"الغريفة".. قرية مدفونة بين الرمال والأساطير
على بُعد نحو 60 كيلومتراً عن مدينة دبي، ونحو 50 كيلومتراً عن مدينة الشارقة، تقبع "الغريفة" القرية الإماراتية الغامضة في جنوب غرب منطقة المدام.
قرية حولتها حكايات الأجيال عنها إلى شبه أسطورة في الغموض، فباتت مقصداً للسياح والباحثين عن الإثارة في رمال صحراء الإمارات، ولا تزال أطلال المنازل القديمة مرئية باستثناء بعض المنازل التي غرقت بالكامل في بحر من الرمال، والتي تدفقت عبر النوافذ، وغمرت الساحات وقطع الأثاث، بالإضافة إلى أن المسجد لا يزال يحتفظ بشكله.
هناك دلائل تشير إلى أن السكان قد أخلوا القرية على عجل، مثل الأبواب المفتوحة على مصراعيها، والأمتعة الشخصية المتناثرة، والأطلال التي أثارت العديد من الأساطير، وفي ظل الغموض الذي يحيط بقرية "الغريفة"، لا يوجد معلومات محددة حول أسباب تخلي السكان عن القرية، لذلك انتشرت الشائعات حول وجود قوى "خارقة للطبيعة".
ويتشارك سكان القرى المجاورة أساطير عن جن شرير، يطارد قرية "الغريفة"، وتحديداً "أم الدويس"، وهي روح أنثوية تتمتع بعيني القط، ويدين عبارة عن مناجل، و"أم الدويس"، أسطورة إماراتية مرعبة ومخيفة، تحكي عن امرأة جميلة تضع العطور الجذابة وتسير في الطرقات في الأوقات والأماكن التي تتمكن فيها من استدراج ضحاياها من الرجال بعطورها، ومن ثم تقتلهم ببشاعة.
تقارير صحفية محلية نقلت عن سلطان محمد معضد بن هويدن، رئيس المجلس البلدي، قوله إن تسمية شعبية الغريفة جاءت نسبة الى اسم منطقة المدام قديماً، وكان يطلق عليها سيح الغريف، واشتق اسم شعبية الغريفة من اسم المدام، وقديماً أول من سكن فيها عائلة الكتبي وظلت فيها من 1980 وحتى 1994 إلا أنها تعرضت لتيارات هوائية بشكل لافت تحركت بسببها الرمال عام 1995 الى المنازل ما جعل أهلها يتركونها.
وأضاف أن معظم السكان الأصليين انتقلوا إلى منطقة جديدة، جهزت بكل وسائل الخدمات والترفيه، بعد أن تركها أهلها لتحرك الرمال داخل البيوت، تاركين وراءهم ذكريات جميلة يحنون إليها بين فترة وأخرى، والمنطقة الجديدة في موقع قريب أقل تأثراً بقوة الرياح عن القرية المدفونة التي كانت تدخل الرمال الفضّة إلى المنازل، وبعد ترك السكان للمنازل امتلأت بالرمال، وكل منزل على حسب موقعه، فمنها ما وصلت فيه الرمال الى السقف ومنها إلى المنتصف، والمسجد هو الوحيد الذي لم تدخله الرمال، وظل على حاله حتى الآن.
وترى الباحثة مانيش بوتيل، أن القرية المدفونة تجسد الطبيعية وسحر الصحراء، بتقلباتها، ومسارها، وجمالها والعقبات التي تعيق طريقها، وصولاً إلى مصبها الرئيسي، وكباحثة في تقلبات الظواهر الطبيعية، فإن الرمال رغم قسوتها تتنوع بتنوع البيئة، كما تؤثر في الكثير من الأحيان في ثقافة الشعوب، وحضارتها، بحسب ما أوردته تقارير صحفية محلية.
بدورها دعت مؤسسة الشارقة للفنون، في وقت سابق، الجمهور الى تقديم جميع المواد البصرية والأدبية والصوتية التي تتعلق بتاريخ القرية في إطار مشروع بحثي يوثق التاريخ العمراني والإنساني لقرية "الغريفة".
وتبحث المؤسسة عن أي مواد متعلقة بتاريخ القرية وذكريات السكان السابقين والتي يمكن أن تتضمن المواد المقدمة: ذكريات مكتوبة أو مسجلة، صور فوتوغرافية، مخططات معمارية، أو أية معلومات أو مواد أخرى ذات صلة، والتي يمكن تسليمها للمؤسسة، وتهدف المؤسسة من خلال هذا العمل إلى إنشاء أرشيف كبير عن تاريخ التراث في إمارة الشارقة.