المملكة العربية السعودية هي الشقيقة الكبرى لجميع الدول العربية والإسلامية عامّةً، ودول مجلس التعاون خاصّةً، لكن يبقى أيضًا الفارق كبيرا بين صانع السياسة في دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر
قيل قديمًا: "لسانُ المنافق يسُرُ وقلبُه يضر"؛ ولكني لم أجد تجسيدًا واقعيًّا لهذا المثل والأمثال -عصارة تجارب الشعوب- إلا حينما استمعت لحلقة من برنامج بلا حدود على قناة الجزيرة يقول فيها رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم بتاريخ 24-06-2009: "السعودية ليست فقط الشقيقة الكبرى ولكن كنت أقول إن اعتمادنا في مجلس التعاون على السعودية، ولذلك هي ليست دبلوماسية بل هي إيمان بأن السعودية دولة مهمة في المنطقة وعلاقتنا بها نعطيها أهمية.. ويتابع "خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في الكويت -وأنا أعرف هذا الرجل- صادق، وما يقوله هو ما يضمر في قلبه ".
ورغم أن عام ألفين وتسعة هو الذي بدأ فيه القذافي محاولاته لتنفيذ جريمته الكبرى تجاه الملك عبدالله رحمه الله وهو أيضًا العام الذي سجل فيه القذافي للحمدين ما قالاه في حق الشقيقة الكبرى إلا أن حمد بن جاسم ليس وحده من يتحدث على هذا المنوال، فكثيرًا ما سمعنا القطريين يصفون المملكة العربية السعودية بالشقيقة الكبرى، ويبالغون في أن علاقتهم بها ليست كعلاقتهم بأي دولة أخرى؛ وهذا صحيح نظريًا فقط؛ أمَّا على الأرض فشواهد الواقع تدحضه.
هو فرية كولاء عبدالله بن أبي للمسلمين؛ وإلا فأين الاحترام والتقدير والتعاون المفروض بين الأشقاء؟ ألا تلزم التقاليد العربية الشقيق الأصغر بحسن معاملة الأكبر وأن يكون عونًا له في الصالح المشترك وبالمقابل يتغاضى الأكبر عن زلاته ويغفر أخطاءه؟
المملكة العربية السعودية هي الشقيقة الكبرى لجميع الدول العربية والإسلامية عامّةً، ودول مجلس التعاون خاصّةً، لكن يبقى أيضًا الفارق كبيرا بين صانع السياسة في دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر
لكن الواقع أن ما تقوم به قطر ضد الشقيق الأكبر ليس زلات أو أخطاء يمكن تجاوزها -رغم ما تجاوزته السعودية وصفحت عنه- بل طعنات في الظهر وضربات تحت الحزام؛ لم تأتِ من عدو بل من أخ مداهن لا يضيع فرصة ليؤكد على أنه شقيق أصغر.
لأن المملكة العربية السعودية شقيق أكبر لقطر ظل نظام الدوحة وفيًّا -وهو الذي لا يعرف عن الوفاء غير اسمه- لمناصبتها العداء سرًّا ومناهضة أي موقف إقليمي أو قومي تتخذه.
ولأن السعودية شقيق أكبر لم يجد القطريون حرجًا في التآمر مع العقيد الليبي معمر القذافي ضدها، ولأن إيران تجاهر بعدائها للسعودية، شقيق قطر الأكبر، لم يجد القطريون غضاضة في الوقوف إلى جانبها ضد الشقيق؛ ولأن الحوثيين جماعة إرهابية تناصب الشقيق الأكبر العداء كانت قطر كالعادة نصيرهم في العلن، وما خفي كان أعظم.
وحينما دعمت السعودية الثورة على نظام الإخوان الإرهابي في مصر؛ وقال الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز كلمته الخالدة: "إنَّ المساس بمصر مساس بالعروبة والإسلام ومساس بالسعودية" كان كأنما بين للقطريين حيث يجب أن يكونوا فكانوا -طبعًا- في الجانب المتوخى منه المساس بالسعودية.
وللغرض ذاته دفعت قطر الأموال الطائلة للجماعات الإرهابية الملطخة أياديها بالدم، لتسيء للشقيق الأكبر وتفتري عليه.
قد يُفاجأ الذي لا يعلم بخبايا السياسة في منطقة الخليج العربي خلال الأزمة الراهنة بتركيز قطر وأبواقها حملتها الإعلامية على الإمارات العربية المتحدة أكثر من السعودية؛ والسبب أن القطريين ومن شايعهم لا ينقمون على الإمارات غير تحالفها الاستراتيجي مع السعودية ووفائها للشقيقة الكبرى.
فصانع القرار في دولة الإمارات طالما وصف المملكةَ العربية السعودية بالشقيقة الكبرى، وشتان ما بين لفظ حُكام قطر لهذه المقولة وحكام الإمارات، ولا أدل على ذلك من الوقفة الشامخة التي وقفتها الإمارات العربية المتحدة مع جمهورية مصر العربية، حيث بذلت الغالي والنفيس من أجل أن تستقر بعد أن عاث فيها تنظيم الإخوان الإرهابي فسادًا، وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وفي نفس الوقت كانت اليد القطرية تحاول جاهدة إفساد ما تصلح الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وعندما أعلن الملك سلمان عن عاصفة الحزم لإنقاذ السلطة الشرعية في اليمن من الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران، وقفت الإمارات شامخة لمساندة الشقيقة الكبرى، وأرسلت أبناءها، فلذات كبدها، إلى المعركة، أرضًا وجوًّا، ودماء شهدائها الطاهرة التي ارتوت منها أرض اليمن شاهدة على ذلك.
في الوقت نفسه كانت قطر -التي أعلن وزير خارجيتها عن أنَّها أُجبرت على الدخول في التحالف العربي- تتعامل مع القاعدة والحوثيين من تحت الستار، للإضرار بالشقيقة الكبرى ودولة الإمارات، وسيأتينا من خفايا هذا الدور السلبي الكثير في قادم الأيام.
تبقى المملكة العربية السعودية الشقيقة الكبرى لجميع الدول العربية والإسلامية عامّةً، ودول مجلس التعاون خاصّةً، لكن يبقى أيضًا الفارق كبيرا بين صانع السياسة في دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر.
مهندس سياسة قطر حمد بن خليفة، منذ توليه سدة الحكم حتى اليوم وهو يتآمر على الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، ويبذل ماله في مشارق الأرض ومغاربها لتمويل الدسائس ضدها.. وذلك بشهادة السعوديين وغيرهم من الدول.
أما الشيخ محمد بن زايد فيربط القول بالفعل، وذلك بالوقوف مع الشقيقة الكبرى وقفة مبدئية، حاملًا راية الاستقرار للمملكة والعالم العربي والإسلامي، ومكافحًا للإرهاب، ومدافعًا عن سمعة العرب والمسلمين، واضعًا يده في يد الشقيقة الكبرى، ومساندًا لسياساتها في المحافل الدولية.
ما تتشدق به قطر من حب للمملكة العربية السعودية ووصفها لها بالشقيقة الكبرى بات واضحًا أنه كذب بواح، وبذلك يكون لسان قطر يسر، وقلبها يضر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة