه المبادرة طريقها للشارع السوداني، باعتبار أن ثقة الأطراف المناهضة شابها نوع من الاهتزاز تجاه الجانب الرسمي، فضلاً عن كون المؤتمر الوطني الحاكم طرفاً في الصراع القائم الذي يتوجب التوسط لإنهائه عبر جهات محايدة.
وتابع القول: "الوضع في البلاد معقد أكثر مما ينبغي، ومثل هذه المبادرات تجاوزها الزمن ويجب البحث عن وسائل أخرى غير مجربة".
وعلى النقيض، يرى القيادي بالحزب الحاكم، رئيس لجنة الإعلام بالإنابة في البرلمان الطاهر حسن عبود أن مجرد إطلاق مبادرة في هذا التوقيت يعطي مؤشراً جيداً بأن حزبه يرغب في التوصل إلى حل يضمن استقرار البلاد.
وقال عبود، لـ"العين الإخبارية"، "المبادرة ليست بجديدة على المؤتمر الوطني الذي ظل منذ صعوده إلى السلطة يطلق المبادرات لتحقيق الرضاء بين مكونات الشعب السوداني، ولعل أبرزها عملية الحوار الوطني التي تبناها الرئيس عمر البشير وعادت بنتائج شهدها العالم والإقليم".
وأبدى تفاؤله بنجاح مبادرة "جمع الشمل" التي يقودها حزبه، حتى تتوقف الفتن بين مكونات السودان، مشيراً إلى أن التحديات والمؤامرات التي تجابه البلاد تقتضي التفاف جميع أبناء الوطن لوضع حد لمساعي تفتيته ونشر الفوضى.
وقد أصدر الرئيس السوداني قراراً جمهورياً، مطلع الشهر الجاري، بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد.
وكان البشير قد دعا القوى السياسية والحزبية للمساهمة الراشدة في التعاطي مع قضايا السودان، مؤكداً فتح صفحة جديدة تخلو من الإقصاء والتهميش.
aXA6IDMuMTQ0LjEwMC4yNTIg
جزيرة ام اند امز