إيران وتركيا وروسيا.. لنترك الأزمة السورية بلا حل
رغم التلهف الدولي لإعلان انحسارها لا نهاية وشيكة تلوح في الأفق للحرب في سوريا لمجرد أن قادة روسيا وتركيا وإيران سيجتمعون في أنقرة
رغم التلهف الدولي لإعلان انحسارها، لا نهاية وشيكة تلوح في الأفق للحرب الدامية في سوريا لمجرد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوف يجتمع مع نظيريه التركي رجب طيب أردوغان، والإيراني وحسن روحاني في أنقرة، غدا الأربعاء، في جولة جديدة من مفاوضات "الترويكا".
وفي تحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، قال كبير المراسلين الدوليين نيك باتون ويلش، إن هؤلاء القادة يمثلون أكبر 3 قوى عسكرية أجنبية تعمل الآن داخل سوريا، باستثناء الولايات المتحدة، التي قال قائدها الأعلى، الرئيس دونالد ترامب في نهاية الأسبوع الماضي إن بلاده ستترك قريبا "الآخرين" يعتنون بسوريا.
وأشار إلى أن روسيا وتركيا وإيران يلتقون دون مساهمة عامل مهم بشكل منطقي في هذه التجربة الشنيعة في القسوة الإنسانية: السوريون.
وأضاف: يمكن القول إن النظام في دمشق سيفعل ما تمليه عليه طهران أو موسكو، لكن احتمال اتفاق روسيا وتركيا وإيران على ما ينبغي أن يكون عليه الوضع الراهن الجديد داخل سوريا يبدو أنه سيكون بديلا مؤقتا في أفضل الأحوال، يتجاهل أسباب الحرب الأساسية وغير المحسومة.
واعتبر أن الفرضية المقبولة لهذا الحل الثلاثي هو أن إيران وروسيا تشعران بالرضا لأن النظام لديه صلاحية الكاملة للوصول إلى الساحل، ومسار آمن على طول الطريق إلى العاصمة العراقية بغداد التي من خلالها تستطيع طهران أن تزعج إسرائيل وتسيطر على المنطقة، وفي المقابل يمكن أن تحتفظ موسكو بقاعدة جوية على البحر الأبيض المتوسط.
وتابع: من المفترض أن تكون تركيا سعيدة لأن وكلاءها يسيطرون على المنطقة الواقعة غرب نهر الفرات إلى إدلب، ويوفرون مساحة لمسلحي المعارضة لإنشاء مجتمعاتهم الخاصة التي ربما يعود إليها ملايين اللاجئين السوريين الموجودين حالياً في تركيا.
ورجح أن الملحق غير المعلن لهذا المخطط هو أن الأمريكيين يحتفظون بقوة نيران كافية ونفوذ في الشمال الشرقي لكي تبقى المنطقة جيبًا سوريًا كرديا بحكم الواقع لسنوات مقبلة.
عيوب طويلة وقصيرة المدى
وارتأى أن العيوب قصيرة المدى لهذا الحل بدأت تظهر الآن، حيث تركز أنقرة أنظارها على التحرش بمنبج، الواقعة على الجانب الآخر من غرب الفرات، التي يحتفظ بها حاليا الأكراد السوريون بدعم أمريكي.
كما يتطلع النظام السوري إلى المنطقة الأكثر ازدحاما بالسكان في الشمال الغربي، حيث تتمتع تركيا بنفوذ كبير: إدلب التي فر إليها المعارضون السُنة من الغوطة وحلب وأماكن أخرى إلى جانب عشرات الآلاف من المدنيين.
ونوه بأن هذه مجرد مشكلات قصيرة المدى، غير أنه من الصعب حل المشكلات على المدى الطويل.
وتوقع أنه بشكل أساسي، سيفشل هذا الترتيب الثلاثي المفترض في التعامل مع القضايا الديموغرافية والطائفية الكامنة التي أشعلت الحرب في المقام الأول.
ولفت إلى أن السنة في سوريا انتفضوا ضد نظام يهيمن عليه الشيعة في عام 2012، ولا يزال هؤلاء السنة يفتقرون إلى التمثيل المناسب أو الوطن الفعلي، ويجري ضغطهم في جيب صغير من الشمال الغربي، وخارج حدود سوريا إلى تركيا والأردن، وكثير منهم في لبنان أيضًا.
وحذر من أن إبقاء هؤلاء السكان المحرومين والمحاصرين والذين يعانون من نقص الموارد في الأنقاض والخيام والأراضي الريفية في إدلب لن يقلل من تأثير المتطرفين في وسطهم بل سيزيد من تضخيمه.
وتنبأ بحدوث شيئين يمكن إدراجهما في الحسابات خلال في الأشهر المقبلة: أن روسيا والنظام سيقصفان إدلب وآلاف المدنيين، وأن مسلحي المعارضة من السُنّة الذين يحتمون بها سيردون بأقصى ما يستطيعون، وسيواصل الجانبان فعل ما قاما به من قبل.
ثانياً، الأكراد السوريون، بفضل هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا، يسيطرون الآن على جزء كبير من الشمال الشرقي، وكل شيء شرقي نهر الفرات لم يكن كرديًا على نحو حصري قبل داعش وليس كذلك الآن، لكن قوات سوريا الديمقراطية هي السلطة الثابتة هناك.
ورجح أنه إذا غادرت الولايات المتحدة، كما قال الرئيس دونالد ترامب، فمن المحتمل أن يكون على الأكراد السوريين إما صياغة اتفاق تعايش مع النظام السوري أو يفعلون ذلك بمفردهم، ربما ضد القوات التركية وقوات النظام.
3 قوى.. 3 أجندات
عزز النظام السوري الشيعي المدعوم من إيران وروسيا سيطرته على الأراضي التي يريدها، لكن غالبية البلاد -السنة في سوريا- لم يحلوا مسألة المكان الذي سيعيشون فيه ومن سيحكمهم، هذا ما أشعل الصراع، ويجب حله إذا كان مقدرا له أن ينتهي.
أخيراً، القوى الثلاث المهيمنة في سوريا، المعارضة المدعومة من تركيا، والأكراد السوريون المدعومون من الولايات المتحدة، والنظام المدعوم من إيران وروسيا، لديهم مؤيدون يملكون أجندات متعارضة تماما.
تريد تركيا هزيمة الأكراد، ويريد النظام هزيمة المعارضين الذين تدعمهم تركيا، وإخراج الولايات المتحدة. والولايات المتحدة تريد هزيمة إيران وطموحات النظام الإيراني في المنطقة، وفي الوقت نفسه تبقي روسيا تحت المراقبة.
واختتم بالقول، إنه يمكن لقادة روسيا وإيران وتركيا أن يبتسموا للكاميرات في أنقرة، لكنهم لا يزالوا يسيرون على الزجاج السوري المكسور.
aXA6IDMuMTQyLjUzLjE1MSA=
جزيرة ام اند امز