رئيس برلمان تونس يكشف لـ"العين الإخبارية" ملامح مرحلة ما بعد الإخوان
مرحلة جديدة تعيشها تونس بعد طي صفحة الإخوان والعشرية التي عاثت فيها فسادا، حيث بدأ البلد الأفريقي يلملم أوراقه، ويضمد جراحه ويضبط إيقاع تشريعاته وبوصلة اقتصاده.
عصر جديد بدأ بانتخاب برلمان خلفًا لذلك المنحل، والذي كان يسيطر عليه تنظيم الإخوان، بدأت تتضح ملامحه شيئًا فشيئًا، مع توالي عقد المجلس جلساته، ورسم سياساته التي سينتهجها الفترة القادمة.
وكان البرلمان الجديد عقد جلسته الافتتاحية في 13 مارس/آذار الماضي، بانتخاب النائب إبراهيم بودربالة رئيساً للمجلس وانتخاب مساعديه وأعضاء لجنة النظام الداخلي التي شرعت في إعداد القوانين الداخلية للبرلمان من أجل إدارة ناجعة لأعمال المجلس تتقاطع مع الممارسات التي كانت سائدة في السابق.
وفي خطوة على طريق اكتمال بنيان البرلمان الجديد، صوت النواب الجدد، أمس الأول الثلاثاء، على القانون الداخلي للمجلس الذي تضمن 171 فصلا تتوزع على 13 بابا.
ومن المنتظر أن ينظر النواب الجدد في الملفات والتشريعات العالقة منذ برلمان الإخوان المنحل؛ أبرزها سن قانون لتأسيس المحكمة الدستورية، إضافة إلى صياغة القانون الانتخابي للانتخابات الرئاسية التي ستجرى سنة 2024 علاوة على تشريعات المشاريع الاقتصادية والاجتماعية.
إعادة بناء المؤسسات
وعن تلك المرحلة، قال رئيس البرلمان التونسي إبراهيم بودربالة، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن انطلاق عمل مجلس نواب الشعب هو ترجمة للخطوات "الهامة" التي قطعتها تونس ما بعد 25 يوليو/تموز 2021 على درب إعادة بناء مؤسساتها وفق دستورها الجديد.
وأوضح رئيس البرلمان التونسي أن "من أولويات البرلمان الجديد الإسراع في إنجاز المشاريع العالقة وخاصة الاقتصادية"، مشيرًا إلى أن المجلس يواجه تحديات كبرى، تحتم عليه العمل في جو من الانسجام بين النواب والقطع مع ممارسات الفترة الماضية، واسترجاع ثقة التونسيين، ونشر ثقافة العمل وخدمة الصالح العام.
"ينبغي علينا جميعا بذل مزيد من الجهد قصد زرع الطمأنينة في النفوس لإرجاع الثقة في المؤسسة التشريعية"، بحسب دربالة.
فلسفة جديدة
في السياق ذاته، تحدث رئيس لجنة النظام الداخلي في مجلس النواب عماد أولاد جبريل، عن فلسفة جديدة للنظام السياسي في تونس، مؤكدا أن النظام الداخلي للبرلمان تم إعادة صياغته وليس تعديله.
وقال رئيس لجنة النظام الداخلي في البرلمان، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن النظام الداخلي للمجلس يحتوي على هذه الفلسفة الجديدة التي تضمن حقوق النواب والمواطنين وجميع المتعاملين مع البرلمان.
وأشار إلى أن "عمل اللجنة كان يهدف إلى إعادة صياغة مشروع النظام الداخلي وهو ما جعل أعضاءها يستأنسون بالأنظمة الداخلية السابقة للبرلمان التونسي العريق وبالتجارب المقارنة"، مؤكدًا أن مشروع النظام الداخلي المعروض على الجلسة العامة، يعكس فلسفة يقوم عليها النظام السياسي الجديد بالبلاد ويستلهم فصوله من دستور الجمهورية الجديد.
وأوضح أن النظام الداخلي سينظّم العمل النيابي تحت قبّة البرلمان، وسيقدّم هياكله الأساسية وهي الركيزة الأولى لانطلاق عمل مجلس نواب الشعب.
ملامح القانون الداخلي
ومن أبرز ملامح القانون الداخلي للبرلمان الجديد الذي منع السياحة الحزبية، وهي الانتقال من كتلة إلى أخرى، وتقييد الحصانة البرلمانية حتى لا تكون مطلقة، علاوة على ضمان حرية الرأي والفكر والتعبير لجميع النواب، على أن لا يتعارض ذلك مع أحكام الدستور.
كما نص مشروع النظام الداخلي على الحضور الوجوبي للنائب في كل هياكل المجلس، ولا يجوز التغيب من دون عذر شرعي، ويستوجب الغياب الاقتطاع من منحة استرجاع المصاريف، إذا تجاوز جلستين عامتين متعلقتين بالتصويت، ويتم نشر قائمة الحضور والغيابات على موقع المجلس.
وخلافاً للقانون الداخلي السابق، أصبحت الحكومة مسؤولة أمام رئيس الجمهورية، وهو يعيّنها، كما لا يخضع الرئيس لمساءلة البرلمان، ولا يمكن سحب الثقة منه.