من جميل المحطات التي ينبغي أن نعتني بها في شهر رمضان "تزكية النفوس"، لا سيما مع انتشار وباء كورونا المستجد
يقبل شهر رمضان في كل عام بخيراته ونفحاته، ويطل علينا ببركاته وهباته، ويخرُج المرء من مدرسة رمضان بأجمل القيم والآثار، وأبلغ العظات والثمار.
حقيقة تزكية النفس تطهيرها وإصلاحها، وتنميتها والارتقاء بها من خلال العلم النافع والعمل الصالح، وفعل الطاعات والبعد عن المنهيات
ومن جميل المحطات التي ينبغي أن نعتني بها في شهر رمضان "تزكية النفوس"، لا سيما مع انتشار وباء كورونا المستجد، وتغير كثير من مظاهر العبادات، وتقلص العديد من العادات.
وحقيقة تزكية النفس تطهيرها وإصلاحها، وتنميتها والارتقاء بها من خلال العلم النافع والعمل الصالح، وفعل الطاعات والبعد عن المنهيات.
ولو لم يكن لتزكية النفس إلا بشارة الفلاح الذي جاء في كتاب الله لكفى بذلك فضلا، قال تعالى: "قد أفلح من تزكى"، وقال في سورة الشمس بعد أحد عشر قسما: "قد أفلح من زكاها"؛ ليؤكد المولى جل في علاه أهمية ومكانة تزكية النفوس.
كما أن تزكية النفوس بريد الجنة، ونحن في شهر تفتّح فيه أبواب الجنة، قال تعالى: "جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى".
بل إن من مهام الرسل - عليهم السلام - دعوة الناس إلى تزكية النفوس، قال سبحانه عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة"، ولما أرسل الله تعالى موسى عليه السلام لفرعون قال له: "فقل هل لك إلى أن تزكى"، وما أجمل ما سطره ابن قيم الجوزية حول هذه الآيات حيث قال: "فالرسل أطباء القلوب فلا سبيل إلى تزكيتها وصلاحها إلا من طريقهم وعلى أيديهم".
وتزكية النفوس لها وسائل كثيرة، لكن من أهم ما يتعلق بتزكية النفوس في شهر رمضان وفي ظل انتشار وباء كورونا المستجد ما يلي:
أولا: تعظيم شهر رمضان، ومعرفة قدره وحرمته؛ فتعظيم شهر رمضان من تعظيم شعائر الله، وتعظيم الشعائر تزكي القلوب وتقربها من الله؛ قال تعالى: "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"، ولا ينبغي أن يجعل الإنسان الآثار الموجودة إثر انتشار وباء كورونا سببا لضعف تعظيم شهر رمضان.
وثانيا: الحرص على الصلاة في أوقاتها، وأداء صلاة الجماعة والتراويح والسنن في البيوت حفاظا على النفوس من الهلكات، والصلاة من أعظم ما تزكو به النفوس، ولذلك قرن الله بين التزكية والصلاة في قوله: "قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى"، وفي الحديث: "إنما جعلت قرة عيني في الصلاة".
وثالثا: البذل والزكوات والإحسان والصدقات لا سيما في شهر الخيرات والبركات، فكم لها من الأثر البالغ في تطهير وتزكية النفس، وقد قال ربنا تعالى في كتابه: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها".
ورابعا: كريم الأخلاق، وجميل السجايا من الصبر والحلم وكظم الغيظ والبشاشة وغيرها من منظومة الأخلاق التي تهذب النفوس وترقيها، ولذلك قرن بالتقوى في الحديث: "أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة تقوى الله وحسن الخلق".
وأخيرا الدعاء في شهر الدعاء بأن يصلح الله النفوس ويزكيها، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: "اللهم آتِ نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة