التقليل من فكرة الحرب ليس تحليلا سياسيا دقيقا للموقف في هذه الأزمة، فالحرب ممكنة بذات الدرجة التي يمكن أن يحدث فيها التفاوض.
ثلاث قمم مهمة سوف تعقد في مكة المكرمة خلال اليومين المقبلين استجابة للدعوة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان –حفظه الله- إلى رؤساء الدول الإسلامية والعربية والخليجية، فمكة سوف تشهد حضور سبعة وخمسين رئيس دولة لتشارك في هذه القمم الثلاث، كما سيغطي هذا الحدث 390 إعلامياً بمشاركة 59 قناة عالمية.
هذا الحدث في مكة يطرح أسئلة كبرى حول السيناريوهات الممكنة مع تزايد الفرصة لمواجهة دبلوماسية أو حتى عسكرية بين إيران وأمريكا حول مشروعها النووي وكذلك مشكلاتها السلوكية في المنطقة. أمريكا وبوضح تام تضع خيارات إيران في زاوية ضيقة جداً؛ حيث لا يمكن لإيران أن تخرج من هذه الأزمة دون سيناريوهات تضع العالم العربي ودول الخليج في إطار الحل لهذه الأزمة.
قمم مكة المكرمة فوق الأرض السعودية ذات التأثير الدولي، هي الرسالة الأكثر وضوحا أمام النظام الإيراني بأن جيران إيران من العرب ومحيطها الإسلامي لن يكون شاهدا فقط هذه المرة على طموحات إيران وسلوكها السياسي، بل إن السيناريو الوحيد أمام إيران أن تكون دولة طبيعية في سلوكها وطموحاتها.
في الماضي استطاع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أن يعقد اتفاقاً خارج إطار المنطقة، حيث حمل إيران إلى اتفاق دولي أطلق عليه خمسة زائد واحد، ونجحت إيران وبمساعدة أوباما في أن تفصل مشكلاتها بالمنطقة عن طموحاتها النووية، السؤال المهم اليوم هل حان الوقت لكي تدرك إيران أن سيناريوهات خروجها من هذه الأزمة لا بد أن تمر عبر دول المنطقة وليس عبر دول من الخارج.
أمريكا اليوم تغير المسار تماماً بشأن اتفاقات أوباما السابقة، والسياسة الأمريكية اليوم تعتقد أن سيناريوهات الحل لا يمكن أن تحدث دون مشاركة عربية وخليجية ومباركة إسلامية، للتأكد من أن السلوك الإيراني لن يكون متطرفاً بعد اليوم. وكما يبدو أن إيران شعرت بهذا التغيير، وهذا ما جعلها تهرول إعلامياً لعرض فكرة التفاوض مع جيرانها في المنطقة، وهذا لا يعد سلوكاً صحيحاً من وجهة نظر دول المنطقة لبناء معايير ثقة متبادلة، فهناك الكثير من الأعمال التي يجب على إيران إنجازها قبل الوصول إلى هذه المرحلة.
التقليل من فكرة الحرب ليس تحليلاً سياسياً دقيقاً للموقف في هذه الأزمة، فالحرب ممكنة بذات الدرجة التي يمكن أن يحدث فيها التفاوض، ولكن الحقيقة المطلقة أن التفاوض هذه المرة مرتبط بشركاء المنطقة، فهم أصحاب المصالح الفعلية من الاستقرار والأمن في المنطقة، النظام الإيراني الذي حاول هذه الأيام أن يفتح عينيه في مياه الخليج صدم بشكل كبير من تلك الأسماك المخيفة التي تحيط به، ولا يواجه إلا سيناريوهات تقوم على تحمل النتائج من تكسير الثقة بالثورة الإيرانية وقياداتها وأفكارها وقوميتها، فالخيارات الصعبة أمام النظام الإيراني ونتائجها مؤلمة.
قمم مكة المكرمة فوق الأرض السعودية ذات التأثير الدولي، هي الرسالة الأكثر وضوحاً أمام النظام الإيراني بأن جيران إيران من العرب ومحيطها الإسلامي لن يكون شاهداً فقط هذه المرة على طموحات إيران وسلوكها السياسي، بل إن السيناريو الوحيد أمام إيران أن تكون دولة طبيعية في سلوكها وطموحاتها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة