محللون سوريون لـ"العين الإخبارية": عودة علاقات تونس ودمشق ضربة لمخططات الإخوان
سياسة خارجية متزنة أعادت بموجبها تونس ضبط بوصلة علاقاتها بمحيطها العربي والإقليمي، مبتعدة فراسخ عن تلك التي كان ينتهجها تنظيم الإخوان في "العشرية السوداء".
فبعد أن تمكنت تونس من ضبط البيت الداخلي، بانتخاب برلمان وإقصاء الإخوان من الحياة السياسية، في انتظار محاكمتهم على ما اقترفوه من جرائم بحق البلد الأفريقي، ولت وجهها شطر محيطها العربي والإقليمي، لإعادة إصلاح ما أفسده التنظيم الإرهابي.
أول الملفات الخارجية التي شهدت حراكًا مفاجئًا ومتسارعًا في آن، كانت العلاقات السورية التونسية، والتي قاد الرئيس قيس سعيد حراك إعادة المياه إلى أنهارها، بعد أن ظلت طيلة 12 عامًا ناضبة.
ففي شهر واحد، ودعت تونس وسوريا قطيعة الأعوام الماضية، بإنجاز عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وافتتاح السفارات في دمشق وتونس.
وبحسب مصادر تحدثت إلى "العين الإخبارية"، فإن التحرك التونسي نحو سوريا، كان "مفاجئاً بالنسبة لجديته وسرعته، والرغبة بتطوير العلاقات التي قطعت، إثر انحياز تونس بقيادة حزب النهضة الإخواني لأطراف حاربت الدولة السورية، ووصلت إلى مرحلة تجنيد مقاتلين سافروا إلى سوريا والتحقوا بصفوف تنظيمات صنفت دولياً على أنها إرهابية".
فيما قال المحلل السياسي السوري ميلاد المقداد، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن خطوة تونس جاءت التحاقاً برياح التغيير العربي نحو سوريا، مشيرًا إلى أن دمشق تنطلق في نظرتها للعلاقات العربية - العربية بمعزل عن أي خلافات ذات طابع سياسي.
وأوضح، أن هناك روابط اجتماعية وثقافية وتاريخًا مشتركًا يربط العرب فيما بينهم، مما يجعل تلك الروابط أهم من السياسة.
وأشار إلى أن سوريا كانت تطالب منذ بداية الأزمة، بتحييد ما هو مختلف عليه في السياسة، والإبقاء على العلاقات الثنائية، مؤكدًا أن دمشق كانت تنظر إلى تونس كدولة شقيقة، إلا أن شعبها كان مُضللا من قبل حزب النهضة الإخواني، في بداية الأزمة السورية.
وبحسب المحلل السياسي التونسي، فإن الشعب التونسي كان "أول من اكتشف حقيقة ما يجري في سوريا، بعد عودة المخربين والإرهابيين التونسيين إلى بلادهم، والذين جاؤوا لسوريا، والتحقوا بصفوف التنظيمات الإرهابية من داعش والقاعدة".
تأثير الإخوان يتلاشى
ويقول المقداد، إن مجريات الأحداث أثبتت أن "هؤلاء المخربين والإرهابيين لا يريدون لا ديمقراطية -كما يزعمون- ولا أن يكون الشعب السوري سيدا ومستقلا كما كان دائما".
وأشار إلى أن ما سمي بـ"الربيع العربي" كان بمثابة برنامج لتفتيت الدول عبر "الإخوان المسلمين"، مؤكدًا أن تلك الجماعة "سعت لإضعاف وتفتيت الجميع، إلا أن هذه السياسة سقطت اليوم".
وأضاف المحلل السوري: "كنا أمام مرحلة دموية كبيرة، ونأمل أن نكون على أعتاب مرحلة جديدة، قائمة على احترام السيادة الوطنية لكل الأقطار العربية فيما بينها، والتأكيد على أن ما يجمع العربي أكثر مما يفرقهم".
وأشار إلى أن المبادرة التونسية تعتبر إنجازًا مميزًا للشعب التونسي والسوري، معبرًا عن أمانيه في أن تنطلق "العلاقات العربية – العربية من مصالح تلك البلدان السيادية".
الإمارات سباقة
وأكد المقداد أن الجميع بات يدرك بأن الدولة السورية القوية هي مصلحة عربية، ويجب ألا يكون العرب بعيدين عنها، مشيرًا إلى أن دولة الإمارات من قادت هذا الحراك.
وأشار إلى أن "النخبة الإماراتية استطاعت قراءة هذا الأمر مبكرًا"، مؤكدًا أنهم عرفوا أن البعد عن سوريا بمثابة خسارة للصف العربي.
أبواب دمشق مفتوحة
في السياق نفسه، قال عضو مجلس النواب السوري رامي صالح، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن العلاقات السورية - التونسية كانت متميزة على الدوام، مشيرًا إلى أن وجود السفارات اليوم يسهل المزيد من التعاون بين البلدين.
واعتبر البرلماني السوري أن أبواب دمشق مفتوحة أمام كل الخطوات العربية تجاهها، مشيرًا إلى أن سوريا ما زالت قلب العروبة النابض؛ فهي لم تبادر للخروج من العمل العربي المشترك.
وأضاف عضو مجلس النواب السوري: "نرحب بعودة هذه العلاقات، ونتمنى أن تكون العلاقات السياسية بين الدول العربية بمستوى العلاقات بين شعوبها".
وبحسب مقداد صالح، فإن هناك مراجعة عربية لما جرى في سوريا، مشيرًا إلى أن القيادة السورية منفتحة على كل هذه المراجعات؛ كونها لم تبادر بأي عمل سلبي تجاه أي دولة عربية.