كان إعلان رسوم بـ100 ألف دولار على تأشيرة H1-B بمثابة صدمة للعالم.
بل إن الصدمة لربما كانت أعمق في شركات سيليكون فالي، والتي لم تكن تكلفها هذه التأشيرات أكثر من 10 آلاف دولار، فالمتابع للإعلان وما تلاه من تفاصيل، يظهر ان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد اتخذت قرارًا قد ينظر إليه على أنه تحت شعار "أمريكا أولًا"، فرسوم بهكذا قيمة من شأنها الدفع بالإكراه نحو توظيف الأمريكيين قبل النظر في المواهب الخارجية، لكنه قرار قادر على ضرب شركات التكنولوجيا الأمريكية التي تقود الاقتصاد الأمريكي، كونه على ما يبدو قد تم اتخاذه دون أي تنسيق معها.
فحتى ضبابية القرار، وغياب أي آلية قادر على بث الرعب في نفوس هذه المواهب والتي استقرت في الولايات المتحدة نظرًا للمزايا المقدمة، والمشاريع العملاقة، والشركات الكبرى فيها، ولكن سياسة ترامب: "أمريكا أولًا" قادرة على فرض إعادة النظر لدى هؤلاء الموهوبين، نحو وجهات ثانية أكثر استقرارًا، وسياسات حكومية بعيدة عن هكذا تخبط، وأرضية خصبة للمواهب، والخليج هنا خيرُ مثال.
إن فرض الرسوم، إذا ما تم تأكيدها وتفعيل آلياتها قادر على إنعاش منطقة الخليج العربي كوجهة أساسية لاستقطاب هؤلاء الموهوبين. فالمشاريع المليارية، والشركات التكنولوجية، وسياسات الخليج الاستباقية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا من شأنها أن تكون على سلم أولويات الموهوبين الراغبين بمغادرة الولايات المتحدة، حتى أنها فرصة للخليج في ظل برامجه، أن يحيي برامج جديدة تقوم على استقطاب المواهب.
ففي الوقت الذي تتواجد دولة الإمارات ضمن قائمة الدول الـ20 الأكثر احتضاناً للمواهب في مجال الذكاء الاصطناعي، وفقاً لمؤشر التنافسية العالمي للذكاء الاصطناعي وبحصة تبلغ 0.7% من مجموع المواهب العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، باتت سياسات ترامب فرصة لمضاعفة هذا الرقم في السنوات القادمة لدولة الإمارات والخليج.
إن اتسام الخليج وسياسة قيادته بالمرونة، والابتعاد عن أي أيديولوجيا تحركها، قادر على توفير بيئة مناسبة للجميع إذا ما أشرنا لذلك من منظور عملي، أما المنظور الاجتماعي والجغرافي، فهو لاعب أساسي لا يمكن الاستغناء عنه، ويضيف للخليج ميزة أخرى، في مواجهة الآخرين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة