قراءة في رسائل صلاح عبدالحق لإخوانه.. دغدغة للمشاعر ولعب على وتر العاطفة
مُستخدمًا ألفاظًا دينية وآيات قرآنية لدغدغة مشاعر إخوانه، ظهر القائم بأعمال مرشد الإخوان صلاح عبدالحق، حاملا في جعبته رسائل وجهها لأطراف عدة.
تلك الرسائل التي جاءت بعد يومين من ظهوره الأول في أعقاب اختياره قائمًا بأعمال مرشد الإخوان، بدت فيها نبرة تراجعية عن تلك التي استخدمها صلاح عبدالحق.
وكان القائم بأعمال المرشد ظهر قبل ثلاثة أيام، في ندوة جاءت تحت عنوان "على خطى الإمام البنا.. عهد جديد"، قائلا إن الجماعة تحتاج إلى وضع شرعي ونشاط علني، مستخدمًا ألفاظًا حاول فيها مغازلة السلطات المصرية، قائلا إن "تجربة الجماعة وعملها، متروك للأخذ والرد والنقض والاختبار".
فما فحوى تلك الرسائل؟
إلا أنه بعد يومين من ذلك المقطع، عاد القائم بأعمال مرشد الإخوان، للظهور في مقطع نشره المتحدث الإعلامي باسم التنظيم، بمناسبة حلول شهر رمضان، تراجع فيه عن تلك النبرة التي استخدمها قبل ذلك، متجاهلا ما أقره قبل يومين من أن منهاج الإخوان متروك للأخذ والرد، إلى التأكيد على أن إخوانه اصطفاهم الله لحماية دينه، وحمل رسالته.
رسالة حاول من خلالها صلاح عبدالحق دغدغة مشاعر عناصر التنظيم، واستقطاب العدد الأكبر منهم وخاصة أولئك الذين تخوفوا من أن يسير القائم بأعمال المرشد على منهج إبراهيم منير، بالانكفاء على العمل الدعوي.
وفي رسالته التي امتدت لأكثر من أربع دقائق، حاول عبدالحق، اللعب على وتر العاطفة لدى كل طرف من تلك الأطراف التي استهدفها في رسائله، والتي كانت أولاها لذوي المعتقلين والقتلى، مؤكدًا أنهم اعتقلوا "في سبيل الله" فيما كان الآخرون "شهداء"، وهي ألفاظ يحاول من خلالها القائم بأعمال مرشد الإخوان استمالة تلك الفئة التي انفضت من حول التنظيم وقياداته، الذين تركوا عناصر التنظيم وفروا هاربين إلى الخارج.
وحاول القائم بأعمال المرشد التبرؤ من الاتهامات التي وجهت إلى قيادات الإخوان إبان ثورة 30 يونيو/حزيران 2013 بعد أن فروا هاربين إلى الخارج، تاركين خلفهم صغار عناصر التنظيم يواجهون مصيرًا خطته قياداتهم، قائلا: "زمن التفريط في الإخوان قد انتهى".
دغدغة المشاعر
رسالة ثانية وجهها صلاح عبدالحق، إلى قادة التنظيم المعتقلين في السجون المصرية، والذين يحاول استمالتهم إلى كفته في صراعه مع جبهة إسطنبول، فوجه إليهم كلمات من أدبيات تنظيم الإخوان، قائلا إنهم "يدفعون ضريبة الحرية والدعوة إلى الله من أعمارهم"، متجاهلا أنهم يدفعون ضريبة إرهابهم وجرائمهم التي راح ضحيتها الكثير من المصريين.
تلك الرسالة تضمنت كلمات إلى المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع القابع في غياهب السجون، فجدد له صلاح عبدالحق البيعة، أملا في أن يناصره في نزاعه مع جبهة إسطنبول على إرث حسن البنا.
أعقب تلك الرسالة التي استنبط فيها آية قرآنية محاولا إضفاء شرعية واهية على منصبه، أخرى إلى الإخوان "الذين فرقتهم المحنة وأعيتهم الفرقة"، في إشارة إلى جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين.
كلمات صلاح عبدالحق كشفت عن استمرار الصراع مع جبهة إسطنبول على منصب القائم بأعمال المرشد، وأكدت فشل مساعي الصلح بين الجبهتين، واستمرار الفرقة، خاصة بعد أن استلهم آية قرآنية، نصها: "لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم، ولكن الله ألف بينهم".
وتر العاطفة
وأضاف القائم بأعمال المرشد: "الأمر أكبر من مجرد خلاف على لائحة أو رؤية"، محاولا إيهام إخوانه بأنهم مصدر "عز الإسلام ودحر الشيطان"، وأنهم عنصر مهم يحتاج العالم إليه، قائلا: "الفراغ الذي خلفه غيابكم جنته الأمة تراجعا في الحضارة والدين والهوية. ما أحوج العالم إليكم".
وبحسب مراقبين، فإن رسائل صلاح عبدالحق، أكدت أن حالة الانقسام داخل تنظيم الإخوان لن تنتهي، وأنها أعمق مما تخيله الوسطاء الذين سعوا للم شمل الجماعة، بعد الفشل في الوصول إلى صيغة توافقية بين جبهات الإخوان المتصارعة، وإصرار كل جبهة على أنها هي الممثل الوحيد للجماعة وأن الجبهة الأخرى زالت عن أعضائها صفتهم التنظيمية.
وأكد المراقبون، أن القائم بأعمال المرشد، حاول اتخاذ خطوة استباقية، عبر رسائله التي وجهها إلى أطراف عدة، أملا في أن يجد مؤيدين في الداخل والخارج، في صراعه مع جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين،.
تأثير واهٍ
وحول تأثير تلك الرسائل، أكد المراقبون أن تأثيرها سيكون محدودًا خاصة أن تنظيم الإخوان سيشهد مزيدًا من الانشقاقات والخلافات ليس فقط بين الجبهات المعروفة والمنشقة سابقًا، بل إن الجبهات الحالية ستشهد خلافات بين أعضائها قد تصل إلى الانشقاق لأكثر من تكتل.
تلك الرؤية أكدها الباحث في الإسلام السياسي والعضو السابق في تنظيم الإخوان الإرهابي، طارق البشبيشي، قائلا: "نحن أمام مشهد تحول الجماعة إلى ثلاثة تنظيمات مكتملة الصفوف، من أول القيادة إلى آخر العناصر"، مشيرًا إلى أن الفريق الذي "سيحظى بمباركة المخابرات البريطانية هو المنتصر، أما الآخر فسيكون متساقطا على طريق الدعوة".
وأكد البشبيشي أن الجماعة في أضعف حالاتها الفكرية والتنظيمية؛ فما واجهته بعد ثورة 30 يونيو/حزيران 2013، أكبر من قدرات قادتها سواء كان عبد الحق أو محمود حسين أو حتى تلك المجموعة التي تتبع الإرهابي محمد كمال، مشيرًا إلى أن التنظيم لن يعود ثانية بطريقة السبعينيات والثمانينيات وحتى العقد الأول من الألفية الثانية، بل ستعمل على التسلل في المجتمعات.
aXA6IDMuMTQxLjcuMTY1IA== جزيرة ام اند امز