الإمارات والسعودية.. نموذج خليجي مُلهم وقوة اقتصادية مؤثرة
شراكة استراتيجية تمتد جذروها إلى أعماق التاريخ، جسدتها العلاقات الاقتصادية الإماراتية السعودية التي تشكل صمام الأمان للاستقرار الخليجي.
تقدم العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية نموذجا فريدا كأبرز تحالف بين أكبر اقتصادين عربيين، بما يخدم المصالح المشتركة على صعيد العديد من مجالات التعاون المثمر.
تعد السعودية أكبر اقتصاد عربي بإجمالي ناتج محلي 700 مليار دولار أمريكي في 2020، يأتي خلفها مباشرة الاقتصاد الإماراتي بناتج محلي يبلغ 404 مليارات دولار أمريكي.
تنامى التعاون الاقتصادي بين البلدين، حتى أخذ منحنى صعوديا منذ مطلع الألفية الجديدة، بعد وضع قائمة بأولويات التعاون الاقتصادي والتجاري والمالي، والذي بات يمكن تنسيق بشكل أفضل تحت مظلة مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي تم إطلاقه في مايو/أيار 2016.
هذا التعاون فتح الحدود أمام الاستثمارات المتبادلة، بالتزامن مع تقديم كلا البلدين تسهيلات وحوافز لرجال أعمال البلدين، لبناء اقتصاد متكامل يعزز رفاهية الشعبين.
استثمارات ضخمة متبادلة
ترجمت الإمارات والسعودية العلاقات الاقتصادية المتينة إلى أرقام واقعية تخدم نمو البلدين، إذ يتجاوز رصيد الاستثمارات السعودية المباشرة في الإمارات حاجز 16 مليار درهم حتى نهاية عام 2019.
وتوجد 4459 علامة تجارية سعودية مسجلة في الإمارات و70 وكالة تجارية و16 شركة مسجلة تعمل في قطاعات استثمارية من بينها التعدين واستغلال المحاجر وتجارة الجملة والتجزئة والأنشطة المالية وأنشطة التأمين وفي مجال صحة الإنسان والعمل الاجتماعي والتعليم وأنشطة خدمات الإقامة والطعام والأنشطة العقارية والصناعات التحويلية والتشييد والبناء والزراعة وصيد الأسماك، والنقل والتخزين وأنشطة الخدمات الإدارية وخدمات الدعم والأنشطة المهنية والعلمية والتقنية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
على الجانب الآخر، تأتي الإمارات في طليعة الدول المستثمرة في المملكة بقيمة إجمالية تزيد عن 34 مليار درهم، وتعكس نشاط ما يقارب 122 مشروعا استثماريا لما يزيد على 65 شركة ومجموعة استثمارية إماراتية.
تبادل تجاري قوي
يعد حجم التبادل التجاري بين الإمارات والسعودية الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي، والذي نما بنسبة 431% في آخر 10 سنوات للفترة الممتدة بين 2010 وعام 2019.
جاء هذا النمو في إطار جهود البلدين لتنويع مصادر الدخل الاقتصادي بعيدا عن النفط، وهو ما تجلى في توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية التجارية، حتى تحولت السعودية إلى أحد أكبر ثلاثة شركاء تجاريين غير نفطيين، للإمارات.
وبلغت قيمة التبادل التجاري غير النفطي بين بين البلدين في 2019، نحو 30.8 مليار دولار و29.3 مليار دولار في 2018.
في حين كان حجم التبادل التجاري في 2010 نحو 5.8 مليارات دولار أمريكي، وفق البيانات السعودية.
وفي 2019، بلغت قيمة الصادرات السعودية غير النفطية للإمارات 6.8 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الواردات السعودية من الإمارات نحو 8.4 مليار دولار، وقرابة 15.6 مليار دولار إعادة تصدير، وفق وزارة الاقتصاد الإماراتية.
ومن أبرز الصادرات السعودية للإمارات منتجات معدنية ولدائن وكيماويات وأجهزة ومعدات كهربائية، بينما أبرز واردات المملكة من الإمارات: معادن ثمينة وسيارات وأجزاؤها ومنتجات معدنية.
تأشيرة سياحية مشتركة
تدرس الإمارات، والسعودية اختراق مجال إصدار تأشيرة سياحية مشتركة، في خطوة جديدة نحو مزيد من التعاون والتكامل، ودعم قطاع السياحة في البلدين.
وجاءت مبادرة التأشيرة المشتركة بين البلدين، في ظل الإجراءات السعودية التي سعت لتسهيل دخول السياح إليها، وكان متوقعا أن يتم تطبيق التأشيرة الموحدة خلال عام 2020، لكن تفشي جائحة كورونا، وإجراءات إغلاق الحدود، وقيود السفر، حالت دون ذلك.
وبحسب المختصين، فإن هذه الخطوة هامة ومفيدة لاقتصادات البلدين، وسيفتح نجاحها المجال لتصبح تأشيرة موحدة تشمل كافة دول الخليج.
وهناك آمال بنجاح التأشيرة الموحدة بين السعودية والإمارات، نظرا لأهميتها في إعطاء دفعة قوية للشركات الوطنية في الإمارات والسعودية وستعطي للتعاون والتنسيق فيما بينهما، وتحفيز قطاع السياحة والمطارات والفنادق.
التعاون في إدارة ملف النفط العالمي
تواصل الإمارات والسعودية فيما بينهما في مساندة تجارة النفط عالميا، وإدارة هذه الملف الدقيق في إطار تحالف "أوبك +"، واستفادت البلدين من الرؤى الموحدة بينهما والتي تلعب دوما دورا مهما في الحفاظ على استقرار النفط تاريخيا.
ومؤخرا بمساهمة قوية من الإمارات والسعودية، مدد تحالف "أوبك+" اتفاقية إنتاج النفط حتى نهاية 2022 بدلاً من أبريل/نيسان المقبل، مع زيادة الإنتاج 400 ألف برميل يومياً كل شهر اعتباراً من شهر أغسطس/آب المقبل.
وأعلن تحالف أوبك+ في اجتماعه خلال 18 يوليو/ أيلول الجاري تمديد اتفاقية إنتاج النفط مع إقرار زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا كل شهر اعتباراً من شهر أغسطس المقبل.
وخلال الاجتماع تقرر رفع خط الأساس لإنتاج أوبك+ من 43.8 إلى 45.5 مليون برميل يوميا اعتباراً من مايو/ آيار 2022.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjQuMTc2IA== جزيرة ام اند امز