من جلب المرتزقة لتمويل الإرهاب.. حراك أوروبي لمكافحة الفساد في ليبيا
بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا تطلق مشروع تعزيز نظام العدالة الجنائية والتحقيق في الجرائم المالية ومقاضاة مرتكبيها.. التفاصيل
تنوعت أوجه الفساد الذي استشرى في ليبيا، من جلب المرتزقة إلى تمويل صفقات سلاح غير مشروعة وشراء المواقف الدولية، ما دفع بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا إلى إطلاق مشروع لتعزيز نظام العدالة الجنائية في البلاد والتحقيق في الجرائم المالية ومقاضاة مرتكبيها.
ويعاني الليبيون من تمدد الفساد منذ فترة طويلة، وأكدت البعثة الأوروبية في بيان صادر عنها الثلاثاء، أن مشروع تعزيز نظام العدالة الجنائية يوسع الشراكة مع السلطات الليبية في مكافحة الاتجار بالأشخاص وأيضا تهريب المهاجرين والجرائم المالية ذات الصلة وتمويل الإرهاب وإصلاح السجون.
فساد حكومي
من الداخلية إلى التعليم والصحة وغيرها، ينخر الفساد في الدولة الليبية، بحسب اعترافات لمسؤولين هناك.
فقد اعترف وزير الداخلية بحكومة السراج فتحي باشاغا أواخر أغسطس الماضي بوجود فساد في جميع مؤسسات البلاد بما فيها وزارة الداخلية التي كان يشغلها، مطالبًا بتشكيل لجنة كاملة من الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة ووزارة الداخلية ومكتب النائب العام لمراجعة جميع الملفات التي يوجد فيها قصور ويعاني منها الناس.
ولم تكن وزارة الداخلية وحدها، فقد كشفت واقعة جديدة عن تفشي الفساد في "حكومة الوفاق" غير الشرعية بطرابلس بعدما تم إيقاف عدد من المسؤولين عن العمل وإحالتهم للتحقيق في وقائع فساد وسرقة أموال عامة.
ومؤخرًا أصدر النائب العام الليبي التابع لحكومة فايز السراج غير الشرعية، أوامر بإلقاء القبض على عدد من كبار المسؤولين بحكومة السراج بتهم فساد.
وضمت أوامر القبض الصادرة من مكتب النائب العام أمرا بحبس مدير إدارة الحسابات بوزارة المالية في حكومة السراج بتهمة إساءة استعمال السلطة وإلحاق ضرر جسيم بالمال العام.
كما ضمت أوامر القبض، أمرًا بحبس وكيل وزارة التعليم بحكومة الوفاق عادل جمعة، بشبهة فساد.
تعدد أنواع الفساد
وأصدر مدير التحقيقات بمكتب النائب العام الليبي الصديق الصور، الثلاثاء، أمرا بالقبض على مسؤولين ماليين كبار في حكومة فايز السراج بطرابلس، بتهم فساد.
وشمل الأمر مدير المصرف الليبي الخارجي محمد بن يوسف، ومدير قطاع الاستثمار بالمصرف الشارف شلبي، وهو صهر السراج.
وبالتزامن مع ذلك ألقت جهات أمنية القبض على وكيل شؤون الديوان بوزارة الحكم المحلي بحكومة السراج، صالح الصكلول، بتهم فساد.
وكان مكتب النائب العام قد أعلن إيقاف وزير الحكم المحلي المفوض بحكومة السراج ميلاد الطاهر وعميد بلدية بني وليد سالم انوير، الاثنين، بتهمة اختلاس أموال.
وخلال ستمبر الجاري، صدرت أوامر بإلقاء القبض على وكيل وزارة الصحة محمد هيثم القيادي الإخواني، في تهم فساد الذي فر هاربا إلى تركيا قبل تنفيذ الأمر.
وأصدر ديوان عام المحاسبة في طرابلس قرارا بإيقاف عدد من مسؤولي جهاز الطب العسكري التابع لحكومة فايز السراج عن العمل بتهم الفساد واستغلال المناصب والاستيلاء على المال العام .
ومنذ 23 أغسطس الماضي، يتظاهر الليبيون في العديد من المناطق في طرابلس والزاوية ومصراتة وزليتن، ومدن بغرب ليبيا اعتراضا على تردي الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي وانتشار الفساد والانفلات الأمني.
جرائم مالية
الفساد والتلاعب في الميزانيات، البوابة الأهم لتمويل صفقات السلاح مع تركيا وجلب المرتزقة وشراء المواقف الدولية، ما جعل الخلاف بين السراج، ومدير مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير يتصاعد، ويخرج للعلن.
وفي يونيو الماضي، أظهرت وثائق مسربة تحويل الملايين من البنك المركزي الليبي إلى شركة تركية تدعى شركة تكنولوجيا الصناعات الدفاعية SSTEK، بحسب ما أفاد في حينه موقع "ليبيا ريفيو".
وأوضح رئيس لجنة أزمة السيولة بمصرف ليبيا المركزي البيضاء رمزي الآغا، في تصريحات سابقة، أن لديه معلومات مؤكدة وموثوقة، عن وجود تعليمات لمحافظ المصرف المركزي الليبي الصديق الكبير، بعدم استخدام الأرصدة الليبية المودعة بالبنوك التركية.
وأكد رئيس لجنة أزمة السيولة رمزي الآغا، أن المصرف المركزي الليبي الذي يملك احتياطات من النقد الأجنبي تتجاوز 80 مليار دولار، قام بتحويل جزء كبير منها إلى البنوك التركية خلال الشهور الماضية.
قطر تمول الإرهاب
كما دعّم النظام القطري، المسلحين فى جنوب وغرب ليبيا بالأسلحة والذخائر والمقاتلين الأجانب الفارين من سوريا، واستخدم شركات الطيران المدنية المملوكة للإرهابي عبد الحكيم بلحاج فى نقل المتطرفين والمتشددين من إدلب إلى قلب العاصمة طرابلس عبر مدينة مصراتة غرب البلاد.
وهو ما أكده اللواء أحمد المسماري، المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي، في سبتمبر من العام الماضي، كاشفًا عن تشكيل لجنة فى وزارة الخارجية بالحكومة الليبية المؤقتة، بهدف متابعة ملف التدخلات الإرهابية لقطر وتركيا فى الشأن الليبي وتقديمه لمقاضاتهم دولياً على الجرائم التى تمت الفترة الماضية ودعمهم للميليشيات المسلحة التى استهدفت زعزعة الأمن والاستقرار وإفشال الجهود المبذولة لإعادة الطمأنينة للمواطن الليبى.
كما دشنت منظمات حقوقية في مدينة لاهاي بهولندا حراكًا دوليًا، لكشف انتهاكات قطر فى ليبيا ودعمها المستمر للمليشيات الإرهابية بالأسلحة والمال ونقلهما عبر السفن والطائرات.
وفي منتصف يونيو 2018، عثر الجيش الليبى على أسلحة تحمل شعار الجيش القطرى، داخل منزل زعيم تنظيم القاعدة فى مدينة درنة، بعد تحريرها من الجماعات الإرهابية المسلحة.
وفي أغسطس 2019 اتهم الجيش الليبى قطر بتمويل شحنة الطائرة الأوكرانية، التى دمرتها قواته فى القاعدة الجوية بمدينة مصراتة، والتى كانت قادمة من تركيا وعلى متنها شحنة من الأسلحة لصالح حكومة الوفاق.
مليونير ات ليبيا
تلك الجرائم التي كشف عنها التقرير، دفعت مبعوث الأمم المتحدة رئيس بعثتها السابق للدعم في ليبيا، غسان سلامة، لإطلاق تصريح في مارس الماضي، أكد فيه ظهور "مليونير جديد" كل يوم في ليبيا، مضيفا "الطبقة السياسية في ليبيا لديها كم كبير من الفساد يندى له الجبين".
وأوضح أن هناك من يجني "ثروات طائلة من المناصب يجري استثمارها خارج ليبيا وما نراه في البلاد "أمر مؤسف" يستولون على المال العام ثم يتم توظيفه في الخارج"، وهو أيضًا ما أكدته بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا في بيانها الصادر أمس، بأنها تسعى للقضاء على تهريب أموال الليبيين إلى الخارج والتي تستخدم في أغراض أخرى غير مشروعة.