السلطة الفلسطينية لن تقبل هذا التهديد، وليبرمان، بتصريحه هذا، وضعها في حرج شديد، وهي التي دفعت بثماني فرق من الدفاع المدني لمؤازرة سلطات الاحتلال في إخماد الحرائق،
بلغت الصفاقة بوزير الحرب الصهيوني أفيغدور ليبرمان إلى التلويح بتوسيع الاستيطان للرد على الحرائق التي اجتاحت مناطق كثيرة من أراضي ال 48 وبعض مستوطنات الضفة الغربية والقدس. وتحدث ليبرمان في معرض تهديده عن أن نسبة من حوادث الحرائق كانت مدبرة في إشارة إلى الفلسطينيين، فكان عقابهم سلب مزيد من أراضيهم بذريعة الوقاية من حرائق محتملة.
السلطة الفلسطينية لن تقبل هذا التهديد، وليبرمان، بتصريحه هذا، وضعها في حرج شديد، وهي التي دفعت بثماني فرق من الدفاع المدني لمؤازرة سلطات الاحتلال في إخماد الحرائق، بل إن الفلسطينيين سيرون في رد الفعل الصهيوني مثل «جزاء سنمار» وإهانة لم ترع «الموقف الإنساني» الذي دافعت عنه السلطة، بعدما كانت تتوقع أن تجازى على الأقل بوقف التصريحات الاستفزازية، لكن قادة الكيان لا يمتلكون تلك الكياسة ويحرصون في كل مرة على إظهار نواياهم القبيحة وسياساتهم العدوانية. لقد كانت الحرائق التي التهمت 13 ألف هكتار من الغابات والمساحات الخضراء ومنشآت ومستوطنات حدثاً كبيراً وسلط هلعا أخرج عشرات الآلاف من المستوطنين إلى مناطق آمنة أو إلى الملاجئ، وعاش الصهاينة قادة ومستوطنين جواً مرعباً يقارب أجواء الحرب. ومنذ انطلاق الشرارات الأولى للحرائق تسلطت الاتهامات على الفلسطينيين وتم اعتقال بعضهم لمجرد الشبهة، رغم أن سلطات الاحتلال أعلنت أن النسبة الغالبة من الحرائق اندلعت لأسباب غير بشرية، وهو أمر طبيعي يحدث يومياً في مختلف بلاد الدنيا ويصنف ضمن الكوارث الطبيعية.
تهديد ليبرمان بتوسيع الاستيطان وإلقاء الاتهامات على الفلسطينيين في هذا الظرف والحرائق لم تخب بعد، قد يجعل من تلك الاتهامات ترتد على مطلقها، فربما تكون عصابات ليبرمان وغيره من المتطرفين هي التي أشعلت الحرائق لكسب أدوات للتحريض على الفلسطينيين وتوظيفها في سياسات توسعية، لا سيما وأن حكومة الكيان قد زعمت سابقاً أن هذه الحرائق يمكن أن تكون «عملاً إرهابياً»، وما يستتبعه ذلك من إجراءات ومواقف، جاءت بعض إشاراتها في حديث ليبرمان عن توسيع الاستيطان، أي إخلاء مزيد من الأراضي وتهجير سكانها على مراحل، وهذا أمر غير مستبعد بالمرة في ظل الحماس الذي يبديه قادة الاحتلال، وهم يراهنون على الوضع الدولي والإقليمي غير المبالي بالفلسطينيين ويتغاضى لأسباب عديدة عما يفعله الصهاينة.
من المثير للانتباه أن الحرائق التي شهدتها الأراضي المحتلة قد تركزت في مناطق هي أصلا ضمن المخططات التوسعية لإقامة مستوطنات جديدة حول القدس ونابلس بالضفة الغربية خلال السنوات الخمس المقبلة، بحسب ما تشير إليه بيانات يتداولها يهود متطرفون منذ فترة. وتطرح هذه العوامل نقاط استفهام كثيرة حول هذه الحرائق التي تختار مسرحها وتتنقل من بؤرة إلى أخرى، وليست في منطقة متصلة غابيا وجغرافيا. ومن غير المستبعد أن تخلف عاقبة هذه الحرائق أزمات بين الكيان والسلطة الفلسطينية، حين تفتعل سلطات الكيان تحقيقات قد تفضي إلى اتهام سكان فلسطينيين يقيمون على تخوم المستوطنات، وبناء على ذلك قد تصدر أوامر بهدم منازلهم وتهجيرهم بحجة أنهم «إرهابيون» يهددون أمن المستوطنين «المسالمين»، وهذا المطلب ليس جديداً، فقد تم تداوله كثيراً بين أجهزة الاحتلال، ولكن لم تتوفر لتسويقه الذريعة القوية، فربما تكون هذه الحرائق هي الذريعة، مثلما يزعم ليبرمان أن توسيع الاستيطان هو الذي سيمنع اندلاع الحرائق مستقبلاً.
*نقلا عن الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة