بعد 3 سنوات عجاف.. صنعاء وسيناريوهات ما بعد الانتفاضة
مراقبون رجحوا خسارة فادحة للحوثيين الأمر الذي قد يدفع إيران للإعلان عن دعمها للانقلابيين والانخراط في صراع مفتوح.
انتفضت صنعاء اليمنية، اليوم السبت، ضد ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، معلنة عودتها إلى المظلة العربية عقب 3 سنوات عجاف من الانقلاب على الشرعية في البلاد.
انتفاضة تتوج مرحلة مفصلية بلغتها الخلافات بين جماعة الحوثي المسلحة وحزب المؤتمر الشعبي العام، جناح الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وتقلص السيناريوهات المستقبلية للوضع إلى اثنين، وفق محللين.
الحوثيون يخسرون المعركة
بخسارتها معظم المواقع الحيوية بالمدينة أمام قوات صالح، وتفاقم الاحتجاجات ضدها، بدأ الخناق يضيق حول الميليشيات الحوثية، ليقلص خياراتها إلى أدناها.
أزمة عميقة بين حليفي الانقلاب في صنعاء، تجلت من خلال الاشتباكات الدائرة بين الطرفين منذ 3 أيام، قبل أن تحتدم صباح اليوم السبت مخلفة العشرات من القتلى والجرحى وفق تقارير إعلامية.
انقلاب "داخلي" منح قوات صالح أسبقية على مستوى الوزن العسكري، لتنقلب بذلك معادلة موازين القوى التي كانت إلى وقت قريب تمضي لصالح الحوثيين.
انقلاب للموازين بعثر خارطة القوة العسكرية الموجودة، عقب سيطرة قوات صالح على أبرز النقاط الاستراتيجية في صنعاء، بينها مقرات التلفزيون ووزارة الدفاع والرئاسة وجهاز الأمن القومي والمطار والبنك المركزي.
قوات صالح سيطرت أيضاً علي منافذ العاصمة، ما يعني أن الميليشيات الحوثية لن تحصل على أية تعزيزات من خارج المدينة، ما يحشر الميليشيات في زاوية ضيقة مسلحة بخيار واحد هو الاستمرار في الاشتباكات برجالها المتوفرين.
وهذه الاشتباكات قد تستمر لساعات أخرى أو حتى أكثر من ذلك، لكن المؤكد، وفق محللين، أن القوة البشرية وحتى التسليحية للميليشيات لن تصمد كثيراً في ظل قطع الإمدادات عنها.
كما أن اعتقال حزب المؤتمر الشعبي العام لرئيس المخابرات الحوثية عبدالله يحيى الحاكم، يعني في استراتيجيات القتال ضرب العدو في الصميم، وإعلان ضمني أن الحرب وضعت أوزارها، وأن ما يحدث الآن أو ما سيحدث في الساعات القليلة القادمة ليس سوى لمسات النهاية لميليشيات كانت تخطط لاستفزاز صالح ضمن تصور خالٍ من الواقعية، ومن قراءة موضوعية للأحداث.
هل يأد الحوثيون انتفاضة صنعاء؟
مع انفجار الوضع وتفاقم التوتر، ودعوة صالح دول التحالف العربي بقيادة السعودية إلى إيقاف الحرب، متعهداً بفتح صفحة جديدة معها، قد تتجه الميليشيات الحوثية إلى خيار التصفية الذي سبق وأن لوحت به في سبتمبر/ أيلول الماضي.
فحينها، نقلت وسائل إعلام يمينة عن قيادات أمنية في جماعة الحوثي تعهدها بتصفية صالح، رغم أن الرجل كان من المفترض أن يكون حينذاك محمياً بحصانة تحالفه معها.
توجه جاء عقب تهديدات ضمنية تارة ومباشرة تارة أخرى لصالح، وفي وقت اتهمت فيه الجماعة صالح بقتل مؤسس منتدى "الشباب المؤمن" حسين بدر الدين الحوثي، في الجولة الأولى من حروب صعدة الـ6 عام 2004، والتي تعتبر النواة الأولى للتنظيم المسلح للجماعة التي سميت باسمه بعد ذلك.
وبطلب صالح اليوم فتح صفحة جديدة مع دول الجوار، فهذا معناه قطيعة لا هدنة فيها مع الحوثيين، ما يعني أن الجماعة لم يتبقَ أمامها سوى تطبيق سياسة الأرض المحروقة، والتي من بين بنودها تصفية الخصم.
وسيناريو التصفية نفسه يطرح بدوره سيناريوهات فرعية، فإما أن يجبر الوضع الراهن المتسم بخسارة واضحة للحوثيين، إيران على إخراج دعمها للميليشيات إلى العلن، ما يؤشر لمواجهة أوسع نطاقاً.
وإما أن تدرك إيران عواقب خطوة مماثلة، وتكتفي بمراقبة ما يحدث أمام اضمحلال حلولها لدعم ميليشيات الحوثي في ظل الحصار المفروض من قبل التحالف العربي على اليمن، وبهذا تكون هزيمتها نكراء في اليمن.
أما السيناريو الفرعي القاتم، فهو نجاح الميليشيات في تصفية صالح، وهنا ستدخل الاشتباكات بين الطرفين مرحلة أخرى، قد تقود بدورها نحو استمرار المواجهات لوقت كبير، مع ما يستبطنه ذلك من تفاقم الوضع الإنساني بالمدينة، أو خسارة أحد الطرفين.