روسيا على حدود أوكرانيا.. قوة "الأفعى العاصرة"
تعزيزات عسكرية روسية ضخمة قرب أوكرانيا تضم بعضا من أقوى منظومات موسكو إضافة إلى قوات على مستوى عالٍ من التدريب.
ووضعت روسيا في تعزيزاتها التي تسارعت خلال الأسابيع الأخيرة، قبل أن تعلن الثلاثاء انسحاب جزء منها، قوات على ثلاث جهات لأوكرانيا: في بيلاروسيا، وغرب روسيا، والقرم، وعلى السفن البحرية في البحر الأسود، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
وتتضمن القوات بعضا من أفضل الكتائب الروسية تدريبا، والقوات الخاصة، والصواريخ أرض-أرض التي يمكنها ضرب الأهداف في شتى أنحاء أوكرانيا.
وطبقًا للتقييمات الأمريكية، لايزال يمثل ما تملكه روسيا من أكثر من 130 ألف جندي عددًا قليلًا للسيطرة على الدولة بأكملها واحتلالها.
وقال خبراء عسكريون إن حرب المدن لا تزال تشكل تحديا، كما كان الحال بالنسبة للقوات الروسية التي كانت تقاتل في الشيشان منذ أكثر من عقد من الزمان، وبالنسبة للولايات المتحدة وشركائها في مدينة الموصل العراقية في حربهم الأخيرة ضد مسلحي تنظيم داعش.
ومع ذلك، توفر عمليات الانتشار الروسية لقادتها مزايا هائلة، حيث تشمل القدرة على توجيه ضغطات سريعة تجاه العاصمة الأوكرانية، والسيطرة على مساحات من الأراضي، والتحكم في الأجواء، وفرض حصار على موانئ البلاد، بحسب ما قاله مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون.
مزايا
أوضحت الخبيرة في الشؤون العسكرية الروسية، دارا ماسيكوت، أن "المزايا قوية جدا بخط الهجوم، حيث يمكنهم أن يتحركوا بسرعة ويستخدموا المدفعيات وأنظمة الصواريخ ذات المدى الطويل ومعدل إطلاق نيران مرتفع لاستهداف المنشآت العسكرية، والدفاعات الجوية، ووحدات الجيش."
وأضافت ماسيكوت: "لكن بمرور الوقت، ستصبح المهمات أكثر تعقيدا بالنسبة لهم، مثل السيطرة على الطرق، وتأمين الأراضي، وتطويق المدن. ستكون حرب المدن شديدة الاستخدام للقوات، وهم لا يتدربون على هذا النحو."
وعلى مدار شهور، قال المسؤولون بإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه حال شنت روسيا هجمات، ستوسع الولايات المتحدة نطاق إمداداتها من الأسلحة إلى القوات الأوكرانية، بالإضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية.
وقبل ساعات، أعلنت روسيا عودة جزء من قواتها المنتشرة قرب الحدود الأوكرانية إلى قواعدها،
قبل ذلك، وتحديدا الأحد، قال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي إن روسيا سرعت بشكل حاد تعزيزات وأن الهجوم يمكن أن يحدث "بشكل أساسي في أي وقت."
فيما قالت موسكو إنها لا تنوي غزو أوكرانيا لكن قد تتخذ تدابير إجراءات عسكرية انتقامية ضد ما وصفه الرئيس فلاديمير بوتين بـ"خطوات غير ودية."
وطبقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، تحسنت القوات الأوكرانية، وتبلغ حوالي 260 ألفا، منذ عام 2014 عندما ضمت روسيا منطقة القرم الأوكرانية، ودعمت الانفصاليين في شرق أوكرانيا.
ومنذ ذاك الوقت، استفادت القوات الأوكرانية من المستشارين الأمريكيين والغربيين الآخرين وزيادة الدعم. ومع ذلك، ستواجه تلك القوات صعوبة إذا اضطرت للدفاع عن نفسها ضد هجمات روسية محتملة على عدة محاور، بحسب محللين عسكريين.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن أفضل القوات الأوكرانية متمركزة على حدود دونباس، حيث يدور القتال ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا منذ 2014. وقد تصبح تلك القوات الأوكرانية عرضة للتطويق حال هاجمت القوات الروسية من الشمال والجنوب.
وأرسلت الولايات المتحدة وحلفاؤها بحلف شمال الأطلسي (الناتو) أسلحة مضادة للدبابات، وصواريخ "ستينغر" للدفاع الجوي، وأنظمة القتال الأخرى إلى أوكرانيا.
كما استحوزت أوكرانيا على طائرات مسيرة تركية الصنع، استخدم أححدها في أكتوبر/تشرين الأول لتدمير مدفع هاوتزر يوجهه الانفصاليون المدعومون من روسيا.
"أفعى عاصرة"
ومع ذلك، لم تتضمن شحنات الأسلحة التي زودتها بها الولايات المتحدة وشركائها منظومات دفاع جوي متطورة أو صواريخ مضادة للسفن، مما يعيق قدرة الأوكرانيين على الدفاع عن أنفسهم ضد الجيش الروسي الأكثر حداثة.
وقال الجنرال المتقاعد بن هودجز، الذي خدم بمنصب قائد الجيش الأمريكي في أوروبا من 2014 إلى 2018، إنه من خلال تطويق أوكرانيا على ثلاث جهات، ربما يحاول الكرملين الإضرار باقتصاد البلاد وتقويض حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي بينما يبقى الخيارات العسكرية مطروحة.
وأضاف هودجز: "القوات الروسية مثل الأفعى العاصرة حول أوكرانيا. إذا تمكن الكرملين من إحداث انهيار، لن يضطر للهجوم أو القلق بشأن العقوبات."
وقال المسؤولون الروس إن قواتهم الموجودة في بيلاروسيا تجري تدريبات مشتركة مع جيش البلاد في حين يتم إجراء مناورات بحرية روسية في البحر الأسود.
ورأى محللون غربيون أن التدريبات في بيلاروسيا تتيح الفرصة للقوات الروسية صقل التكتيكات والتدريب على هجوم محتمل.
وفي مقدمة القدرات الروسية، تم نشر مجموعات تكتيكية من الكتائب قرب أوكرانيا، بما في ذلك بيلاروسيا، بحسب تقييمات أمريكية. ويعمل بتلك الوحدات، التي يتراوح عدد كل منها عامة ما بين 700 إلى 800 جندي، جنود محترفون بدلاً من المجندين.
وقال مسؤولون أمريكيون إن المجموعات التكتيكية قادرة على المناورة السريعة على التضاريس المفتوحة، بما في ذلك الاندفاع نحو كييف، لكنها صغيرة للغاية على الدفاع عن مناطق كبيرة.
وأضاف مسؤولون حاليون وسابقون أنه حال تم توجيه أوامر شن هجوم كبير، فمن المرجح أن تتبع الكتائب والألوية الروسية التقليدية لتعزيز المكاسب.
وقد تستخدم المروحيات الروسية، التي لوحظ تحركها تجاه المنطقة، من أجل إدخال القوات المحمولة جوا عند تقاطعات الطرق والجسور، وإطلاق النار على التعزيزات الروسية التي تتقدم.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أنه حال وقوع هجوم روسي، ستعطي مقاتلات "Su-35" الروسية ومنظومة الدفاع الجوي "S-400"، التي نشرتها موسكو في بيلاروسيا ويمتد مداها إلى أوكرانيا، أفضلية للروس في السماء.
وأفاد تقييم أجراه الباحثون بالمجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث في واشنطن، بأن "تلك الأنظمة ستساعد روسيا في تحقيق تفوق جوي على سلاح الجو الأوكراني خلال أيام من بداية غزو آخر" كما ستردع طائرات الشحن والاستطلاع الأمريكية والحليفة من التحليق بالمجال الجوي الأوكراني.
وقال مسؤول غربي إن حوالي 60% من القوة القتالية البرية لروسيا موجودة قرب أوكرانيا. ونشرت روسيا وحدات من قواعد نائية قرب الصين في أقصى شرق البلاد، وثكنات قرب النرويج في الشمال، ومن المنشآت في الجنوب قرب جورجيا وأذربيجان، بحسب خبراء غربيين وروايات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
واتجهت سفن حربية إلى البحر الأسود من المياه القطبية الشمالية لروسيا وبحر البلطيق، لتعطي موسكو القدرة على حصار الموانئ الأوكرانية.
aXA6IDMuMTM2LjIyLjE4NCA= جزيرة ام اند امز