أذربيجان تعزز وضعية "الانتصار".. تسارع ترتيبات السلام وإصابة مفاجئة
تتسارع خطى تثبيت الوضع الراهن في ناغورني قرة باغ بعد تحقيق أذربيجان انتصارا خاطفا على الانفصاليين الأرمن، لكن الأمر لا يخلو من العقبات.
إذ أصيب جندي أذربيجاني في انتهاك لوقف إطلاق النار الساري مع الأرمن في ناغورني قره باغ، وفق ما أعلنت السبت القوة الروسية لحفظ السلام المنتشرة في هذه المنطقة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إنه "تم رصد انتهاك لوقف إطلاق النار في منطقة مارداكيرت، وأصيب جندي في القوات المسلحة الأذربيجانية خلال تبادل للنيران".
لكن هذا الانتهاك لا يبدو مؤثرا على مسار الأحداث في الإقليم المتنازع عليه، إذ وعدت أذربيجان السبت، من على منبر الأمم المتحدة، بمعاملة الأرمن الذين يشكلون غالبية في منطقة ناغورني قره باغ بوصفهم "مواطنين متساوين".
وقال وزير خارجية أذربيجان جيهون بيرموف في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة "أريد أن كرر عزم أذربيجان على إعادة دمج السكان الأرمن في منطقة ناغورني قره باغ بوصفهم مواطنين متساوين".
وأضاف أن "الدستور، القانون الوطني لأذربيجان، والالتزامات الدولية التي أعلناها تشكل أساساً صلباً لتحقيق هذا الهدف".
وشنت أذربيجان بداية الأسبوع عملية عسكرية خاطفة في هذه المنطقة الانفصالية ذات الغالبية الأرمينية، وحققت انتصارا سريعا دفع الانفصاليين الأرمن للموافقة على تسليم الأسلحة.
بيرموف قال أيضا، "لا نزال نعتقد أن هناك فرصة تاريخية بالنسبة إلى أذربيجان وأرمينيا لإقامة علاقات حسن جوار والتعايش جنبا إلى جنب بسلام".
"نزع السلاح"
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت أذربيجان السبت أيضا، أنها تعمل مع روسيا على "نزع سلاح" قوات منطقة ناغورني قره باغ المتنازع عليها.
وقال آنار ايفازوف؛ المتحدث باسم جيش أذربيجان للصحفيين في مدينة شوشا التي تسيطر عليها باكو منذ ثلاث سنوات في الإقليم، "بالتعاون الوثيق مع جنود حفظ السلام الروس، نعمل على نزع سلاح" القوات الانفصالية.
وأضاف "صادرنا أسلحة وذخائر"، بدون ذكر مزيد من التفاصيل.
وأكد إيفازوف أن عملية نزع السلاح "قد تستغرق وقتا"؛ لأن بعض المقاتلين يتمركزون في مناطق جبلية نائية. وشدّد على أن "الأولوية هي إزالة الألغام ونزع السلاح".
فيما أكدت قوة حفظ السلام الروسية الموجودة في المنطقة أن الانفصاليين سلّموا ست مدرعات وأكثر من 800 قطعة من الأسلحة الخفيفة ونحو 5 آلاف قطعة ذخيرة.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية في بيان الجمعة أنه "وفقًا لاتفاقات وقف الأعمال العدائية، بدأت التشكيلات المسلحة في قره باغ بتسليم أسلحتها ومعداتها العسكرية بإشراف قوة حفظ السلام الروسية".
في هذه الأثناء، يجري الانفصاليون في ناغورني قره باغ السبت مفاوضات مع أذربيجان بشأن عودة السلام إلى منطقتهم، إذ يخشى أغلبية سكانها الأرمن على مستقبلهم، بعدما ألحقت بهم باكو الهزيمة.
ويتعين على الانفصاليين الأرمن بعد استسلامهم وإقرار وقف لإطلاق النار الأربعاء الماضي، مناقشة سحب قواتهم، ومواصلة تسليم أسلحتهم، في أعقاب العملية العسكرية الخاطفة لباكو.
نزاع طويل
ويشكّل جيب ناغورني قره باغ محور نزاع طويل، إذ ألحقت السلطات السوفياتية الإقليم ذا الغالبية الأرمينية بأذربيجان عام 1921.
وخاضت الجمهوريتان السوفيتيان السابقتان، أذربيجان وأرمينيا، حربين بشأنه، إحداهما بين 1988 و1994 راح ضحيتها 30 ألف قتيل. وسمحت الهزيمة التي منيت بها باكو ليريفان آنذاك بالسيطرة على المنطقة ومناطق أذربيجانية مجاورة.
وفي خريف عام 2020، اندلعت حرب جديدة أسفرت عن مقتل 6500 شخص خلال ستة أسابيع. لكن هذه المرة، انتهت الحرب بهزيمة أرمينيا التي أُجبرت على التنازل عن مناطق مهمّة لأذربيجان في ناغورني قره باغ ومحيطها.
ويرى الانفصاليون أن المحادثات الحالية بين السلطات في ناغورني قره باغ والجانب الأذربيجاني، والتي بدأت الخميس "برعاية قوات حفظ السلام الروسية"، ستسمح "بتنظيم عملية انسحاب القوات وضمان عودة المواطنين الذين نزحوا جراء الهجوم العسكري، إلى ديارهم".
وأضاف الانفصاليون أنّ المحادثات تتناول أيضاً "إجراءات دخول وخروج المواطنين" من هذه المنطقة.
باشينيان تحت الضغط
من جانب آخر، تكثّفت الضغوط في أرمينيا على رئيس الوزراء نيكول باشينيان الذي واجه انتقادات لاذعة لتقديمه تنازلات لأذربيجان منذ خسارته مساحات واسعة من الأراضي في حرب 2020.
وأقر باشينيان الجمعة، بأن "الوضع" ما زال "متوتراً" في ناغورني قره باغ حيث "تتواصل الأزمة الإنسانية".
ولكنه رأى أن "هناك أملًا في ديناميكية إيجابية"، مشيرا إلى أن وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ الأربعاء بين الانفصاليين الأرمن وباكو يتم احترامه "بشكل عام".
ويتظاهر مناهضون للحكومة في شوارع يريفان عاصمة أرمينيا يومياً منذ الأربعاء، احتجاجاً على تعاملها مع الأزمة في ناغورني قره باغ، كذلك أعلن زعماء المعارضة عزمهم على إطلاق إجراءات مساءلة بحق باشينيان في البرلمان.