أوروبا تقيم جدارها الدفاعي الاستراتيجي في غياب الروافع الأمريكية
![صاروخ ستورم شادو البريطاني](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/14/113-182154-russia-ukraine-putin-europe-war_700x400.jpg)
في ظل الاحتمالات بتقليص الدعم الأمريكي لحلف الناتو، تجد الدول الأوروبية نفسها أمام تحدٍّ غير مسبوق لتعزيز دفاعاتها العسكرية.
وتقود بولندا ودول البلطيق جهودًا واسعة لبناء تحصينات دفاعية، بما في ذلك مشروع "القبة الحديدية الأوروبية" لحماية حدودها الشرقية، في حين تواصل ألمانيا وفرنسا زيادة إنفاقهما العسكري لمواجهة السيناريوهات المحتملة.
وعلى بعد أكثر من 1500 كيلومتر من لندن، تشهد المناطق الريفية في بولندا، فنلندا، ودول البلطيق نشاطًا مكثفًا في بناء الدفاعات الميدانية، حيث يتم إنشاء خنادق مضادة للدبابات، وحواجز، وملاجئ محصنة، في حين يجري التفكير في استخدام حقول الألغام، بما في ذلك الألغام المضادة للأفراد، رغم الجدل حولها.
وبحسب تقرير لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية، تستثمر بولندا أكثر من 2.5 مليار يورو في نظام دفاع حدودي، يشمل مشروعًا لإنشاء "قبة حديدية" لحماية حدودها الشرقية، على غرار النظام الإسرائيلي المضاد للصواريخ والطائرات المسيّرة.
وصرّح رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك خلال اجتماع مع قادة أوروبيين في وارسو في مايو/أيار الماضي قائلا: "إن إنشاء قبة حديدية ضد الصواريخ والطائرات المسيّرة أمر ضروري.. ولا يوجد سبب يمنع أوروبا من امتلاك درع دفاعية صاروخية مثل إسرائيل".
ويشمل المشروع البولندي حواجز مضادة للدبابات، وملاجئ محصنة، وتقنيات ذكاء اصطناعي لمكافحة الطائرات المسيّرة، ويُعد أحد أكبر الاستثمارات الأمنية في تاريخ البلاد الحديث، مما يعزز مكانتها كقوة دفاعية أوروبية بارزة. وفي هذا الصدد، رفعت بولندا ميزانيتها الدفاعية إلى 37 مليار يورو (4.7% من ناتجها المحلي الإجمالي)، مع خطط لزيادة أكبر.
في سياق متصل، تستثمر دول البلطيق مئات الملايين من اليوروهات في تحصين حدودها ضد "الحرب الهجينة" التي تنتهجها روسيا. ومن المقرر أن تبدأ إستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا تنفيذ مشروع دفاعي رئيسي في 2025.
سباق تسلح أوروبي
وتشهد أوروبا تسارعًا في الاستثمار في الصناعات الدفاعية. ويتم ضخ أكثر من مليار يورو في بناء مصانع ذخيرة جديدة، خصوصًا لإنتاج قذائف المدفعية من عيار 155 ملم التي تستخدمها أوكرانيا بمعدلات غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية.
في المقابل، تتخذ المملكة المتحدة نهجًا مغايرًا؛ حيث تقوم بتقليص معدات عسكرية بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني، بما في ذلك سفن، وطائرات مسيّرة، ومروحيات، في ظل انتظار نتائج المراجعة الدفاعية الاستراتيجية، المتوقع صدورها في أواخر فبراير/ شباط 2025، وربما تتأخر أكثر بسبب البيروقراطية.
ووفقا للتقرير، لا تستطيع البحرية الملكية نشر مجموعة حاملة طائرات دون دعم أمريكي أو حلفاء آخرين، ولا تستطيع القوات البرية حشد فرقة كاملة من 15,000 جندي رغم امتلاكها 70,000 جندي، فيما لا يستطيع سلاح الجو توفير أكثر من 100 طائرة تايفون، في الوقت الذي يمتلك أقل من 24 طائرة جاهزة للقتال.
هل تستعد أوروبا لحرب جديدة؟
يشير خبراء إلى أنه إذا خسرت أوكرانيا الحرب ضد روسيا، فقد يؤدي ذلك إلى تصعيد عسكري روسي تجاه دول البلطيق، فنلندا، أو حتى بولندا، خلال 3 إلى 5 سنوات. ونظرًا للوقت الطويل الذي يستغرقه إنتاج المعدات العسكرية - 28 إلى 30 شهرًا للطائرات المقاتلة، و18 إلى 24 شهرًا للدبابات، و30 شهرًا للفرقاطات - فإن أي تأخير في الاستعداد قد يكون مكلفًا.
وبينما تقوم دول مثل فرنسا، وهولندا، والسويد، والنرويج برفع ميزانياتها العسكرية، تبرز ألمانيا كمفاجأة كبيرة، حيث رفعت إنفاقها العسكري بنسبة 66 % منذ 2014، وخصصت 100 مليار يورو لسد الفجوات في المعدات والذخيرة بعد العملية الروسية في أوكرانيا عام 2022.
من ناحية أخرى، تعتمد بريطانيا على "وسادة دفاعية" طولها 1,700 كيلومتر، حيث يفترض البعض أن أي هجوم روسي سيتطلب اختراق دول البلطيق، فنلندا، وبحر البلطيق، وألمانيا، والسويد، والدنمارك، والنرويج قبل الوصول إلى المملكة المتحدة.
هذا الافتراض جعل المسؤولين البريطانيين أكثر تراخيًا، كما أظهر تصريح وزير الدفاع السابق غرانت شابس، الذي قال إن حلفاء الناتو سيتعاملون مع أي تهديد قبل وصوله إلى المملكة المتحدة.
لكن مع تصاعد التهديدات، بما في ذلك الهجمات التخريبية التي استهدفت كابلات الإنترنت البحرية في بحر البلطيق، ومحاولات روسية لاختبار الأمن الأوروبي عبر عمليات تفجير في المطارات ومراكز الشحن، يخشى البعض أن تكون بريطانيا غير مستعدة للرد الفوري إذا طُبّقت المادة 5 من بند الدفاع المشترك للناتو.
aXA6IDMuMTQ4LjEwMy4zMiA= جزيرة ام اند امز