صلاح جاهين «فيلسوف البساطة» بين الخوف من «التمثيل» وإبداع «الكاريكاتير»
تحل اليوم 25 ديسمبر/كانون الأول ذكرى ميلاد الشاعر والمفكر ورسام الكاريكاتير المصري صلاح جاهين، الذي عُرف بموهبته الفريدة وتعدد مواهبه. اعتبر النسيان نعمة في حياته، وكان الكسل هو الدافع وراء دخوله مجال الكاريكاتير.
"آخرتها؟ إنت هتموت روحك بالشكل ده" كان هذا هو السؤال الذي طرحه صلاح جاهين على نفسه عندما وجد أنه ينخرط في مجالات متعددة كالمسرح، والسينما، والشعر، والكاريكاتير. ولكنه قرر التصالح مع نفسه قائلاً: "آخرتها إن فيه حاجة منهم هتتغلب على التانية ضروري، فليه أتعب نفسي وأختار واحدة منهم؟!"
من هو صلاح جاهين؟
محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي، وُلد في 25 ديسمبر/كانون الأول 1930 في حي شبرا بالقاهرة. كان والده يعمل بالسلك القضائي، وبدأ صلاح دراسته في الفنون الجميلة، لكنه انتقل إلى كلية الحقوق بناءً على رغبة والده.
تزوج صلاح جاهين مرتين؛ الأولى عام 1955 من السيدة سوسن محمد زكي، الرسامة بمؤسسة الهلال، وأنجب منها أمينة وبهاء. أما زواجه الثاني فكان عام 1967 من السيدة منى جان قطان، وأنجب منها ابنته الصغرى سامية.
مسيرة صلاح جاهين الفنية
بدأت مسيرة صلاح جاهين بالتمثيل، وكان التمثيل بالنسبة له مخيفاً، فقد كان خائفاً من الفشل، هذا الخوف الذي انعكس عليه من خوف أسرته عليه؛ إذ وصف جاهين مصير الممثل في ذلك العصر بالمصير المظلم.
فيقص جاهين: "أنا والدتي كانت تحب تعمل دراما على الحاجات ديه، فتخيلت إني بقيت ممثل، وبيطردوني من مسرح لمسرح، وأروح أقعد في قهوة جانبية، وأغرّق همومي في الشراب، وحاجات زي كده من اللي هي بتقراها في القصص".
وما أن توقف جاهين عن التمثيل، وجد بداخله العديد من المواهب التي ترغب في الظهور، فتوجه إلى الرسم، ووصف لوحاته في هذه المرحلة بـ"الدرامية التي تشبه المسرح".
بسبب حبه للصحافة، ودراسته للفن، توجه جاهين إلى رسم الكاريكاتير، إذ كان يعيش وسط أعلامها، أمثال: أحمد بهاء الدين، ومصطفى محمود، وغيرهم من الكتّاب.
وبدأ جاهين في تزين الصفحات، وبفضل كسله كان ينهي هذه الرسومات في آخر لحظة، فظهرت تلك الرسومات عفوية وبسيطة كالكاريكاتير، فلم يكن يتعمد رسم الكاريكاتير.
أهم أعمال صلاح جاهين
قدم جاهين العديد من الأعمال للدرجة التي جعلته يقول: "ربنا أنعم عليّ بنعمة النسيان.. جزء كبير من الحاجات اللي كتبتها نسيتها"، لكن تظل أشهر أعماله:
- أوبريت "الليلة الكبيرة" (1961).
- فيلم "اللص والكلاب" (1962).
- فيلم "خلي بالك من زوزو" (1972).
- فيلم "أميرة حبي أنا" (1974).
- فيلم "عودة الابن الضال" (1976).
- فيلم "شفيقة ومتولي" (1978).
- فيلم "وداعاً بونابارت" (1985).
- مسلسل "هو وهي" (1985).
- فيلم "رغبة متوحشة" (1992).
علاوة على ذلك، عُرف جاهين بدعمه للنجوم الشباب، فدائمًا ما ارتبط اسم صلاح جاهين بالفنانة الراحلة سعاد حسني، إذ دفعها للعمل مع أحمد زكي في مسلسل "هو وهي". فقيل أن جاهين تبنى أحمد زكي، وعلي الحجار، وشريف منير فنيًا.
أجمل ما قال صلاح جاهين
ألف جاهين ما يزيد على 160 قصيدة، واشتهر بربعياته، التي لاقت انتشارًا واسعًا، إذ بيعت أكثر من 125 ألف نسخة من إحدى طبعاتها في بضعة أيام.
ومن أشهر ما قال جاهين:
- "يأسك وصبرك بين يديك وأنت حر.. تيأس ما تيأس الحياة راح تمر.. أنا دقت من ده ومن ده وعجبي لقيت.. الصبر مر وبرضه اليأس مر.. عجبي”.
- "لا تجبر الإنسان ولا تخيّره.. يكفيه ما فيه من عقل بيحيّره.. اللي النهارده بيطلبه ويشتهيه.. هو اللي بكره ح يشتهي يغيّره.. عجبي".
- "أنا اللي بالأمر المحال اغتوى.. شفت القمر نطيت لفوق في الهوا.. طلته مطلتوش - إيه أنا يهمني؟.. وليه ما دام بالنشوى قلبي ارتوى.. عجبي".
- "آدى اللى كان وآدى القدر وآدى المصير.. نودّع الماضى وحلمه الكبير.. نودّع الأفراح نودع الأشباح.. راح اللى راح ماعدش فاضل كتير".
- "في ناس بنشوفها بالألوان وناس جواها مش بيبان.. وناس أسود وناس أبيض وناس محتاجه بس أمان.. وأكتر ناس تآمنهم ما بيجي الجرح غير منهم.. وناس أنت بعيد عنهم بتنسي معاهم الأحزان".
وفاة صلاح جاهين
في 21 أبريل/نيسان 1986، توفي صلاح جاهين عن عمر يناهز 56 عامًا. ربط البعض وفاته بإصابته بالاكتئاب، خاصةً بعد نكسة 1967، ولكن ابنته سامية جاهين أوضحت أن الاكتئاب لم يكن السبب الوحيد لوفاته، بل كان مريضًا بالقلب أيضًا.
تقول سامية: "بابا كان حساسًا للغاية، وتعرض لنوبات اكتئاب زادت في أواخر أيامه".
aXA6IDE4LjE5MS4zNy4xMjkg جزيرة ام اند امز