منذ إعلان السعودية «رؤيتها 2030» قبل أقل من ثلاث سنوات والعالم منقسم ما بين محذر ومشكك ومستغرب وغير مصدق.
منذ إعلان السعودية «رؤيتها 2030» قبل أقل من ثلاث سنوات والعالم منقسم ما بين محذر ومشكك ومستغرب وغير مصدق، فهي الخطة الاقتصادية الأولى في تاريخ المملكة، وصاحبة المدة الأكبر بين الخطط التنموية العشر التي طبقت خلال العقود الماضية، فلماذا تنجح هذه الخطة بخلاف سابقاتها التي كان لها الهدف نفسه بتنوع مصادر الدخل وإحداث تغيرات في بنية الاقتصاد؟! جاءت «الرؤية» حيث تكون شاملة وخطة طويلة الأجل لعلاج العجز في الميزانيات السعودية والميزان التجاري، وتوفير مصادر للدخل بعيدة عن النفط وفق رؤية مستقبلية، هادفة في مراحلها الأخيرة إلى تنحية النفط من الريادة في الميزانية.
الآمال كبيرة وسقف الطموحات عالٍ، وصندوق الاستثمارات العامة سيتحول إلى أكبر صندوق سيادي في العالم، وكبرى الشركات السعودية ستتجه لتكون عابرة للحدود، تسليح الجيش سيكون قوياً، مع تصنيع نصف احتياجاته العسكرية على الأقل محلياً، الثروة تستثمر في الداخل، وهكذا فإن الأهداف التي حددت أعلى من أن يتم تصورها، ولعل الغاية التي تهدف إليها السعودية أن تكون دولة أقوى اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وأيضاً اجتماعياً، وهي غاية تسعى إليها كل دول العالم، ومن النادر نجاح أي منها في الوصول لغايتها، فكيف للسعودية أن تنجح فيما عجز عنه الآخرون؟!
المهم، وفي ظل كل حملات التشكيك المتزايدة، أن هناك «قفزة فلكية» عاشتها السعودية خلال ثلاث سنوات فقط، فالساعة لدى السعوديين لا تتوقف، أليس هم من قال عنهم ولي عهدهم شعباً «جباراً وعظيماً»، يضعون الأهداف ويحققونها بسهولة؟!
لم يتعرض مشروع للتشكيك كما مشروع الإصلاح الاقتصادي السعودي، وخلال السنتين ونصف السنة الماضية، منذ إعلان «رؤية 2030»، واجه حملات تشويه كبرى غير مسبوقة، نقداً غير موضوعي، اختلاق أزمات سياسية، ومع ذلك فالمشروع ماضٍ لا يتوقف، لم يتأثر بكل ذلك، يسير بخطى متسارعة، يتقدم ولا يتأخر، فالأرقام لا تكذب، كما قال الأمير محمد بن سلمان «أطلب من الجميع ألا يصدقوني.. انظر إلى الأرقام»، شارحاً أن كل مشروعات الإصلاح ماضية، وتطوير المملكة ماضٍ، فمثلاً أصعب ما تواجهه أي دولة نفطية هو زيادة إيراداتها غير النفطية، وهو الذي تضاعف 3 مرات في السنوات الثلاث الماضية، إضافة إلى ذلك وخلال الفترة نفسها تضاعف حجم صندوق الاستثمارات العامة خلال ثلاث سنوات فقط لكي يرتفع حجمه مائة في المائة، وصولاً إلى (300) مليار دولار، مع توقعات بأن يصل إلى 400 مليار دولار مطلع 2019، وهي نتائج لا يستطيع أي منصف إلا الانبهار بها.
الابتزاز السياسي والشكوك غير المنطقية التي تتعرض لها خطط الإصلاح السعودية، وتتزامن مع حملات شرسة غير عادلة، تعود إلى مجموعة من المسببات، لكن أبرزها في تقديري ثلاثة أسباب رئيسية، الأول أن المملكة إذا نجحت خطتها الطموحة فإن مقدار اعتمادها على دول رئيسية سيكون أقل بكثير من السابق، وهذا بالتأكيد فيه خسارة كبيرة للكثير ممن كانوا يعتمدون على المملكة، أما السبب الثاني فإن نجاح المشروع السعودي سيكون نموذجاً حقيقياً لمشروعات الإصلاح التنموية في دول المنطقة، أما السبب الثالث فإن الغرب تحديداً ينظر لهذه المنطقة من العالم على أنها غير قابلة للإصلاح لا اقتصادياً ولا اجتماعياً، وأن أي خطط في هذه الاتجاه لا بد أن تمر عن طريقه ووفق أجندته، فكيف لدولة شرق أوسطية تقلل من اعتمادها عليه وتبدأ في الاعتماد على نفسها بالكامل، أما إذا كان هناك مشروع تنموي ناجح يقود النهضة القادمة في العالم وانتقالها إلى الشرق الأوسط، فالأكيد أن كل عوامل التشكيك والإحباط ستكون حاضرة بقوة ولن تتوقف.
المهم، وفي ظل كل حملات التشكيك المتزايدة، أن هناك «قفزة فلكية» عاشتها السعودية خلال ثلاث سنوات فقط، فالساعة لدى السعوديين لا تتوقف، أليس هم من قال عنهم ولي عهدهم شعباً «جباراً وعظيماً»، يضعون الأهداف ويحققونها بسهولة؟! أما الأهم في هذا كله أنه «مهما حاولوا كبح جهودنا لن نتوقف»، كما لخصها الأمير محمد بن سلمان، ومن حضر أو شاهد معنويات السعوديين كيف بلغت «عنان السماء» وهم يستمعون، عبر مبادرة مستقبل الاستثمار إلى حقائق واقعية تبشرهم بمستقبلهم من قائدهم، يعلم جيداً أن ألف حملة وحملة من تلك التي يتعرضون لها لن تفت في عزمهم أو تكسر طموحاتهم أو تعيق تقدمهم، بل بالعكس هي وقود لهم لاستكمال خططهم في إصلاح وطنهم.
السعودية ماضية في مشروعها، في إصلاحها، في تطوير منظومتها، ولن تتوقف لا ساعتها، ولا سواعد أبنائها، مهما ذهب المشككون، وكيفما فعل المحبطون.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة