المدارس الفكرية في الدول العربية ذات الجذور القومية والإسلامية لها تأثيرها القوي على الشارع العربي.
سبتمبر أو "أيلول" يحمل في طياته ذكريات مؤلمة للنضال الفلسطيني، وتحديداً عام 1970، وهو يوم أسود للشعب الأمريكي، ففي سبتمبر 2001 م شهدت أمريكا هجمات إرهابية كانت بداية لأزمات عالمية وحروب وفوضى خلاقة، لكن سبتمبر 2020 هو أخضر للنضال الفلسطيني والعربي، ففيه وقعت الإمارات اتفاقاً مع إسرائيل، يفتح آفاقاً جديدة للسلام في المنطقة، وفق رؤية استراتيجية تقود لتحقيق الدولة الفلسطينية، مسيرة السلام بدأت في عام 1979 باتفاقية كامب ديفيد السلام، التي خرقت حاجز الصمت العربي إثر مؤتمر القمة العربية في الخرطوم، والتي رفعت في عام 1967 اللاءات الثلاث، وهي: لا للصلح لا للاعتراف لا للتفاوض مع إسرائيل، وبعد كامب ديفيد كانت اتفاقية أوسلو عام 1993، كما وقع الأردن اتفاقية وادي عربة 1994، ويذكر أن المملكة العربية السعودية طرحت مبادرتين للسلام الأولى عام 1981 والثانية في 2002، وهي مبادرة السلام العربية، ملخص تلك المبادرات هو قيام دولتين دولة فلسطين ودولة إسرائيل، وبعد صمت وقطيعة جاءت "مبادرة السلام" الإماراتية، التي وقعت هذا الأسبوع كخيار استراتيجي ارتأته قيادة الوطن، السؤال المحوري هنا: هل يتحقق السلام بالاتفاقيات الرسمية فقط؟
ينقسم المجتمع العربي في قبوله للسلام إلى أكثر من صنف: هناك من يرفض فكرة السلام مع إسرائيل، حتى ولو عادت كل الأرضي العربية إلى أهلها لعقيدة راسخة لدى هؤلاء. الصنف الثاني يرون أن السلام سيتحقق متى ما عادت الحقوق إلى أهلها، وملخصها دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس، الصنف الثالث ليس عندهم ما يمنعهم من السلام، لأنه يحقق لهم الأهداف التي يريدونها، لا أستطيع أن أضع نسباً لكل صنف من العرب، لكن كل مراكز الدراسات الاستقصائية المعتمدة بينت أن الدول التي أبرمت علاقات مع إسرائيل واتفاقيات سلام، نجح التطبيع السياسي ولم يتحقق التطبيع الشعبي، والسؤال هنا لماذا؟ ذاكرة العرب قوية للأحداث التي جرت، كما أن المدارس الفكرية في الدول العربية ذات الجذور القومية والإسلامية لها تأثيرها القوي على الشارع العربي، لكننا اليوم نعيش مع أجيال كلت من الحروب وسئمت من الإرهاب وتريد من يرشدها إلى الصواب.
الجديد في اتفاق الإمارات وإسرائيل، يكمن في شحنة الرسائل الإيجابية، رئيس الوزراء في إسرائيل، معلقاً على الاتفاق "سيكون هذا السلام دافئاً لأنه يسود بين الشعوب".
قائد الدبلوماسية الإماراتية، سمو الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية والتعاون الدولي، كتب في "وول ستريت جورنال" أن الإماراتيين والإسرائيليين وشعوب الشرق الأوسط سئموا الصراع، ورتب سموه في المقال الأولويات، والتي منها "توسيع مجتمع التعايش السلمي"، الإمارات دولة استثنائية في المنطقة العربية، وأضحت نموذجاً للدول التي حققت نهضة شاملة، وتجربتها التنموية ملخصها في المعرفة والتعايش السلمي بين الناس، لذلك خطوتها للسلام لن تكون كغيرها، لقد فتحت الإمارات آفاقاً كبيرة لسلام واعد، فهل يستثمر الفلسطينيون هذا الحراك بإيجابية؟ وهل ستلج إسرائيل من هذا الباب؟ ما سيجري بعد الانتخابات الأميركية على أرض الواقع، هو المؤشر الواضح الذي لا يقبل القسمة في هذه المعادلة الصعبة.
نقلا عن الاتحاد الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة