شبح الغزو.. ما هي خيارات روسيا في أوكرانيا؟
تحشيد عسكري روسي على حدود أوكرانيا يرفع منسوب المخاوف من "غزو" محتمل وسط توتر متصاعد بين موسكو والغرب وتكهنات تحكمها عدة خيارات.
قوات روسية تحتشد على حدود أوكرانيا في وقت تطالب فيه موسكو بضمانات أمنية من الغرب وسط مخاوفها أيضا من توسع حلف شمال الأطلسي شرقا.
ووسط فوضى التوقعات، قد يسفر غزو شامل لأوكرانيا - في حال حدوثه- عن بدء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حربا على نطاق لم يحدث منذ العراق في 2003، ما يدفع بخبراء غربيين إلى التساؤل عما إذا كان يمكن تحقيق انتصار روسي دائم.
وطبقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، ترجح التقديرات أن حوالي 100 ألف جندي روسي يحتشدون قرب الحدود الأوكرانية.
ومع ذلك، يقول الخبراء الذين يتابعون الأزمة عن كثب أنه بالنسبة لغزو البلد بأكمله، ستكون هناك حاجة لأن يتضاعف هذا الرقم تقريبا، ومن شبه المؤكد أن ينطوي على مرور القوات عبر بيلاروس.
خيارات وتحديات
ونقلت الصحيفة عن الدكتور فريد كاجان، الزميل الأقدم بمعهد "أمريكان إنتربرايز"، قوله: "على الأرجح سيتطلب هذا غزوا على نطاق لا يختلف عن 2003، ما بين 150 ألف جندي إلى 200 ألف".
وتوقع كاجان أن قوة بهذا الحجم قد تتجمع بحلول نهاية يناير/كانون الثاني الجاري، لافتا إلى أن حوالي 175 ألفا من القوات الأمريكية والحليفة شاركوا في غزو العراق قبل نحو عقدين.
وقال كاجان، الذي ساعد في إعداد عدة تقارير أدت إلى زيادة عدد القوات الأمريكية عام 2007 في العراق، إن التحدي الحقيقي أمام بوتين هو كيفية سيطرة الروس على أوكرانيا حال وقوع تمرد بعد الاستيلاء على كييف.
وأضاف كاجان، في ورقة بحثية شارك بصياغتها مع خبراء آخرين من معهد دراسة الحرب، إن عملية حاسمة ستحتاج مقاتلا مكافحا للتمرد لكل 20 من السكان، بما يشير إلى الحاجة لما يقرب من 325 ألف جندي للسيطرة على كييف والمدن الكبرى بأوكرانيا في الجنوب والشرق.
ولدى أوكرانيا جيش قوامه 145 ألف جندي، بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، لكن هناك أيضًا ما يقدر بـ300 ألف من قدامى المحاربين في الصراع منخفض الحدة بمنطقة دونباس الذي بدأ عام 2014.
وأفادت استطلاعات الرأي بأن ثلث المواطنين الأوكرانيين سيكونون مستعدين "للمقاومة المسلحة".
أفضلية؟
ومع ذلك، تتمتع موسكو بأفضلية ساحقة فيما يتعلق بغزو أولي، لاسيما فيما يتعلق بالقوة الصاروخية والجوية، وتواجه أوكرانيا عواقب ربما تكون مروعة، في هجوم شامل، ما قد يحطم الروح المعنوية للبلاد ويدفع الملايين للهرب غربا، بدلًا من القتال.
وقال روب لي، وهو جندي سابق بمشاة البحرية الأمريكية وزميل بمعهد أبحاث السياسة الخارجية، إن "روسيا لديها القدرة على تدمير الوحدات العسكرية الأوكرانية بأسلحة مثل صواريخ إسكندر الباليستية. لا نرى أبدا تقريبا أسلحة حديثة مثل هذه يتم إطلاقها؛ تمنح موسكو القدرة على إيقاع آلاف الخسائر في اليوم".
وسيكون للهجوم العسكري تأثير تحولي على الرأي العام الدولي، ويكاد يكون من المؤكد وقوع خسائر مدنية بأعداد كبيرة، وهي ترقى لمستوى عملية لا تشبه ما فعله بوتين من قبل، بما في ذلك الحرب مع أوكرانيا عام 2014، حيث تم إنكار المسؤولية العسكرية.
وسيتعين على روسيا كذلك اتخاذ قرارها بشأن كيفية التعامل مع المدن الأوكرانية، خاصة كييف التي يعيش فيها 3 ملايين نسمة، وكذلك خاركيف في شمال شرقي البلاد، ويعيش فيها 1.5 مليون نسمة.
وقال كاجان إن "حرب المدن صعبة، وتلحق أضرارا مخيفة وعانت روسيا معها في حلب"، في إشارة إلى تدخل بوتين في الحرب السورية.
وترجح التكهنات بشأن خطط روسيا -التي تستند جزئيا إلى تسريبات منشورة بصحيفة "بيلد" الألمانية- أن الكرملين سيحاصر خاركيف وفي النهاية كييف ويقطع الإمدادات، على أمل أن تستسلما.
وقد يكون ذلك أقل عنفا، لكنه سيقوض فكرة أن تصبح روسيا قوة موحدة، كما أن حصار كييف ليس بالأمر السهل، بحسب المحللين الغربيين.