توفير الغاز.. ما علاقة المفاعلات النووية في ألمانيا؟
استبعدت الحكومة الألمانية، تمديد العمر الافتراضي للمفاعلات النووية الثلاثة المتبقية لتوليد الكهرباء في بلاده من أجل توفير الغاز.
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك اليوم الأحد، إن ذلك لن يوفر سوى 2% من استهلاك الغاز.
وأضاف خلال نقاش عام مع المواطنين أن هذه النسبة غير كافية لتبرر تجديد النقاش بشأن الاستغناء عن الطاقة النووية في ظل الإجماع على الخلي عنها.
ومن المقرر أن تغلق محطات الطاقة النووية تلك أبوابها بنهاية العام بموجب تشريع طرحته حكومة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل بعد تضرر مفاعل فوكوشيما في اليابان في 2011.
وقال هابيك "إنه القرار الخاطئ بالنظر إلى الكمية الضئيلة التي سنوفرها". لكنه قال إنه منفتح على تمديد العمر الافتراضي لمحطة طاقة نووية في بافاريا إذا أظهر اختبار تحمل ضرورة ذلك لضمان استقرار إمدادات شبكة الكهرباء في الشتاء. ومن المقرر أن تصدر نتائج الاختبار في الأسابيع المقبلة.
حديث يتعارض مع ما توقعه وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، في يوليو/تموز 2022، بأن تضطر بلاده إلى تمديد عمل المفاعلات النووية في ظل أزمة الطاقة الراهنة، مطالباً باتخاذ هذه الخطوة.
وقال، إن «المسألة لا تتعلق بسنوات كثيرة، وربما تعيّن علينا أن نتقبل فكرة استمرار الحاجة إلى الطاقة النووية في عام 2024».
وحذّر ليندنر من إمكانية حدوث نقص ليس في التدفئة وحسب، بل في الكهرباء أيضاً إذا أقبل المزيد من المواطنين على استخدام الكهرباء في التدفئة وشراء مراوح التدفئة بسبب ارتفاع أسعار الغاز.
ولفت النائب الثاني للمستشار أولاف شولتس إلى أن من غير الممكن لألمانيا الاعتماد على الفحم البني كبديل لأسباب تتعلق بحماية المناخ، وقال إنه لهذا السبب يجب دراسة استمرار تشغيل محطات الطاقة النووية بلا تحفُّظ.
وفي ذات السياق، أعرب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر، كريستيان دور عن اعتقاده بأن تمديد فترة عمل المحطات النووية الثلاث المتبقية هو مسألة تتعلق بالتضامن الأوروبي، «فليست ألمانيا وحدها التي تواجه أزمة طاقة خطيرة، بل أوروبا كلها».
وفي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية قال دور، «إن الاتحاد الأوروبي يشير صراحة إلى الطاقة النووية باعتبارها تقنية لتفادي الأزمة، ولا أعرف كيف سنشرح لشركائنا الأوروبيين أننا سنغلق مصادر آمنة للطاقة لأسباب أيديولوجية، بينما فرنسا على وشك أن تواجه أزمة كهرباء».
كما أعلن المستشار الألماني، أولاف شولتس، مطلع أغسطس/آب الجاري، تأييده فكرة تمديد عمر 3 مفاعلات نووية في ألمانيا، وسط النقص الحاد في الطاقة.
وحسب وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، قال شولتس، إن “تمديد عمر المفاعلات قد يكون منطقيا"، ولكنه لم يعلن التزامه بالفكرة.
يأتي ذلك وسط ضغط المعارضة لإعادة التفكير في قرار اتخذ منذ فترة لغلق آخر مفاعلات ألمانيا في ديسمبر، ووسط المخاوف من آثار النقص الحاد في إمداد الغاز من روسيا.
وتعد فكرة تمديد عمل المفاعلات محرجة بالنسبة لحزب شولتس ولحزب الخضر البيئي، حيث كانت حكومة الحزبين اعتمدت قرار إغلاق المفاعلات النووية قبل عقدين، واعتبرت معارضة الطاقة النووية أساسا بنيت عليه هوية حزب الخضر.
وكانت أحدث البيانات الأولية من مشغلي تخزين الغاز الأوروبيين قد أظهرت مستوى ملء مستودعات تخزين الغاز الألمانية بلغ 75.43% من طاقتها الاستيعابية في 12 أغسطس/آب 2022، أي قبل أسبوعين من الموعد المحدد.
ووفقا للوائح الجديدة، فإنه بحلول الأول من أكتوبر/تشرين الأول القادم، يجب أن يكون مستوى الملء 85% على الأقل وأن يكون 95% بحلول نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
وتعوض مرافق التخزين التقلبات في استهلاك الغاز، وبالتالي تشكل نوعا من الحاجز لسوق الغاز. وتحاول الحكومة الألمانية ضمان ملء مرافق تخزين الغاز تقريبا بحلول فصل الشتاء.
والهدف هذا العام هو مساعدة البلاد على الاستعداد بشكل أفضل لمواجهة الخسارة الكلية المحتملة من الإمدادات الروسية في الشتاء.
ولأغراض المقارنة، ستكون كمية الغاز المخزنة عند مستوى 95% تقريبا هي نفس كمية الغاز التي استخدمت على مستوى البلاد خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2022.
وأصبحت مستويات التخزين المرتفعة الحالية ممكنة بسبب الاستهلاك المنخفض خلال الصيف والواردات القوية من شمال غرب أوروبا.
وتعتمد ألمانيا -أكبر اقتصاد في أوروبا- على الغاز الطبيعي عبر الأنابيب من روسيا، والذي يمثل 35% من وارداتها من الوقود.
في منتصف يوليو/تموز 2022 أفادت وكالة التصنيف "موديز" بأن ألمانيا خفضت اعتمادها على الغاز الروسي فعلا، لكن الحديث عن تقليل اعتمادها على هذا الغاز إلى نسبة 10% حتى عام 2024 ليس إلا طموح.
وقالت الوكالة: "لقد انخفض اعتماد ألمانيا على واردات الغاز الروسي 30% من أصل 60% حتى الآن، وهي تعمل على تنويع مصادرها للغاز الطبيعي المسال".
وحسب بيانات وزارة الاقتصاد تراجع استيراد ألمانيا للغاز الروسي من 55% إلى 26% من حاجة البلاد حتى نهاية شهر يونيو/حزيران 2022. وهناك توقعات أن تتراجع نسبة الغاز الروسي حتى نهاية شهر يوليو/تموز إلى نحو 10% من كمية الغاز التي تستهلكها ألمانيا.
أعلنت شركة "جازبروم" الروسية للطاقة خفض التدفق اليومي للغاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1" بدءا من 27 يوليو/تموز 2022 إلى 20%، أو ما يعادل 33 مليون متر مكعب من الغاز عبر أهم خط إمداد إلى ألمانيا، وأرجعت الخفض إلى إصلاح توربين آخر.
وكانت روسيا قد خفّضت مرتين كميات شحنات الغاز في حزيران/يونيو، قائلة إن خط أنابيب الغاز لا يمكنه العمل بشكل طبيعي دون توربين كان يتمّ إصلاحه في كندا ولم يعد إلى روسيا بسبب العقوبات الغربية على موسكو اثر تدشينها الحرب في أوكرانيا.
وتجوب ألمانيا اليوم مختلف دول وقارات العالم من أجل توفير إمدادات الغاز، وكانت آخر الجولات ذهاب المستشار أولاف شولتس إلى كندا بآمال إنقاذ الاقتصاد الأوروبي الأكبر من معضلة الغاز.