السعودية تعلن ميزانية 2026.. نفقات 1.313 تريليون ريال وعجز 3.3% من الناتج المحلي
أعلنت وزارة المالية السعودية الميزانية النهائية لعام 2026، مؤكدة استدامة المالية العامة، واستمرار نمو الأنشطة غير النفطية، وتعزيز الاستثمارات، مع إدارة العجز والدين وفق سياسات داعمة لرؤية المملكة 2030.
ووفق البيان الرسمي، تتوقع الوزارة أن يبلغ إجمالي النفقات نحو 1.313 تريليون ريال، فيما يقدر إجمالي الإيرادات بنحو 1.147 تريليون ريال، ليصل بذلك عجز الميزانية إلى نحو 165 مليار ريال، أي ما يمثل نحو 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويستعرض البيان تفاصيل ميزانية العام 2026 من حيث الإيرادات ومصادرها، والنفقات وأوجه إنفاقها، مستعرضا أبرز إنجازات ومشاريع القطاعات خلال العام 2025، ومحددا مستهدفاتها ومشاريعها للعام 2026.
كما تضمن أهم التطورات المالية والاقتصادية في المملكة، التي تعكس نجاح برامج ومبادرات التحول الاقتصادي ضمن رؤية السعودية 2030، حيث واصلت الأنشطة غير النفطية تحقيق نمو إيجابي، مع الحفاظ على كفاءة الإنفاق والاستدامة المالية على المدى المتوسط والطويل، بما يدعم برامج الرؤية ويعزز التنويع الاقتصادي.
وأكد وزير المالية السعودي محمد بن عبدالله الجدعان، استمرار مسيرة التحول الاقتصادي نحو مزيد من التنوع والابتكار واستثمار القطاعات الواعدة، مشيرا إلى أن النتائج المتحققة حتى الآن تؤكد نجاح الإصلاحات الاقتصادية والمالية الهادفة إلى تعزيز النمو الشامل وتطوير إدارة المالية العامة، مع التركيز على تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.
وأضاف الجدعان أن الحكومة ثابتة على نهج الاهتمام بالمواطن وتلبية احتياجاته الأساسية، مستمرة في الإنفاق على قطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية. وتتواصل البرامج والمشاريع الرامية إلى رفع جودة الخدمات والمرافق الحكومية، وتطوير البنية التحتية في مختلف مناطق المملكة، بما يسهم في تعزيز جودة الحياة.
وأشار إلى أن التركيز مستمر على تحسين منظومة الدعم والإعانات الاجتماعية وزيادة فعاليتها وأثرها الملموس والقابل للقياس، موضحا أن التراجع في الإنفاق على بعض القطاعات في تقديرات العامين 2025 و2026 يعود إلى اكتمال عدد من المشاريع، ونجاح الحكومة في رفع كفاءة النفقات التشغيلية، إضافة إلى وجود نفقات غير متكررة في العام 2024.
وأكد الجدعان أن السياسة المالية للمدى المتوسط داعمة للمرحلة الثالثة من رؤية السعودية 2030، والتي تركز على تعظيم الأثر، مشيرا إلى أن ميزانية 2026 تؤكد مواصلة الإنفاق الاستراتيجي على المشاريع التنموية وفق الاستراتيجيات القطاعية وبرامج الرؤية، إلى جانب الإنفاق على ممكنات تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل، وتحسين بيئة الأعمال، ودعم الصادرات، وزيادة حجم ونوع استثمارات القطاع الخاص.
وأضاف أن من أهم أولويات الحكومة إدارة عجز الميزانية وتنفيذ استراتيجيات تضمن إدارة الدين بشكل مستدام، موضحا مواصلة عمليات التمويل المحلية والدولية لتغطية العجز المتوقع في ميزانية 2026، وسداد أصل الدين المستحق في العام ذاته وعلى المدى المتوسط، مع الاستفادة من الفرص المتاحة في الأسواق المالية لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل، بهدف تعزيز النمو الاقتصادي وتمويل المشاريع التنموية ومشاريع البنية التحتية.
وتوقع أن يبلغ إجمالي رصيد الدين العام نحو 1.457 تريليون ريال في العام 2025، أي ما يعادل 31.7% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما يقدّر أن يصل في العام 2026 إلى نحو 1.622 تريليون ريال، أي ما يعادل 32.7% من الناتج المحلي الإجمالي، مؤكدًا أن مستوى الدين يظل ضمن الحدود المستدامة مقارنة بالمعايير الدولية.
وتهدف ميزانية 2026 إلى المحافظة على متانة المركز المالي للمملكة وتعزيز الاستدامة المالية، من خلال المحافظة على مستويات مستقرة من الدين العام واحتياطيات مالية معتبرة، بما يعزز قدرة المملكة على التعامل مع الصدمات الخارجية. إذ توقع البيان استمرار رصيد الاحتياطيات الحكومية لدى البنك المركزي السعودي (ساما) بنهاية 2026 عند نحو 390 مليار ريال، وهو نفس المستوى المسجل في العام 2025.
وأكد الجدعان أن الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية أسهمت في تحسين المؤشرات المالية والاقتصادية، وحققت تقدماً ملموسا في تعزيز التنوع الاقتصادي والاستقرار المالي.
وأوضح أن التقديرات الأولية للعام 2025 تشير إلى نمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية بنسبة 5.0%، نتيجة استمرار الأنشطة الاقتصادية في تحقيق معدلات نمو متزايدة، مدعومة بالتوسع في الاستثمارات وارتفاع مستويات الاستهلاك. أما التقديرات الأولية للعام 2026 فتشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4.6%، مدفوعاً بنمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية بصفتها المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي.
وحول أوضاع الاقتصاد العالمي والتحديات التي يواجهها، أشار إلى أن وتيرة النمو العالمي تتسم بالتباطؤ، نتيجة حالة عدم اليقين بشأن تصاعد التوترات الجيوسياسية المحتملة، وتشديد السياسات الحمائية، وفرض قيود تجارية، مما أسهم في تعميق حالة عدم اليقين بشأن مستقبل النمو العالمي.
وأضاف أن معدلات التضخم عالميًا تتراجع تدريجيًا، ما دفع عدداً من البنوك المركزية إلى اعتماد سياسات نقدية أقل تشددًا، من خلال تثبيت أسعار الفائدة أو خفضها تدريجيًا، بهدف دعم النشاط الاقتصادي. كما أشار إلى أن استمرار ارتفاع مستويات الدين العالمي يشكل عبئًا متزايدًا على استدامة المالية العامة في العديد من الدول، لا سيما الاقتصادات الناشئة والنامية.
واختتم بالتأكيد على أن نجاح الحكومة في مواجهة المخاطر الناجمة عن التغيرات الجيوسياسية والحد من آثارها الاقتصادية والاجتماعية يثبت قوة ومتانة اقتصاد المملكة، ويؤكد سعيها الدائم لدعم نمو واستقرار الاقتصادين المحلي والعالمي.