نفّذ الجيش النيجيري خلال صيف 2020 عملية عسكرية أطلق عليها اسم "الساحل سانيتي". الهدف الأساسي من شنّها هو تطهير شمال غرب البلاد من قطّاع الطرق ولصوص الماشية.
وكذلك تدمير مخابئهم وتحرير بعض الرهائن. وبفضل تلك العملية، تمكّن الجيش من قتل أكثر من 100 عنصر من قطّاع الطرق في ظرف سبعة أيام فقط.
وبعد قرابة عامين، نفّذ الجيش عملية أخرى أطلق عليها اسم "صحراء سانيتي". في هذه الحالة، كانت العملية تستهدف إرهابيي داعش في غرب أفريقيا وبوكو حرام الذين يتخذون من غابة سامبيسا في شمال شرق البلاد ملجأ لهم، وهي منطقة غابوية تقع جنوب مايدوغوري وبالقرب من الحدود مع الكاميرون.
وكلّف الضابط العام قائد الفرقة السابعة في جيش نيجيريا اللواء، وادي شيبو، قوات اللواء 21 مدرع خاص بتنفيذ العملية التي بدأت في 5 فبراير/ شباط المنصرم.
وقد استعان الجيش في بعض المناسبات بقوة المهام المدنية المشتركة وحقق نتائج ممتازة، حيث نجح في القضاء على عشرات الإرهابيين واستعادة أسلحة وشاحنات. وتتم العمليات في سرية تامة، وهو ما يمنع الإرهابيين من توقّع خطوات الجيش.
ومع ذلك، وبينما يلوذ المتمردون بالفرار من مناطق سيطرتهم، يقومون باختطاف المدنيين ويسرقون ويقتلون ويدمرون كل شيء في طريقهم. وردّ الإرهابيون على هذه العملية بنصب الكمائن والعودة إلى المناطق التي طردوا منها. في بعض الحالات، يلجأ الجيش إلى سلاح الجو النيجيري الذي يقوم بطائراته بعمل رائع في القضاء على عشرات الإرهابيين.
وتضطر القوات النيجيرية خلال سير عملية "صحراء سانيتي" في بعض الأحيان إلى مرافقة السكان المحليين إلى مناطق أكثر أماناً لأن الإرهابيين يغلقون الطرق الرئيسية في ولاية بورنو، ربما في محاولة لإثبات الوجود وإظهار أنهم ما زالوا يتمتعون بالقدرة القتالية.
يبدأ موسم الأمطار في شهر مايو/ أيار، ومن المهم جداً للإرهابيين تخزين المؤن قبل هذا الشهر. ويتسبب الضغط الذي يمارسه الجيش النيجيري في اختباء الإرهابيين في مناطق الغابات لتجنب الضربات الجوية وفي حالات أخرى يفرّون إلى النيجر إلى مواقع أكثر أماناً.
من الأهمية بما كان استمرار الجيش النيجيري في عملية "صحراء سانيتي" حتى موسم الأمطار. ومن آثار هذه العملية إرغام الإرهابيين على الفرار إلى النيجر وتشاد والكاميرون، وهو ما يجعل تعاون هذه الحكومات ضرورياً لمكافحة الإرهاب والقضاء على بقية الفلول. للأسف، على أرض الواقع لا يوجد أي تنسيق. وبدلاً من السير في نفس الاتجاه، على الأقل خلال سير عملية "صحراء سانيتي"، يغيب التنسيق بين بلدان المنطقة. في غضون ذلك، أطلق رئيس النيجر، محمد بازوم، سراح بعض قادة بوكو حرام في مسعى لتحقيق السلام في بلاده، حسب قوله.
واستقبل الرئيس بازوم ثمانية من قادة الجماعة الإرهابية في قصره، ربما بهدف وقف هجمات التنظيم في النيجر، والتي إذا استمرت قد تؤدي إلى انقلاب عسكري على السلطة، كما حدث في دولتي مالي وبوركينا فاسو المجاورتين.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا هو: ما الفائدة من هذا القرار؟ فحتى لو كان صائباً، ففي أحسن الأحوال سيحقق الرئيس سلاماً مؤقتاً في النيجر على حساب نيجيريا، التي سينتقل الإرهابيون إليها. يجب أن نضيف إلى كل هذا الغياب التام للتنسيق بين جيوش الساحل لأنه في الوقت الذي تفرج فيه النيجر عن الإرهابيين، تشرع نيجيريا في تنفيذ عملية "صحراء سانيتي" للقضاء عليهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة