لقد رحل عنا زايد الخير بجسده لكن لايزال، وسيظل، حاضراً في كل إنجاز نشهده في هذه الدولة المباركة
مر علينا التاسع عشر من شهر رمضان المبارك، ذكرى رحيل أحد أعظم القادة الذين صنعوا تاريخ المجد لأوطانهم وأمتهم، وهو القائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي لاتزال سيرته العطرة وإنجازاته العظيمة وأياديه البيضاء التي غطت البشرية كلها، محفورة في وجدان كل إماراتي وعربي بل وفي وجدان الكثير من شعوب العالم.
ولاتزال أفكاره الثاقبة ومبادئه الإنسانية السامية وقيمه المثلى، ماثلة في كل فعل وفي كل إنجاز نشهده على أرض الوطن اليوم، وستظل كذلك أبد الدهر؛ لأن ما صنعه زايد الخير لوطنه وأمته والعالم كله، لا يمكن أن يمحوه الزمن مهما طال.
لقد كان الشيخ زايد رحمه الله، ولايزال وسيظل، رمزاً للعمل الإنساني، وللقيم الإنسانية النبيلة، لذا أصبح يوم وفاته مناسبة للاحتفاء بالعمل الإنساني.
فاليوم أيضاً هو "يوم زايد للعمل الإنساني"، وهي مناسبة لاستذكار الأعمال الجليلة لهذا القائد المهلم، والأب الروحي، الذي يعدّ وبحق رمزاً للنبل والعطاء الإنساني بلا حدود، فلا تكاد توجد بقعة من بقاع الأرض إلا وبها أثر لغرس زايد الخير، الذي شملت مآثره مختلف جوانب الحياة.
إنجازات زايد الخير رحمه الله كثيرة واستفاضت فيها الكثير من الكتب والموسوعات، ومع ذلك لم توفها حقها، فهذا الزعيم الملهم لم تقتصر معجزته على بناء دولة اتحادية حديثة راسخة البنيان، واجهت بثبات كل التحديات ورسخت نفسها كأفضل نموذج تنموي تسعى كثير من دول العالم شرقاً وغرباً إلى تقليده.
وإنما أيضاً في منظومة القيم الإنسانية التي رسخها فكراً وقولاً وسلوكاً والتي يحاول العالم كله اليوم استدعاءها في مساعيه الحثيثة لبناء مجتمعات يسودها السلام والأمن والازدهار.
فعندما نتحدث عن التسامح يُذكر اسم الشيخ زايد، وعندما نتحدث عن الاهتمام بالبيئة يذكر اسم زايد الخير، وعندما نتحدث عن النهوض بالتعليم والصحة يذكر زايد الخير، وعندما نتحدث عن بناء الإنسان يذكر اسم زايد الخير الذي وضع كل رهانه واستثماره في بناء الإنسان، فكان الاستثمار الأنجح.
لقد جعل الشيخ زايد رحمه الله من العمل الإنساني، أسلوب حياة وسلوك حضاري تتناقله الأجيال في دولة الإمارات.
وعندما نتحدث عن الأخوة الإنسانية نذكر اسم زايد الخير، وعندما نتحدث عن دعم الأشقاء ومساعدة الفقراء والمحتاجين نذكر زايد الخير.. والقائمة تطول لأن قيم وأفعال زايد الخير لا يمكن حصرها.
لقد جعل الشيخ زايد رحمه الله من العمل الإنساني، أسلوب حياة وسلوكاً حضارياً تتناقله الأجيال في دولة الإمارات، كما جعله عملا مؤسسيا من خلال إنشاء المؤسسات التي تقوم على تقديم المساعدات ومد يد العون للمحتاجين في العالم كله دون أي تفريق على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو الثقافة، حتى أصبحت الإمارات أحد أكبر وأهم الدول المساهمة في العمل الإنساني والإغاثي على مستوى العالم، وأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية نسبة إلى حجم ناتجها المحلي الإجمالي في العالم كله.
حيث بلغ حجم المساعدات التي قدمتها دولة الإمارات في عهده رحمه الله وبتوجيه منه أكثر من 100 مليار درهم، وهو نهج استمر وتعزز في ظل القيادة الرشيدة الحالية، التي وضعت العمل الإنساني ضمن قائمة أولوياتها الرئيسية، وهو أمر لمسناه بوضوح في أزمة وباء كورونا المستجد الحالية التي تعصف بالعالم، حيث سارعت الإمارات إلى تقديم يد العون لكثير من دول العالم شرقاً وغرباً لمساعدتها على التصدي لهذا الوباء زتقليل تداعياته من خلال الكثير من المبادرات الإنسانية التي أشاد بها العالم شرقاً وغرباً.
لقد رحل عنا زايد الخير بجسده لكن لايزال، وسيظل، حاضراً في كل إنجاز نشهده في هذه الدولة المباركة؛ لأن زايد الخير بحكمته ورؤيته الثاقبة بعيدة المدى كان يستشرف المستقبل، كل كلماته وأفعاله وقيمه، هي نفسها التي لايزال يبحث عنها العالم اليوم.
فكل إنجاز نشهده اليوم هو من نتاج فكر زايد أو وضع أسسه زايد الخير، حتى غزونا للفضاء كان من أحلام زايد وفكره.
إن زايد الخير رحمه الله ليس فقط رمزاً أو قائداً مؤسسا وإنما هو هوية الإمارات ورمزها، وأينما ذكر اسمه في العالم كله شرقا وغربا يذكر معه الخير.
وعزاؤنا الوحيد أنه ترك خير خلف خير سلف، ترك لنا قيادة رشيدة تسير على نهجه، وتستلهم فكره ومبادئه وقيمه.
رحم الله زايد الخير، وحفظ قيادتنا الرشيدة
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة