رسالة تسامح.. فانوس رمضان بأيدي شباب مسيحي في مصر
الشاب المصري أرمانيوس فوزي قال إن الفانوس يسعد الجميع، لأن شعائر رمضان ليس مرتبطة بالمسلمين فقط، أو تخصهم وحدهم، بل هي أجواء نعيشها معا.
أهدى شاب مسيحي فانوس رمضان صنعه خصيصا لأهالي قريته في إحدى قرى صعيد مصر (جنوب)، في رسالة تسامح تدحض دعاوى التفرقة وبعض الأفكار المتطرفة في بلاده.
وقال الشاب أرمانيوس فوزي، البالغ من العمر 35 عاما، ويعمل نجارا في قرية الحتاحتة بمحافظة المنيا بصعيد مصر، لـ"العين الإخبارية": "كنت أفكر كيف سنحتفل برمضان هذا العام مع أحبائنا وأهلنا، ففي البداية كنت سأصنع مجموعة فوانيس، لكن أردت عمل شيء يسعد أهل قريتي جميعا".
وأضاف "بالطبع الفانوس يسعد الجميع، لأن شعائر رمضان ليس مرتبطة بالمسلمين فقط، أو تخصهم وحدهم، بل هي أجواء نعيشها معا، واعتدنا عليها منذ الصغر، لا أبالغ إن قلت إنها أصبحت جزءا منا، حتى إن أطفالي الصغار ينتظرون المسحراتي كل عام".
واستطاع الشاب الثلاثيني أن ينتهي من فانوس رمضان، والذي يبلغ طوله نحو 4 أمتار، خلال 5 أيام فقط، ويقول عن ذلك: "كنت أسارع الزمن كي أدخل الفرحة على قلوب قريتي قبل بدء الشهر، خاصة في ظل ظروف غلق المساجد مع تفشي فيروس كورونا".
ويتذكر أرمانيوس كيف أبكاه رد فعل أحدهم، عندما شاهد فانوس رمضان: "رد فعل الناس وفرحتهم فاقت توقعاتي، فكان الأمر أشبه بزفة.. لا أنسى عندما أخبرني أحد الجيران بأنه كان حزينا لأنه لن يصلي التراويح هذا العام، لكن عندما شاهد الفانوس صباح أول يوم رمضان شعر بأن جميع بيوت الرحمن قد فُتحت".
ويكشف أرمانيوس أنها ليست المرة الأولى التي يفكر فيها في تقديم هدايا خلال شهر رمضان، موضحا أنه كوّن مجموعة من الشباب المسيحي العام الماضي، وأطلق عليهم شباب الدير، كانت مهمتهم الرئيسية توزيع شنط رمضان على الفقراء.
ويعتبر أرمانيوس صناعة فانوسه عملا جماعيا، حيث كان يمر عليه أصدقاؤه في الورشة كل ليلة، ويساعدونه تطوعا، لذا وجد لزاما عليه أن يصطحبهم معه أثناء توصيل الفانوس للمكان الذي سيوضع فيه.
٣٠٠ متر فصلت بين ورشة أرمانيوس بجوار الكنيسة والمسجد الذي وُضع أمامه الفانوس، ويقول أرمانيوس "تزامن رمضان مع عيد القيامة في الأسبوع نفسه، أردت أن أرد جزءا من محبة الناس وتهنئتهم بالعيد.. لكن بشكل عملي جعلني أرى الفرحة في عيونهم".
ويجد الشاب المسيحي أن رسالة التسامح والمحبة التي يتبادلها الناس في قريته أبلغ رد على دعاوى الفرقة والأفكار المتطرفة التي يتبناها متعصبو كل ديانة، وهم قلة قليلة لا تتعدى صوابع اليد الواحدة، حسب وصفه.
ويختتم أرمانيوس حديثه: "الله محبة، والمتعصب يعاند ربه سواء كان مسلما أم مسيحيا، لذا يُهزم مع أول رسالة تسامح بين الناس".