لماذا يطارد شبح كورنيلوف بوتين؟

أثبتت محاولة انقلاب 1917 الفاشلة في روسيا، والتي نوه إليها الرئيس فلاديمير بوتين في خطابه، أنه حتى التمرد الفاشل، مثل ما أقدمت عليه مجموعة فاغنر، يمكن أن يغير مجرى التاريخ.

سعى بوتين إلى تشبيه تمرد يفغيني بريغوجين بانقلاب الجنرال لافار كورنيلوف، المولود في 30 أغسطس/آب 1870 بإحدى المناطق الروسية النائية التابعة حاليا لدولة كازاخستان، الذي أضعف شوكة الروس في الحرب العالمية الأولى، تماما كما تركت محاولة قائد فاغنر الانقلابية الفاشلة أثرا على الحرب في أوكرانيا، التي تفيد تقارير بأن قواتها تضاعف الجهود لاسترداد مدينة باخموت.

• "سفينة نوح".. خطة هروب سرية جاهزة لبوتين

في أغسطس/آب 1917، حاول القائد الأعلى للجيش الروسي لافر كورنيلوف القيام بمسيرة إلى سانت بطرسبرغ (عاصمة روسيا آنذاك)، ظاهريًا لكبح جماح الثورة البلشفية وإسقاط الحكومة المؤقتة بقيادة ألكسندر كيرينسكي التي تولت زمام الأمور في البلاد عقب ثورة فبراير/شباط 1917 التي أطاحت بحكم القيصر نيقولا الثاني.

أضعفت عملية الجنرال كورنيلوف الفاشلة حكومة كيرينسكي التي ظهرت بموقف الرجل المريض عقب استعانتها بالبلشفيين لحماية بتروغراد، وبسبب ذلك تمكن البلشفيون من قلب نظام الحكم يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1917 وإزاحة حكومة كيرينسكي المؤقتة، لتدخل بذلك روسيا وأوروبا الشرقية في مرحلة جديدة تميّزت بدمويتها وأسفرت عن سقوط عشرات ملايين القتلى، كان من بينهم 20 مليونا خلال عهد ستالين لوحده الذي شهد مجاعة أوكرانيا المفتعلة بالثلاثينيات والتي أسفرت لوحدها عن وفاة ما لا يقل عن 5 ملايين شخص.

ويرى المؤرخون أن تمرد 1917 الذي قاده الجنرال لافر كورنيلوف كان واحداً من أكثر حركات التمردات التي عاشها الروس تخبطاً في القرن العشرين.

وقد وجد الرئيس بوتين نفسه مضطراً للتأكيد للروس على أن التمرد -حتى وإن فشل- سيكون له عواقب مروعة.

هناك الكثير من أوجه الشبه بين كورنيلوف وبريغوجين، فبالعودة إلى عام 1917 كان كورنيلوف ضابطا شق طريقه في صفوف القوات المسلحة دون الاستفادة من امتياز الأسرة، وتعرض للأسر من قبل النمساويين في وقت سابق من الحرب، ونجح في الهروب عبر الجبال وأصبح أحد أبطال الجيش الروسي.

في السياق ذاته، كان بريغوجين موضع تقدير لدى الكثير من الروس بسبب الانتصارات التي تمكنت قوات فاغنر من تحقيقها في أوكرانيا.

إضافة إلى ذلك، بعد انتهاء تمرد كورنيلوف وسجنه، استغل تراخي القبضة الأمنية في سجن بيكوف، وسرعان ما نجح في التخطيط للهروب إلى جنوب روسيا، ففر إلى منطقة دون المحيطة بمدينة روستوف أون دون، والتي كانت بعد قرن من الزمان أول مدينة استولى عليها بريغوجين في محاولة انقلابه التي لم تستمر لأكثر من 24 ساعة.