الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم.. إنجازات خيرية تخلدها الإنسانية
رحل الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي ووزير المالية الإماراتي، لكن أعماله الخيرية تظل خالدة وشاهدة على عطاء لم ينضب يوما.
رحيل بطعم خلود لجميع أعماله الخيرية التي روت الظمآن، وأدخلت البهجة إلى قلوب اليتامى والمحرومين، وأشبعت الجوعى وآمنت بأن اليد الممدودة للغير لا بد أن تعود محملة بالخير والذكر الطيب.
عطاء جسده في كلمات من ذهب تلخص نهجه الخيري والإنساني، حيث قال: "أشعر بسعادة غامرة وبفرح كبير وارتياح تام عندما أساهم في إدخال البهجة والسرور إلى قلب محروم، واللقمة في جوف جائع، وأرسم الابتسامة على ثغر عار، وبناء مدرسة لمن حرمتهم الظروف من التعليم، وإنشاء مسجد لمسلمين واجهوا ظروفاً قاهرة حالت دون تأمين المال اللازم".
كلمات تعبر عن رؤية إنسانية عظيمة للفقيد الراحل الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، الذي يبكيه اليوم المحرومون والمحتاجون حول العالم والكثير ممن تم إنقاذهم وتمت كتابة فصول جديدة في حياتهم بفضل الاستفادة من مشاريعه الخيرية والإنسانية في مختلف المجالات، وهم يرفعون أكفهم متضرعين لله تعالى أن يتغمده الله بواسع رحمته، وأن يلهم ذويه ومحبيه في مختلف أصقاع الأرض الصبر والسلوان.
دعوات تخلد اليوم ذكرى الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، صاحب المبادرات الخيرية والإنسانية والأيادي البيضاء التي انتشلت مئات الآلاف حول العالم من غياهب الجهل والأمية والفقر والحرمان.
العمل الخيري
رغبة منه في استدامة أعماله الخيرية، قام الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم بمأسسة جهوده الخيرية، بإنشاء هيئة آل مكتوم الخيرية لتتولى تنفيذ الأعمال الخيرية والإنسانية حول العالم.
وبدأت هيئة آل مكتوم الخيرية مشوارها الإنساني ورحلتها في ميادين العمل الإنساني العام 1997، في دبلن بأيرلندا من خلال المركز الثقافي الإسلامي هناك، والذي كان بمثابة النواة الطيبة لمسيرة خير بدأها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، والانطلاقة التي امتدت لتشمل أكثر من 69 بلداً في جميع قارات العالم.
العلم.. رؤية حكيمة
عرف الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم بحبه للخير ودعم المشاريع الخيرية والإنسانية في مختلف أنحاء العالم، حتى لقب بصاحب القلب الكبير، نظرا لعطائه اللامحدود.
ويبقى دعم قطاع التعليم والصحة النشاط المحبّب إلى قلبه، حيث ساهم في دعم هذين القطاعين بشكل مستمر، سواء في وطنه دولة الإمارات العربية المتحدة أو في دول العالم، فضلًا عن تأسيسه العديد من المراكز العلاجية، مثل: مركز الشلل الدماغي في الأردن، ومستشفى دار الشفاء في لبنان، ومركز القلب في جنين.
تنطلق رؤية هيئة آل مكتوم الخيرية من خلال الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم في رفع مستوى الأمة الإسلامية بالعلم والمعرفة، من خلال المدارس والمعاهد والمراكز الإسلامية.
وفي عام 1997، بدأت الهيئة برنامجها التعليمي الواسع في أفريقيا ببناء عشر مدارس ثانوية بكامل تجهيزاتها، في إطار برنامج لا يزال مستمراً، حيث وصل عدد المدارس إلى العشرات في أكثر من 20 دولة بالقارة السمراء.
وحقق البرنامج نجاحاً منقطع النظير، وساعد آلاف الطلاب الأفارقة لدخول أهم الجامعات، كما أن المشروع يعتبر الأهم أفريقيا خارج نطاق التعليم الحكومي.
وفي إطار هذا الاهتمام، قامت الهيئة بعدد من المشاريع التعليمية، أبرزها مشروع المدارس الحكومية المحلية بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تم توفير أكثر من 40 مدرسة مختبرات وكمبيوترات وتجهيز مكتبات وعمل مظلات للساحات الخارجية.
وفي مجال التعليم العالي، تم بناء كلية آل مكتوم للدراسات الهندسية في مدينة دار السلام بتنزانيا، وبناء معهد تكنولوجي يحمل اسم الشيخ سعيد بن حمدان آل مكتوم بالهند، والمساهمة ببناء سكن للطالبات بالجامعة الإسلامية العالمية إسلام آباد بباكستان، وبناء كلية العلوم بجامعة أفريقيا العالمية بالسودان، إضافة إلى تقديم دعم سنوي ثابت لمدرسة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم بالمكسيك، ودعم البحوث العلمية وتطويرها حول العالم.
جرى أيضا تقديم دعم سنوي للطلبة الفلسطينيين الملتحقين بالجامعات الأردنية، وإطلاق مشروع الحقائب المدرسية للطلبة المحتاجين بدول مختلفة.
ونظرا لارتباط التعليم بالصحة، نال القطاع الأخير نصيبا وافرا من المبادرات الخيرية للشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، أبرزها بناء وتجهيز دار الشفاء في لبنان، وتجهيز مستشفى الرازي للعناية المركزية بفلسطين.
صاحب القلب الكبير امتدت مبادراته أيضا للاهتمام بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث أبدت جمعية آل مكتوم اهتماما كبيرا بهذه الفئة، وسعت لتقديم كل ما يتطلب من مساعدات لاندماجهم بالمجتمعات.
وفي هذا الصدد تم إنجاز عدد من المشاريع بينها بناء وتسيير مركز الشيخة ميثاء بنت راشد ال مكتوم ”حتا" بدولة الإمارات، وبناء وتمويل مركز آل مكتوم للشلل الدماغي بالمملكة الأردنية، وتقديم مساعدات سنوية لعدد من المراكز المحلية والعالمية.
وفي إطار دعمه للتعليم والصحة، أطلق الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم جوائز محلية وعالمية تشجع على النهوض بهذين القطاعين، أبرزها جائزة الشيخ حمدان بن راشد للأداء التعليمي المتميز، وجائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية.
مساعدات إنسانية
على الصعيد الإنساني، لهيئة آل مكتوم الخيريـــة مشروعات في معظم دول العـالم، تشمل المساعدات الإنسانية للأسر المحتاجة، وكفالة الأيتام ومشاريع إفطار صائم وأضاحي العيد، وتسيير حملات الحجاج والحقيبة المدرسية وبناء وفرش المساجد ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة.
ورغم جائحة كورونا، واصلت هيئة آل مكتوم الخيرية، بتوجيهات من الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، أعمالها الخيرية في مختلف المجالات.
وفي هذا الصدد، قامت الهيئة في أبريل/ نيسان ومايو/أيار الماضيين، بتوزيع السلال الغذائية ضمن حملة "قلوب رحيمة" للعام الخامس في محافظات مصر، بحثا عن الأسر الأكثر احتياجا.
كما سددت الهيئة ديون مئات الغارمات للحيلولة دون دخولهن السجون وتخليصهن من الديون، ووزعت طرودا غذائية خلال شهر رمضان الماضي، حيث استفاد من موادها التموينية عدد من الأسر الفقيرة والمتعففة والأيتام والمحتاجين.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، وبتوجيهات من الراحل الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، تم إرسال طائرة مساعدات إماراتية على متنها 38 طنا من المستلزمات والمعينات الطبية للمساهمة في مجابهة فيروس كورونا، مقدمة من هيئة آل مكتوم الخيرية.
وقبل نحو شهر، وتحديدا في 28 فبراير/ شباط الماضي، وجه الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم بإنشاء مكتبة رقمية جديدة في جامعة أفريقيا العالمية بالسودان، بتكلفة 50 ألف دولار، إضافة للمكتبة الحالية في الجامعة والتي تم إنشاؤها عام 2013 بكلفة 50 ألف دولار بدعم من هيئة آل مكتوم الخيرية .
وقبلها بأيام، وتحديدا في 17 فبراير/ شباط الماضي، وجه الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم ببناء مدرسة وتنفيذ مشاريع خيرية في جمهورية قيرغيزستان.
مشاريع في مختلف أنحاء العالم، تظل خالدة أبد الدهر شاهدة على عطاء الفقيد الراحل وأياديه البيضاء، لتوثق مسيرة رجل رحل اليوم الأربعاء عن عمر يناهز 76 عاما، مخلفا إرثا إنسانيا عابرا للحدود.