مراقبون تونسيون: "النهضة" تلجأ للشائعة لتغطية عجزها السياسي
حركة النهضة تنشر أخبارا كاذبة لإثارة بلبلة سياسية تغطي على عجزها عن إيجاد توافقات سياسية لتشكيل الحكومة.
سباقة كانت حركة النهضة الإخوانية في نقل إشاعة وفاة رئيس الجمهورية المؤقت محمد الناصر الذي خلف الباجي قايد السبسي الذي وافته المنية يوم 25 يوليو/تموز الماضي.
خبر تداولته الصفحة الرسمية على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لزعيم الإخوان راشد الغنوشي والصفحة الرسمية للحزب دون التثبت من صحة خبر الوفاة.
مراقبون يعتبرون أن حركة النهضة تتعامل مع نشر الأخبار وفقا لأجنداتها الإخوانية من أجل إثارة البلبلة السياسية وسط عجزها عن إيجاد توافقات سياسية مع مختلف الأحزاب الفائزة في البرلمان لتشكيل الحكومة.
الشائعة لقتل الحقيقة
يقول أستاذ الفلسفة السياسية في كلية العلوم السياسية في تونس عبدالكريم بن صالح إن منهجية حركة النهضة تعتمد منذ عام 2011 على تعويم الإشاعة لقتل الخصوم السياسيين ماديا وسياسيا.
واعتبر صالح في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أن المنهجية الاتصالية للإخوان تعتمد أساسا على السعي لإبعاد المنافسين وكل الشخصيات التي تحمل بعدا رمزيا في البلاد عبر تكثيف الشائعات حولهم.
وتابع أن شائعة خبر وفاة محمد الناصر هي مسعى إخواني لتغطية فشلها عن إيجاد التوافقات الأساسية لتشكيل الحكومة.
وأشار إلى أن نفس هذه الشائعات لاحقت الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي قبل وفاته، وذلك من خلال الصفحات الرسمية لأنصار راشد الغنوشي.
الهروب للفراغ
يرى مراقبون أن الضغط الشعبي والدستوري حتّم على الإخوان إيجاد صيغ غير أخلاقية للهروب من مسؤولياتهم في تشكيل الحكومة التي تمثل جزءا مهما من انتظارات التونسيين.
وعجز مجلس شورى حركة النهضة الإخوانية عن الإفصاح بالخطوات السياسية المقبلة وسط رفض حزب التيار الديمقراطي (22 نائبا) وحركة الشعب القومية (18 نائبا) الدخول في توافقات حكومية مع الإخوان.
ووصف الباحث التونسي في الاتصال السياسي رمزي البواب اختلاق الأخبار الوهمية عبر الشائعة بأنه "هروب نحو الفراغ".
وتابع "البواب" في تصريحات خاصة لـ"العين الاخبارية" أن هذا الهروب يشكل دلالة عن "تخبط" الإخوان السياسي.
وتعجز حركة النهضة حتى الآن عن إيجاد شركاء سياسيين لتشكيل الحكومة المقبلة التي انطلق العد التنازلي لها منذ يوم الجمعة.
ويدفع الدستور التونسي حركة النهضة الفائزة بـ52 مقعدا بالبرلمان (أغلبية ضعيفة) ضرورة تشكيل الحكومة في مدة لا تتجاوز شهرا، على أن يكون الحل بعدها الالتجاء إلى رئيس الجمهورية، قيس سعيد، للبت في التركيبة الحكومية.
صفحات "فيسبوك" ومضمون العنف
تتقاطع حركة النهضة على مستوى المضمون السياسي مع التشكيلة السياسية الجديدة "ائتلاف الكرامة" الذي يواجه اتهامات بتشدد الخطاب وتطرفه تجاه شركاء تونس الاقتصاديين على غرار الاتحاد الأوروبي.
ويعتبر الناشط اليساري إبراهيم العزق في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن ما تروجه حركة النهضة من شائعات يمس الأمن القومي في تونس وخاصة التورط في تشويه كل خصومها.
وقال إن ضحايا صفحات "فيسبوك" الإخوانية طالت خلال السنوات الماضية الزعيم اليساري حمة الهمامي ورئيس الحزب الديمقراطي نجيب الشابي من خلال ترويج الإشاعات حول انتماءاتهم الدينية لضرب رمزيتهم لدى التونسيين.
وأوضح أن الصراع السياسي الذي تقوده حركة النهضة ضد خصومها لا ينضبط لقواعد المنافسة السياسية الديمقراطية، معتبرا أن الخطاب الديني الذي يرافق تشويه الخصوم هو أداة سياسية للإخوان من أجل كسب الأصوات الانتخابية من الطبقات الاجتماعية المحافظة.
قتل إرث الباجي قايد السبسي
يرى القيادي بحزب "نداء تونس" عاطف محجوب أن حركة النهضة تسعى إلى نشر الشائعات لقتل الإرث السياسي للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي.
حزب "نداء تونس" الذي تحصل على ثلاثة مقاعد في البرلمان القادم يتهم الإخوان باختراق صفوفه وزرع الفتنة بين أعضائه.
وتابع محجوب في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن حركة النهضة نشرت خبر وفاة محمد الناصر الرئيس المؤقت الذي شغل منصب رئيس الجمهورية مؤقتا من يوم 25 يوليو/تموز حتى 13 أكتوبر/تشرين الأول من منطلق تصفية البعد الرمزي لرجالات الباجي قايد السبسي.
وقال: "الصراع بين المدرسة الحداثية التي يمثلها كل من الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة والباجي قايد السبسي سيظل كابوسا أمام عناوين الإسلام السياسي العنيف في تونس".
وتتركز الشائعات الإخوانية، حسب عديد من المراقبين للمشهد السياسي التونسي، على افتعال القضايا لخصومهم في محاولة لضرب الأسس المعنوية التي تشكل قيمتهم المعنوية والسياسية.
يأتي هذا فيما يترقب ملايين التونسيين الجلسة الأولى للبرلمان القادم التي ستنعقد الأربعاء المقبل لتحديد ملامح الفترة السياسية خلال السنوات الخمس الآتية.
aXA6IDE4LjExOC4xMTkuNzcg جزيرة ام اند امز