"الضرا".. كورونا يحجب أعرق تقليد رمضاني في السودان
"الضرا" مصطلح يطلق على الساحات والطرقات التي يجتمع فيها سكان الحي في كل مساء لتناول الإفطار الجماعي في رمضان ويتم تبادل الأطعمة والمشروبات بين الحاضرين.
للمرة الأولى منذ عقود، اختفى "الضرا" من أغلب أحياء العاصمة السودانية الخرطوم، وهو أعرق تقليد للإفطارات الجماعية في السودان، نتيجة التدابير الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
وخلت الطرقات والأزقة بالأحياء السكنية من "الضرا" بعدما التزام الأشخاص منازلهم خشية تفشي كورونا، في حدث نادر لم يعتد عليه السودانيون، فكانوا يتخذون من "الضرا" ساحة لإظهار الكرم والتكافل الاجتماعي.
"الضرا" مصطلح يطلق على الساحات والطرقات التي يجتمع فيها سكان الحي في كل مساء لتناول الإفطار الجماعي في رمضان، إذ يأتي كل شخص بمائدته الرمضانية حسب استطاعته، على أن يتم تبادل الأطعمة والمشروبات بين الحاضرين في أبهى صور التكافل.
قال عثمان عبدالله (35 عاما) "نعيش حالة من الحزن هذه السنة لأننا اضطررنا لتناول إفطار رمضان داخل منازلنا، حرمنا من الثواب الذي كنا نجده في الضرا، لكن هذه الأشياء خفيفة مقارنة بخطر فيروس كورونا".
وشرح عبدالله لـ"العين الإخبارية" أهمية "الضرا"، قائلا "كان يمكنهم من تبادل الأطعمة والمشروبات وإطعام الأشخاص المارين الذين يصادفون ساعة الإفطار وهم على طريق العودة لمنازلهم أو السفر، ما يمنحنا ثوابا عظيما".
وأضاف "كان لزاما علينا أن نتنازل هذا العام عن الإفطار الرمضاني في الضرا لأول مرة في تاريخنا، ونأمل في أن تنجلي أزمة كورونا ويعيد علينا هذا الشهر الكريم باليمن والبركات ونستعيد مجدد تقاليدنا وعاداتنا السمحاء".
محاسن "الضرا" لا تتوقف على التكافل والتراحم بين السكان، لكنه يشكل فرصة لمناقشة الأحوال العامة والتواصل الاجتماعي من خلال جلسات الموانسة التي تعقب تناول الإفطار وصلاة المغرب، حيث يتحدث الحاضرون في كل شيء.
قال الصادق علي لـ"العين الإخبارية" إن ظروف عمله الضاغطة تحرمه من مقابلة جيرانه لفترة زمنية طويلة، لذلك يمثل "الضرا" فرصة مهمة لمقابلة أصدقائه ومعارفه في الحي الذي يسكن فيه.
وأضاف الموظف الحكومي "أشعر بالحزن هذا العام لأنني افتقدت ونسات الضرا، والتي تتخللها قصص وحكايات شيقة تزيل رهق الصيام وتنسيك مشاغل الحياة ومتاعبها".
وتابع "من أكثر الأشياء التي افتقدتها هذه المرة أيضا شغب الأطفال الذين يحيطون بالضرا، ويزينون المائدة الرمضانية ويروحون عن أبنائهم لحظة الإفطار الرمضاني".
"الضرا" يظهر وجها مشرقا من الكرم السوداني، عندما يضع السكان موائدهم على قارعة طرق المرور السريع وغيرها، ويجبرون المارة على التوقف وتناول الإفطار الرمضاني معهم.
ويتنافس السودانيون على الأشخاص المارين، إذ يرغب كل واحد في أخذ أكبر عدد من الناس ليتناولوا الإفطار من مائدته حتى يكسب مزيدا من الأجر ويثبت كرمه الفياض.
واختفت هذه المشاهد في غالبية مناطق العاصمة الخرطوم، التي فرضت فيها السلطة الانتقالية حظرا شاملا للتجوال، لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد.
ويعيش السودان تحت حالة الطوارئ الصحية، والتي قضت بإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية، ووقف الدراسة في المراحل كافة لمنع انتشار كورونا.
وسجلت البلاد حتى الأحد، 213 حالة إصابة بكورونا، بينها 14 حالة وفاة، و8 حالات شفاء.
aXA6IDMuMTQuMTQzLjE0OSA= جزيرة ام اند امز