مؤسس السعودية وملكها وولي عهده.. سيرة 3 قادة تتوج مسيرة وطن
في كل عام ومع احتفالات اليوم الوطني الـ92، يستحضر السعوديون سيرة ومسيرة المؤسس وملكها وولي عهده بقلوب تفيض بمشاعر الوفاء.
مشاعر وفاء للملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، الذي وحد البلاد تحت اسم "المملكة العربية السعودية" في مثل هذا اليوم قبل نحو 9 عقود، وتحديدا في شهر جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر/أيلول 1932، وهو التاريخ الذي يحتفل به السعوديون بذكرى اليوم الوطني.
حب وتقدير أيضا يكنه السعوديون أيضا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (نجل الملك المؤسس) وولي عهده الأمير محمد بن سلمان (حفيد الملك المؤسس)، اللذين يستكملان مسيرة النهوض بالوطن سيرا على درب المؤسس.
ويستعيد السعوديون في تلك المناسبة الوطنية الهامة سيرة ومسيرة القادة الثلاثة، بدءا من مرحلة توحيد المملكة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود وحتى مرحلة النهضة الشاملة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وينفذها ولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
نهضة نجح من خلالها ولي العهد السعودي، بث روح الشباب في أوصال الدولة بأفكاره ومبادراته وسياساته عبر برامج ومشاريع (رؤية 2030) التي تعد خارطة طريق لاستدامة نهضة المملكة وتعزيز ريادتها.
الملك عبدالعزيز.. مرحلة التأسيس
رغم مضي نحو 7 عقود على وفاة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية، إلا أن بطولاته وجهوده لا تزال حاضرة في أذهان ووجدان السعوديين.
معرفة الدور الذي قام به الملك عبدالعزيز آل سعود تقتضي إلقاء إطلالة تاريخية على الجهود الأولى لتأسيس الدولة السعودية قبل 3 قرون، وتحديدا منتصف عام 1139هـ، الموافق 22 فبراير/شباط من عام 1727، وهو بدء عهد الإمام محمد بن سعود وتأسيسه الدولة السعودية الأولى.
استمرت الدولة السعودية الأولى 91 عاما، وتحديدا حتى عام 1233هـ (1818م)، ولم تمضِ سوى 7 سنوات هجرية على انتهائها حتى تمكن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود عام 1240هـ (1824م) من استعادتها وتأسيس الدولة السعودية الثانية.
وبعد انتهاء الدولة السعودية الثانية شهدت المنطقة فراغا سياسيا وفوضى في وسط شبه الجزيرة العربية استمر قرابة عشر سنوات، حتى تمكن الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ- الخامس عشر من يناير/كانون الثاني 1902م من إعادة تأسيس الدولة السعودية الثالثة بعد أن استرد مدينة الرياض ليبدأ صفحة جديدة من صفحات التاريخ السعودي، ويضع لبنة من لبنات الوحدة والاستقرار والنماء.
وفي 17 من شهر جمادى الأولى عام 1351 هـ الموافق 19 من شهر سبتمبر/أيلول عام 1932 صدر أمر ملكي بإعلان توحيد البلاد وتسميتها باسم (المملكة العربية السعودية)، اعتباراً من الخميس 21 جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر/أيلول 1932.
ووجه الملك عبدالعزيز عند بداية تنظيم الدولة بالاهتمام بالحرمين الشريفين وتوسعتهما، وخدمة الحجاج والمعتمرين، فضلا عن البدء في فتح المدارس، وإنشاء المستشفيات، وبناء القرى، وإصلاح التربة، وتوطين البادية، والتنقيب عن مياه الري من أجل دعم الزراعة، بيد أن هذه الجهود كانت تصطدم بتوفر المال لتنفيذها وهو ما شغل تفكير الملك عبدالعزيز إلى أن شار عليه أحد المستشارين بالبحث عن الثروات المعدنية تحت باطن الأرض.
وفي عام 1939، جرت أول عملية ضخ للنفط في احتفال شهده الملك عبدالعزيز، ليستهل بعدها مشروعات الدولة التي خطط لها وسط تحديات عالمية واجهت المملكة ودول المنطقة بسبب الحرب العالمية الثانية.
وكان اهتمام الملك عبدالعزيز بالشأن الخارجي بنفس اهتمامه بالشأن الداخلي للبلاد، ويتعامل مع جميع دول العالم بدبلوماسية عالية المستوى آخذًا بعين الاعتبار حق المملكة في استقلالها واختيار طبيعة علاقاتها مع الدول دون الإخلال بمكانتها: الدينية، والحضارية، والثقافية.
واستمر أبناؤه الملوك من بعده على نهجه في تعزيز لبنات البناء والاستقرار والتنمية حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
الملك سلمان.. نهضة غير مسبوقة
ولد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في 31 ديسمبر/كانون الأول 1935 بعد 3 أعوام فقط من قيام والده بتوحيد الدولة وتحويل اسمها من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى المملكة العربية السعودية يوم 23 سبتمبر/أيلول عام 1932م، الموافق 17 جمادى الأولى عام 1351هـ.
والملك سلمان هو الابن الـ25 من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، ونشأ مع إخوته في القصر الملكي بالرياض، حيث كان يرافق والده في اللقاءات الرسمية مع ملوك وحكام العالم.
وقد عاصر الملك سلمان جميع ملوك المملكة منذ تأسيسها على يد والده، وعمل معهم منذ أن دخل العمل السياسي في الـ19 من عمره أميرا لمنطقة الرياض بالنيابة عام 1954.
وفي العام التالي، عين أميراً لمنطقة الرياض إحدى أكبر مناطق السعودية في المساحة والسكان وعاصمة الدولة، وذلك خلال الفترة من 18 أبريل/نيسان 1955 حتى استقالته في 25 ديسمبر/كانون الأول 1960، لكن في 4 فبراير/شباط 1963 أعيد تعيينه أميراً للمنطقة نفسها.
واستمر أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من 5 عقود، أشرف خلالها على عملية تحول المنطقة من بلدة متوسطة الحجم يسكنها نحو 200 ألف نسمة إلى إحدى أسرع العواصم نمواً وتطورا في العالم العربي.
وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، صدر قرار من الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بتعيين الأمير سلمان بن عبدالعزيز آنذاك وزيراً للدفاع، وشهدت الوزارة في عهده تطويراً شاملاً لجميع القطاعات في التدريب والتسليح.
ثم في 18 يونيو/حزيران 2012، أصدر الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمراً باختياره ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، مع احتفاظه بمنصب وزير الدفاع.
عقب وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في 23 يناير/كانون الثاني 2015 (الموافق 3 ربيع الآخر 1436هـ) تمت مبايعته ملكاً، ليصبح الملك سلمان بن عبدالعزيز سابع ملك للمملكة العربية السعودية.
ومنذ مبايعته، شهدت المملكة المزيد من الإنجازات التنموية العملاقة على امتداد مساحاتها الشاسعة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية.
وعقب توليه الحكم، أعاد تشكيل مفاصل الدولة على مختلف الأصعدة، فقد أصدر أمرا ملكيا في 29 يناير/كانون الثاني 2015 تضمن إلغاء 12 لجنة ومجلسا، أبرزها مجلس الأمن الوطني والمجلس الاقتصادي الأعلى.
واستبدلهما بمجلسين يرتبطان تنظيميا بمجلس الوزراء هما "مجلس الشؤون السياسية والأمنية" و"مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية"، ويترأسهما ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويقومان برسم سياسات المملكة على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
اقتصاديا، ولمواجهة تحدي انخفاض أسعار النفط، أعلنت السعودية في 25 أبريل/نيسان 2016 رؤية اقتصادية لعام 2030، تهدف إلى خفض اعتمادها على النفط، المصدر الرئيسي للدخل.
ووضع الملك سلمان بن عبدالعزيز إطارا عاما في خطابه أمام مجلس الشورى، في 14 ديسمبر/كانون الأول 2016، لسياسة بلاده الخارجية، مؤكدا أن "خيار الحل السياسي للأزمات الدولية هو الأمثل لتحقيق تطلعات الشعوب نحو السلام"، وهي السياسة التي تلتزم بها المملكة حتى اليوم في إطار حرصها على دعم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
محمد بن سلمان.. مستقبل مشرق
احتفالات اليوم الوطني 92 تتزامن مع نجاح جهود وساطة قام بها الأمير محمد بن سلمان في إتمام صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا شملت إطلاق سراح 10 أسرى من 5 دول.
وساطة تعزز نجاح الأمير محمد بن سلمان في تعظيم مكانة المملكة وتكريس ثقلها إقليما ودوليا وتحقيق إنجازات بارزة على الصعيدين المحلي والدولي.
إنجازات تتواصل في إطار نهضة شاملة يقودها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وينفذها ولي عهده الأمير محمد بن سلمان الذي بث روح الشباب في أوصال الدولة بأفكاره ومبادراته وسياساته، وقاد المملكة اليوم إلى ما بات يعرف بـ"السعودية الجديدة"، التي تعد "رؤية 2030" خارطة طريق لنهضتها.
ويشغل الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز العديد من المناصب فهو ولي عهد السعودية، ونائب رئيس مجلس الوزراء إضافة لكونه وزير الدفاع. كما يرأس مجلس الشؤون السياسية والأمنية وكذلك مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
ولد الأمير محمد بن سلمان في 31 أغسطس/آب عام 1985 بالعاصمة الرياض، وهو الابن السادس للعاهل السعودي الملك بن سلمان آل سعود.
حصل على درجة البكالوريوس في القانون في جامعة الملك سعود وحاز على الترتيب الثاني على دفعته من كلية القانون والعلوم السياسية.
كما تلقى تعليمه العام في مدارس الرياض وكان من ضمن العشرة الأوائل على مستوى المملكة في الثانوية العامة وخلال فترة تعليمه تلقى العديد من الدورات والبرامج.
بدأ الأمير محمد بن سلمان مسيرته بممارسة العمل الحر، قبل البدء في ممارسة مهامه في الخدمة العامة في المملكة العربية السعودية من خلال عمله كمستشار متفرغ بهيئة الخبراء في مجلس الوزراء في 10 أبريل/نيسان 2007.
وتدرج في العديد من المناصب حتى صدر أمر ملكي بتعيينه رئيساً لديوان ولي العهد ومستشاراً خاصاً له بمرتبة وزير في مارس/آذار 2013، وذلك بعيد تولي الأمير سلمان ولاية العهد آنذاك.
وقد صدر أمر ملكي بتعيينه مشرفاً عاماً على مكتب وزير الدفاع في يوليو/تموز 2013 ، ثم في أبريل/نيسان 2014 صدر أمر ملكي بتعيينه وزيراً للدولة عضواً في مجلس الوزراء، وفي سبتمبر/أيلول من العام نفسه صدر قرار تعيينه رئيساً للجنة التنفيذية في دارة الملك عبدالعزيز.
وعقب تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في 23 يناير/كانون الثاني 2015، صدر أمر ملكي في اليوم نفسه بتعيينه وزيرا للدفاع، كما صدر أمر ملكي بتعيينه رئيساً للديوان الملكي ومستشاراً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين بمرتبة وزير.
وبعد نحو شهرين من توليه مهام وزارة الدفاع، انطلقت في تاريخ 26 مارس/آذار 2015 عملية عاصفة الحزم لدعم الشرعية في اليمن، وتولى قيادة التحالف في الحرب ضد الحوثيين والموالين لهم.
وفي 29 أبريل/نيسان من العام نفسه، صدر أمر ملكي باختياره وليًا لولي العهد، كما ترأس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي يقوم بترتيب كل ما له صلة بالشؤون الاقتصادية والتنموية وما في حكمها.
وعقب ذلك، وتحديدا في 26 رمضان 1438هـ الموافق 21 يونيو/حزيران 2017، صدر أمر ملكي باختياره وليًا للعهد، ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء وزيرًا للدفاع.
وتحل ذكرى اليوم الوطني 92 في وقت تمضي فيه المملكة في طريقها لتحقيق المزيد من الإنجازات من خلال رؤية 2030، التي أعلن عنها الأمير محمد بن سلمان في أبريل/نيسان 2016، مستهدفة تعزيز النمو الاقتصادي واستدامته في المجالات كافة، وإرساء أسس جديدة لتنويع مصادر الدخل.
فقبل أيام، أطلق الأمير محمد بن سلمان، الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، التي تستهدف تحقيق أثر اقتصادي بالمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 50 مليار ريال واستحداث فرص عمل جديدة تصل إلى أكثر من 39 ألف فرصة عمل بحلول عام 2030.
وفي مارس/ آذار الماضي، أطلق الأمير محمد بن سلمان استراتيجية صندوق التنمية الوطني الهادفة إلى دعم أهداف التنمية المستدامة لكافة القطاعات الاقتصادية عبر تحويله إلى مؤسسة تمويلية وطنية متكاملة للمساهمة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030؛ عبر إسهام الصندوق في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة بضخ أكثر من 570 مليار ريال بحلول عام 2030.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، نجحت الأربعاء وساطة قام بها الأمير محمد بن سلمان في إتمام صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا شملت إطلاق سراح 10 أسرى من 5 دول.
وساطة تتوج المكانة الإقليمية والدولية المرموقة التي تحظى بها المملكة، والتي جسدتها عبر استضافة العديد من المناسبات الدولية الهامة كان أبرزها قبل شهرين، استضافة قمة خليجية عربية أمريكية هي الأولى من نوعها، حملت اسم "قمة جدة للأمن والتنمية" شارك فيها قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والرئيس الأمريكي جو بايدن، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
وصدر في ختام القمة بيان أكد فيه القادة رؤيتهم المشتركة لمنطقة يسودها السلام والازدهار، وما يتطلبه ذلك من أهمية اتخاذ جميع التدابير اللازمة في سبيل حفظ أمن المنطقة واستقرارها.