كلمة السر "سونكو".. الاحتجاجات الدامية تشعل السنغال
"اشتباكات دامية وقتلى وقطع للإنترنت ونشر للجيش".. هكذا نزل الحكم بسجن المعارض عثمان سونكو كـ"الصاعقة" على السنغال.
الحكم طال، سونكو، المرشح لانتخابات الرئاسة في 2024، والمعارض الشرس للرئيس ماكي سال، وقضى بسجنه عامين بتهمة "إفساد الشباب" وبرأه من اتهامات بالاغتصاب.
- السنغال تودع الهدوء.. الشغب يشعل حديقة ديمقراطية أفريقيا
- أوراق السلطة في السنغال تختلط ببطاقات اقتراع فرنسا.. ماذا يحدث؟
وسيمنع هذا الحكم، نظريا، سونكو من المشاركة في الانتخابات الرئاسية، مما قد يؤدي لتفاقم الأزمة السياسية في السنغال.
وقابل أنصاره هذا الحكم في العاصمة وفي مختلف مدن البلاد بثورة دامية، تسببت بأعمال تخريب ودارت اشتباكات عنيفة بينهم وبين قوات الأمن خلفت 16 قتيلا على الأقل.
وفي أعقاب ذلك أمر الرئيس السنغالي ماكي سال بنشر الجيش في داكار وعدة مناطق أخرى لاحتواء الاحتجاجات لكنها تصاعدت.
وساهم في تصاعدها انتشار رسائل عبر الإنترنت من أنصاره تدعو لـ"التخريب والعنف"، بحسب الحكومة، وهو ما دفع السلطات السنغالية إلى قطع الإنترنت عن عدة مناطق بالبلاد، لوقف تلك الرسائل ومنع تفشي العنف.
وأكد وزير الداخلية السنغالي أنطوان ديومي، اعتقال "حوالى 500 شخص" منذ بدء الحركة الاحتجاجية، موضحا أنها طالت أعضاء في أحزاب سياسية لكن معظم الموقوفين لا ينتمون إلى أحزاب.
من هو عثمان سونكو؟
هو معارض شرس للرئيس سال، تحول إلى "أيقونة" سياسية نظرا لمواقفه المعادية للنظام، والمناهضة للفساد وتصريحاته المناهضة للغرب، ويسانده في ذلك كثير من السنغاليين.
ويدعو سونكو إلى "ثورة سلمية" لتغيير نظام الحكم، كما يحظى بدعم من الشباب وكثير من رجال الدين وهو ما يعطيه القوة لانتقاد النظام الحاكم في بلاده، وتوجيه انتقادات لبعض الدول الغربية.
وكانت مواقفه وخطاباته المعادية لفرنسا ورفضه لاستخدام عملة "الفرنك" المتعامل بها في السنغال ودول أفريقية أخرى، سببا في سطوع نجمه.
وفي 3 مارس/آذار الماضي أوقف سونكو بتهمة "الإخلال بالنظام العام" عندما كان متوجها إلى المحكمة، ما دفع مناصريه إلى تنظيم مسيرات احتجاجية انتهت بإطلاق سراحه بعد 5 أيام، في 9 مارس/آذار.
وفور خروجه من السجن، دعا سونكو إلى مواصلة "الثورة" بشكل "سلمي" بهدف تغيير النظام، مؤكدا أن ما يحدث ضده هو "مؤامرة" لإبعاده عن الساحة السياسية.
مولده ونشأته
ولد عثمان سونكو في 15 يوليو/تموز 1974 بمدينة تييس، التي تبعد حوالي 70 كيلومترا عن العاصمة داكار.
وبحسب "فرانس برس"، يعرف سونكو بأناقته وفصاحته، ويشير إليه الشبان السنغاليون بـ"الرجل النظيف"، ويعنون بها "غير الفاسد".
يؤمن بالحريات العامة والفردية ومبدأ تعدد الزوجات، وهو شخصيا متزوج من امرأتين في آن واحد.
سطع نجمه للمرة الأولى عندما حل في المرتبة الثالثة في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2019، والتي خاضها تحت شعار "محاربة الفساد ومواجهة عمليات اختلاس أموال الدولة".
ينتمي سونكو إلى طبقة اجتماعية بسيطة، وتخرج فيجامعة "سان لويز" السنغالية في 1999 بشهادة في القانون العام، وعمل كمفتش في المالية والضرائب، لكنه لا يزال يدرس عن بعد حيث يحضر شهادة الدكتوراه في جامعة ليون الفرنسية.
مكنه عمله في مجال التفتيش المالي والضريبي من اكتشاف العديد من التجاوزات المالية وسوء التسيير في الإدارة العامة بالسنغال، ما جعله يدعو في جميع خطاباته إلى تحلي السلطات بالشفافية.
حياته السياسية
اقتحم عثمان سونكو عالم السياسة في 2014، بتأسيس حزب "الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة" ويعرف اختصارا بـ"باستيف"، ويسانده الشباب بصفة خاصة، ويدافع عن المهمشين ومن يعانون من مشاكل اجتماعية واقتصادية.
فاز سونكو بمقعد في البرلمان السنغالي في 2017 ثم أصبح يفكر في الوصول إلى أعلى هرم السلطة، فشارك للمرة الأولى في الانتخابات الرئاسية عام 2019، وحل بالمرتبة الثالثة، وراء الرئيس ماكي سال والسياسي إدريس سك.
ويملك حزب "باستيف" علاقات وطيدة مع اتحاد الأئمة السنغاليين ومع أنصار الطريقة المريدية "الصوفية"، وتعتبر من أقوى الجماعات الدينية بالسنغال وأفريقيا الغربية.
وعلى ضوء الشعبية الكبيرة التي يحظى بها، قرر سونكو خوض انتخابات الرئاسة في 2024.
قلق دولي وإدانات
وشهدت الأحداث الدامية في السنغال، إدانات دولية، وأعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن قلقها إزاء الاضطرابات الجارية في السنغال.
وقالت في بيان لوزارة الخارجية، إنها "بصفتها صديقا وشريكا قويا للسنغال، تشعر بالقلق والحزن بسبب العنف والضرر الذي شهدناه في أجزاء كثيرة من البلاد".
بدورها، أعربت فرنسا عن بالغ قلقها إزاء أعمال العنف التي اندلعت، في السنغال وأودت بحياة عدد من الأشخاص.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية آن كلير لوجندر، إن "فرنسا تقدم تعازيها لأسر الضحايا الذين وقعوا خلال أعمال عنف في عدة مناطق من البلاد بينها العاصمة".
كما دعت فرنسا إلى التحلي بضبط النفس وإنهاء العنف وحل هذه الأزمة، مع احترام التقاليد الديمقراطية العريقة في السنغال.
وفي سياق متصل، أعربت الأمينة العامة للمنظمة الدولية للفرانكوفونية لويز موشيكيوابو، عن قلقها العميق إزاء تدهور الوضع السياسي في السنغال، والذي يأتي في سياق الاستعدادات للانتخابات الرئاسية في فبراير/شباط 2024.
وحثت جميع الجهات الفاعلة السياسية والاجتماعية على "التحلي بروح المسؤولية وعلى العمل لحل خلافاتهم بالطرق السلمية، للحفاظ على تقاليد الديمقراطية والسلام والاستقرار في البلاد".
aXA6IDMuMTQ1Ljk1LjIzMyA=
جزيرة ام اند امز