حتى الصينيون شرعوا في إرسال مجساتهم الآن، لاستكشاف ما إذا كان يمكنهم التواصل مع رجل لطالما هاجم الصين لضراوتها في التعامل مع الاقتصاد. .
حذر كثير من السفراء الأجانب في هدوء أثناء حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية من أن فترة رئاسة الرئيس المنتخب دونالد ترامب ستكون كارثية.
من السهل معرفة السبب؛ فبحسب ما ذكره روبرت كيغان، زميل معهد «بروكينغز إنستتيوشن» وأحد أنصار كلينتون، بمقاله الأسبوعي، فإن «فوز ترامب سيضع نهاية للولايات المتحدة كمرساة للنظام الليبرالي العالمي».
كان أول ما فعله الرئيس المنتخب ترامب في بداية حملته الانتخابية هو تقطيع أوصال السياسة الخارجية التي تقوم على اتفاق الحزبين الديمقراطي والجمهوري على قضايا جوهرية، بدءًا من حلف شمال الأطلسي (ناتو) وانتهاء بمنع التعذيب، وجادل في قضايا مثل البرنامج النووي الياباني، وتباهى بأنه يعرف ما لا يعرفه جنرالات الجيش.
ولذلك قد يتوقع أي منا بعد فوز ترامب أن أنصاره وخصومه سوف يسعون لاستكشاف علاقة جديدة في مرحلة ما بعد الولايات المتحدة، وهي المرحلة التي بدأت بالفعل، وإن لم تتضح تجلياتها بعد. ويدرس أصدقاء الولايات المتحدة وأعداؤها ما إذا كان ترامب هو الشخص الذي يمكن الدخول في علاقات تجارية معه، أو على الأقل هل هو الشخص الذي يمكن أن تصل معه إلى شبه اتفاق أم لا.
فعلى جانب الخصوم، المثال الأوضح هو روسيا، فقد لمح الكرملين إلى استعداده للانفتاح والدخول في علاقة جديدة مع الولايات المتحدة بقيادة ترامب، حتى في ظل زيادة حدة القصف لمدينة حلب السورية.
وحتى الصينيون شرعوا في إرسال مجساتهم الآن، لاستكشاف ما إذا كان يمكنهم التواصل مع رجل لطالما هاجم الصين لضراوتها في التعامل مع الاقتصاد .
الأميركي، أم لا. فقد أخبرني مسؤول سابق بوزارة الدفاع الأميركية أن مسؤولي الخارجية الصينية تناولوا العشاء الأسبوع الماضي مع عدد من المسؤولين السابقين بالحزب الجمهوري، وأن الجانب الصيني أفاد بأن بكين تتطلع إلى علاقة بناءة مع ترامب، وأنها منفتحة لتعاون عسكري بين البلدين.
تأتي هذه الرسالة على النقيض من فهم الصينيين للمكالمة الهاتفية بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ. فبحسب «بلومبيرغ» الأسبوع الماضي، ذكّر بينغ ترامب بأن الرؤساء الجمهوريين ضغطوا على بلاده لمعالجة التغييرات المناخية، وأن ذلك لم يكن خدعة أو اختراعًا صينيًا، حسبما كتب الرئيس المنتخب في تغريدته.
The impact of Trump .. supporters and opponentsقال لي عضو مجلس النواب عن الحزب الجمهوري ورئيس اللجنة المشكلة للاستخبارات عضو اللجنة التنفيذية للجنة الانتقالية لترامب، ديفين نونيس، إن هناك «تأثيرًا لترامب» في هذا الشأن.
وقال إنه تحدث مع مسؤولين كبار من عدد من الدول الحليفة منذ يوم الانتخابات. «أخبرتهم بما أخبرني به الرئيس المنتخب»، مضيفًا: «هو يريد أناسًا جادين، وهم يسألون الأسئلة الأساسية، ويفتشون لمعرفة وجهة الإدارة الجديدة ويريدون معرفة من سيتولى المناصب العليا». لكن نونيس أفاد بأن رسالة الحلفاء الأهم له هي معرفة ما إذا كانت هناك فرص جديدة للتعاون مع الرئيس القادم الذي لم يتوقعوا مطلقًا فوزه في الانتخابات، أم لا.
تأثير ترامب واضح أيضًا في «الناتو»، التحالف الذي تشكل عام 1949 لاحتواء الاتحاد السوفياتي، والذي لا يزال حصنًا يتصدى لفلاديمير بوتين. ولسنوات طويلة، استمرت الولايات المتحدة تحث حلفاءها الأوروبيين على سداد نسبة 2 في المائة من الناتج القومي الإجمالي لكل دولة لميزانية الدفاع في حلف شمال الأطلسي، لكن رغم التوســــــلات، اســـــتمرت دول أوروبا الكبرى في تخفيض موازناتها العسكرية، رغم أن الأعضــــــاء الجدد مثل دول البلطيق سددت حصصها. غير أن هناك مؤشرات على تغيـــــــير هذا الوضع، فحين كان مرشحًا، اشتكى ترامب من أن دول «الناتو» لا تسدد ما عليها من التزامات.
وعلى هامش اجتماعات مؤتمر «هاليفاكس للأمن الدولي»، قال روس غوتمولار، النائب الجديد لسكرتير عام «الناتو»: «بصراحة، نحن في بروكسل رحبنا كثيرًا بإصرار ترامب وفريقه على تلك النقطة تحديدًا، لأنها كانت سببًا في لفت نظر كثير من الحلفاء لأهميتها».
*نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة