صلاح عبدالحق والتلمساني.. "محاكاة فاشلة" للتأسيس الثاني للإخوان
بخارطة طريق "قديمة ومهترئة"، يطل صلاح عبدالحق القائم بأعمال المرشد، قائد جبهة لندن في تنظيم الإخوان، محاولا إعادة إحياء التنظيم.
خارطة طريق اتبعها سابقا عمر التلمساني، عندما أراد إعادة إحياء التنظيم فيما عرف بـ"التأسيس الثاني"، لكن الطرق تغيرت، والعقول تفتحت، والألاعيب انكشفت، فلم تعد تلك الخارطة تصلح لهذا الزمان، ويرى المحللون أن مصيرها "الضياع في أرض الأوهام".
- "عبد الحق" يشعل الخلاف الإخواني.. الصراعات تفكك التنظيم المأزوم
- صلاح عبدالحق.. مرشد "لحين ميسرة" بجبهة إخوان لندن
خطاب "عاطفي"
وتحت عنوان "حديث الثلاثاء"، بث تنظيم الإخوان الإرهابي (جبهة لندن) مقطع فيديو، بخطاب عاطفي، لـ"عبدالحق"، رأه بعض المتابعين حيلة لإعادة التنظيم مرة أخرى.
وركز "عبدالحق" في محتوى رسالته على إعادة أقوال مؤسس التنظيم حسن البنا، والتي يرفض فيها الثورة ويحدد لها شروط لم يجدها موجودة في المجتمع، وبالتالي فلم يحن وقتها.
وفي الحديث المذكور أقر عبدالحق بـ"هزيمة التنظيم"، لكنه لم يحمل المسؤولية لأي من قيادات الإخوان".
كما خاطب أسر الإخوان المدانيين والمسجونين، وأسر من قتلوا في الاستباكات مع الدولة المصرية، بخطاب عاطفي ختمة بوصلة بكاء.
تخبط وتراشق
وتأتي أهمية هذه الرسالة أنها جاءت في أعقاب الصخب الدائر بين جبهات الإخوان المنشقة والمتصارعة حول شكل وأسلوب الجماعة في الفترة المقبلة.
فـ "جبهة لندن" بقيادة صلاح عبدالحق ومحمد البحيري وحلمي الجزار وأسامة سليمان يرغبون في تحول الجماعة إلى تيار عام أو جماعة دعوية والتخفف من التنظيم قليلًا.
في مقابل جبهة إسطنبول التي ترى الاستمرار في شكلهم التقليدي كجماعة هرمية ذات خطاب سياسي معارض وتدعوا لحمل السلاح إذا حان الوقت، ويكفيها حاليًا التحريض على العنف والإرهاب.
وتعارضهما "جبهة المكتب العام" التي ترى خطأ التوقف عن العمل المسلح الذي حملوه منذ 2013 وحتى مقتل زعيمهم الروحي" محمد كمال " في 2017.
ووسط هذا التخبط والتراشق بين الجبهات والاتهامات المتبادلة يطل صلاح عبدالحق قائد جبهة لندن وكأنه يحمل خريطة طريق قديمة جديدة، باتباع ذات الخطوات التي اتبعها عمر التلمساني عندما أراد إعادة التنظيم مرة ثانية فيما عرف بـ"التأسيس الثاني".
دلالات رسالة "عبدالحق"
وحول رسالة صلاح عبدالحق وما تحملة من دلالات يرى مختار نوح، القانوني الدولي والقيادي السابق في جماعة الإخوان، أن محاولة "عبدالحق" محاكاة "عمر التلمساني" بغرض إحياء الإخوان من الرقاد هي محاولة "محكوم عليها بالفشل الذريع".
وأضاف نوح في حديث لـ"العين الإخبارية"، أنه "من المعلوم أن عمر التلمساني هو من أعاد الجماعة للحياة مرة أخرى ولكن لم يكن يستطيع أن يفعل هذا بمفردة ودون مساندة".
وتابع: "لولا أن ثمة اتفاق تم بينه وبين رئيس مصر الأسبق محمد أنور السادات، الذي سمح له بالعودة لمواجهة بعض التيارات السياسية المعارضة له، بهدف إحداث توازن في قوى المعارضة لما استطاع العودة".
محاولة "فاشلة"
وبين نوح أن "أول خطوة قام بها عمر التلمساني كانت إعادة (حديث الثلاثاء) كلقاء عام في مسجد الخلفاء الراشدين في مصر الجديدة، في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وبعد أن تمكن الإخوان من المسجد تماماً وصار ملكًا لهم تحت سمع وبصر المسئولين".
وأضاف: "أما ثاني هذه الخطوات فتمثل في إعادة شخصية حسن البنا، كرمز للحركة الإسلامية بعيدًا عن شخصية (سيد قطب) المليئة بالمشاكل، وألف في ذلك الكثير من الكتب التي تمجد شخص البنا، حتى صار إمامًا وشهيدًا في نفوس الكثير من جيل الشباب ممن أطلق عليهم فيما بعد (التيار الإسلامي) أو (شباب الصحوة الإسلامية)".
واستطرد: "أما ثالث خطوة فكانت نشر مظلومية الإخوان، وفي هذا الإطار سطر الإخوان الكثير من الكتب والمقالات التي تصف سجن الإخوان بأبشع الصور غير الحقيقية، وباتهام شخصيات بعينها بأنها مارست التعذيب بنفسها على غير الحقيقة مع مبالغات غير منطقية، كل هذا كون وجدان الشباب وجهز الأرض لعودة الإخوان مرة ثانية".
الإرهابيون.. الثمرة النهائية
ونبه نوح لخطورة السماح في الماضي بعودة الجماعة؛ بقوله: "عندما صدق الشعب المصري ادعاء الإخوان بأنهم جماعة دعوية فقط توقفت عن العنف وأنها عادت إلى رشدها، سمح الأهالي بانخراط بعض أبناءهم في صفوف الإخوان، فهم - حسب قوله- يعلنون خلاف ما يبطنون".
وأضاف: "هم يبدأون بالحديث عن الإسلام والمسلمين والإنشغال بقضايا الأقليات ثم تدريجيًا يتحول خطابهم إلى قضايا عامة والشأن السياسي، ثم بعد أن يتمكنوا من مفاصل المجتمع يقوموا بفرض رؤيتهم على الآخرين مثل ما رأيناه في النقابات وغيرها من مؤسسات الدولة، ثم إذا تمكنوا يقهرون الناس يحملونهم بقوة السلاح على مايريدون، مثل ما شهدناه بعد 2013".
ولفت إلى أن "هؤلاء الذين حملوا السلاح في وجه الجيش والشرطة وحرقوا محولات كهرباء وفجروا أعمدة الإنارة، والمؤسسات، والكمائن، هم ثمار تربية الإخوان النهائية".
دليل "كذب" عبدالحق
ورفض نوح أي صوت أو أي محاولة لقبول إعادة خارطة الطريق التي اتبعها عمر التلمساني، فهي في رأيه محاولة لإعادة الإرهاب مرة ثانية إلى مصر والعالم العربي.
ودعا نوح من يريد أن يتحقق من صدق جرائم الإخوان "أن يطلع على التحقيقات التي اعترف وأقر فيها الإخوان بحملهم السلاح، وقيامهم باغتيال النائب العام، أو ضباط الشرطة في كرداسة، وحلمية الزيتون، وغيرها".
الفشل.. مصير محتوم
وأوضح نوح أن "عبدالحق يريد أن يسير في نفس الطريق، بإعادة ما يسمى (حديث الثلاثاء) ولو على الإنترنت وعالم (السوشيال ميديا)، لكن من المؤكد أنه سيفشل تماما".
وأوضح نوح سبب فشل عبدالحق، قائلا: "أولا الجيل الذي استمع إلى عمر التملساني لم يكن يعلم الكثير عن الإخوان ويفصل بينه وبين أخطر عمليات الإخوان الإجرامية مثل محاولة اغتيال الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر في المنشية عقد أوعقدين من الزمان".
وتابع: "ثانيًا: عمر التلمساني قام بهذا بعد الاتفاق مع رئيس الدولة الذي سمح له بكل تلك الخطوات".
أما "عبدالحق"- بحسب نوح- فإنه "يخاطب أجيالا عاصرت جرائم الإخوان وشاهدة عليه، فكيف سيتنصل مما ارتكبته جماعته، وكيف سيصنع مظوميتها والجميع شهود عليها".
ثانيًا: "لا أحد في الدولة المصرية سيسمح له باعادة التنظيم ولا التمهيد لذلك، ولن يسمحوا لا اليوم ولا غدا ولا في أي يوم".
واستطرد: "ثالثا: نحن في عصر التكنولوجيا والتوثيق الرقمي، وجرائم الإخوان حاضرة وموجودة، ولا يمكن تبريرها أو الكذب بشأنها، فحريق دواوين المحافظات موجود ومسجل، وكل كلمات التحريض التي قيلت من على منصة (رابعة) أو (النهضة) حاضرة ومسجلة ولا يمكن التنصل منها".
الإخوان
واختتم القيادي السابق في التنظيم قراءته لرسالة عبدالحق، قائلا: "الإخوان كعادتهم يهربون من مواجه الحقيقية، وهي أنهم ألعوبة في يد مخابرات دول غربية، وهي التي تقرر لهم ماذا يفعلون وما لا يفعلون".
وأضاف: "لو أرادوا إنهاء أزمتهم عليهم أولا الاعتراف والإقرار بجرائمهم التي ارتكبوها ويتهمهم بها النائب العام، أو الجرائم التي لم تكتشف بعد وارتكبوها بالفعل في حق الشعب المصري والدولة المصرية أو الدول العربية التي حرضوا عليها وأعلنوا عن عملياتهم الإرهابية فيها".
واستطرد: "ثم بعد أن يعترفواـ عليهم أن يتوبوا عن إثم العمل ضد الأوطان، بأن يصلحوا ما أفسدوه، وأخيراً عليهم أن يعلنوا حل الجماعة وفك التنظيم وأن يتحمل كل من تلوثت يده بدماء عقوبته أمام القضاء، ولكنهم لن يفعلوا فأمرهم بيد من يحركهم".