القاضي الجيراني عُثِر عليه مقتولاً في مزرعة مهجورة وكان معروف عنه انتقاده النظام الإيراني بسبب ممارساته في المنطقة.
* في عام 2016 تم اختطاف قاضي الأوقاف والمورايث بالقطيف الشيخ المعمم محمد الجيراني، وقبل أيام أعلنت السلطات السعودية أنها عثرت على جثته مقتولاً "رحمه الله" وقد بدت عليها علامات الوحشية والتعذيب، وكان الشيخ المرحوم محمد الجيراني قد تعرض لعدة عمليات اعتداء عليه وعلى منزله وأهله قبل هذا كله، وقد كان، رحمه الله، مشهوراً ينقد بعض تصرفات أبناء طائفته، مدافعاً شرساً عن مواطنته، فقد كان من أشد المدافعين عن رجال الأمن الذين يتعرضون لعمليات اعتداء بالقطيف، كما كان من أشد منتقدي هؤلاء القائمين بهذه العمليات، وقد انتقد إرسال أموال الزكاة والخمس لايران والعراق ولبنان، وطالب بانفاقها في بلاد المُزَكين لا غيرها، كما كان من أشد المنتقدين لاستخدام المنابر في الطعن على الدولة والهجوم عليها، وكثير من الأطروحات التي جاءت على غير هوى كثير من أبناء طائفته، وكل الدلائل تشير إلى أن الاعتداء عليه واختطافه ثم الغدر به جاء رداً من فئة من المتطرفين على تلك الأطروحات الإصلاحية المنطقية الوطنية الشرعية التي كان ينادي بها رحمه الله.
إذا كنت تعتقد أن مهاجمة رجال الشرطة أو القيام بأعمال التفجير مثلاً قد لا يكون إرهاباً لأسباب أو مبررات تراها تجيز مثل هذه العمليات، فهذا الفكر بحد ذاته يعدُّ إرهاباً إذ إن تبرير العنف والغدر قد يكون أسوأ من الفعل ذاته
* اليوم هناك واجب على كل من يدّعي الوسطية أو محاربة الإرهاب أن يدافع عن تلك الوسطية، وأن يحارب الإرهاب أياً كان مصدره والقائم به دون أي تفرقة، فإرهاب داعش والقاعدة لا يختلف أبداً عن إرهاب هؤلاء الذين غدروا بالمرحوم الجيراني، وهذا كله لا يختلف عن بعض الممارسات التي يقوم بها بعض الأحزاب، والحشود في العراق وسورية، الحال واحد ما يفعله هؤلاء هو ذاته ما فعلته داعش .
* هناك صمت مطبق من كثير من الناس عن تلك الجريمة البشعة التي تعرض لها المغدور به، وكأن لسان حال البعض يقول: إنه يستأهل ماجرى له جزاء إطروحاته!!
* في ظني أن هذه هي الإشكالية الأهم في عملية محاربة الإرهاب، وهو أن نتفق على ماهية الإرهاب؟ وما يمكن اعتباره إرهاباً أو لا؟ الانتقائية في التسميات أو في فعل "المحاربة" هو بحد ذاته إرهاباً!! فأنت إذا كنت تعتقد أن مهاجمة رجال الشرطة أو القيام بأعمال التفجير مثلاً قد لا يكون إرهاباً لأسباب أو مبررات تراها تجيز مثل هذه العمليات، فهذا الفكر بحد ذاته يعد إرهاباً إذ إن تبرير العنف والغدر قد يكون أسوأ من الفعل ذاته .
* على الساحة العربية الإسلامية أشخاص وفئات ومجاميع وأحزاب ودول مشكلتهم في تحرير مفهوم الإرهاب .. في الاتفاق على ماهية الإرهاب .. في طامة تبرير بعض أعمال العنف قبل الاتفاق على محاربة الإرهاب! فهم انتقائيون في هذا التعريف!
* وما الموقف من مقتل والغدر بالشيخ محمد الجيراني إلا مثالاً واضحاً على هذه الانتقائية والأمثلة كثيرة عليها أيضاً .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة