معارك مفتوحة تؤجج لهيب التوتر في جبهات النزاع المختلفة بين روسيا واليابان وتحشر العلاقات بين مخاوف الصدام وآمال سلام بعيد المنال.
تصعيد جديد يفاقم التوترات بإعلان موسكو اعتقال القنصل الياباني لديها إثر الاشتباه في قيامه بعمليات تجسس، وهي الخطوة التي أعادت للواجهة توترات سابقة حول جزر الكوريل ومناورات عسكرية على الحدود وتوقف المحادثات بين الجانبين.
ورغم التصعيد، حاولت طوكيو الدفع بالأمور إلى منطقة الأمان، أملا بتقليص أزماتها الراهنة في الإشكالات التي طرحها صاروخ باليستي أطلقته كوريا الشمالية قبل يوم، وما يشكله ذلك من مخاطر على أمن شبه الجزيرة الكورية عموما.
لكن إعلان اليابان عزمها إبرام معاهدة سلام مع موسكو، اصطدم ببرود روسي رفع درجة الحرارة في أروقة طوكيو، وأكد أن الأمور قد تتجه نحو صدام يبدو أن البلد الآسيوي يتحاشاه بقوة.
والإثنين، أعلن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، في كلمة رئيسية بافتتاح الدورة الاستثنائية 210 للبرلمان، أن الحكومة ستواصل اتباع مسار يهدف إلى إبرام معاهدة سلام مع روسيا، وذلك رغم تدهور العلاقات الثنائية.
وقال كيشيدا إن "العلاقات الروسية اليابانية في وضع صعب بسبب الوضع في أوكرانيا"، مستدركا: "لكننا نلتزم بشدة باتجاه حل مشكلة الأراضي وإبرام معاهدة سلام".
لكن على الجانب الآخر، لا يبدو أن الكرملين يمضي على نفس الخطى، حيث اعتبر المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن التفاوض على معاهدة سلام مع اليابان في ظل الظروف الحالية غير ممكن.
وفي تصريحات إعلامية أدلى بها في حينها، قال بيسكوف: "بالتأكيد في ظل هذه الظروف لا يمكن التفاوض على معاهدة سلام".
ومما يعكس تمسك الموقف الروسي بعدم المضي نحو المفاوضات، هو تطرق المتحدث إلى ما اعتبره اصطفاف طوكيو إلى جانب "مجموعة من الدول المعادية وتحولت هي نفسها إلى دولة غير صديقة لروسيا".
وشدد على أنه من المستحيل إجراء أي مفاوضات في ظل هذه الظروف، في إشارة تستبعد أي محادثات محتملة بشأن النزاع حول قضية جزر كوريل الجنوبية أي كوناشير وشيكوتان وإيتوروب وسلسلة جبال هابوماي.
وتقول طوكيو إن الجزر تعود إلى ملكيتها، في إشارة إلى الرسالة الثنائية حول التجارة والحدود لعام 1855.
اعتقال قنصل
في أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي "إف إس بي" اعتقال القنصل العام الياباني في فلاديفوستوك للاشتباه في قيامه بأعمال مرتبطة بالتجسس، قبل إطلاق سراحه بعد ذلك.
وقال الجهاز، في بيان أوردته وكالات أنباء روسية، إنه "تم اعتقال الدبلوماسي الياباني متلبسا عندما كان يتلقى معلومات سرية مقابل المال وترتبط بتعاون روسيا مع بلد آخر في منطقة آسيا والمحيط الهادئ".
وذكر أن تلك المعلومات السرية تتعلق بتأثير العقوبات الغربية على الوضع الاقتصادي في أقصى شرق روسيا.
وحينها، احتجت اليابان ونفت مزاعم التجسس، متهمة السلطات الروسية بالقيام "باستجواب مسيء"، وكانت تلك النقطة التي رفعت منسوب التوتر قبل أن تعود طوكيو من جديد محاولة تقليصه عبر الدعوة إلى معاهدة سلام.
وإجمالا، لم تكن الحادثة سوى فصل في مسار طويل من التصعيد بين الجانبين، أدرك إحدى نقاط ارتكازه مع بداية الحرب الروسية في أوكرانيا قبل أشهر، حيث تبادل الجانبان طرد عدد من الدبلوماسيين.
فيما ألغت موسكو مفاوضات السلام مع اليابان، والتي تضمنت محادثات بشأن جزر الكوريل المتنازع عليها (خاضعة لموسكو حاليا) بينما تقول اليابان إن الاتحاد السوفياتي السابق استولى عليها في نهاية الحرب العالمية الثانية.