السنوار خلفا لهنية.. هل دخلت مفاوضات الهدنة نفقا مظلما؟
أعلنت حماس اختيار يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي للحركة خلفا للقائد إسماعيل هنية، في تطور يلقي بظلاله على مستقبل ملف مفاوضات الهدنة المتعثر أصلا.
واغتيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في العاصمة الإيرانية طهران قبل أسبوع، الأمر الذي عقد مفاوضات الهدنة التي تتوسط فيها مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية.
وينظر لقائد حماس الجديد يحيى السنوار باعتباره واحدا من صقور الحركة، وتعتبره إسرائيل مهندس عملية طوفان الأقصى، التي أشعلت الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ 10 شهور.
وفور الإعلان عن اختيار السنوار بات السؤال الأكثر إلحاحا كيف سيؤثر اختياره على مفاوضات الهدنة التي يسعى الوسطاء لإحيائها.
ومع تهديدات إيران وحزب الله اللبناني بالرد على اغتيال إسماعيل هنية ورئيس أركان الجماعة اللبنانية فؤاد شكر، ارتفع منسوب القلق من أن يؤدي التصعيد المرتقب لحرب شاملة في الشرق الأوسط، سعت الأطراف جميعها لتجنبها طوال الشهور الماضية.
وبات الاعتقاد السائد أن التوصل لهدنة تفضي إلى وقف دائم للنار في غزة السبيل الوحيد لنزع فتيل الحرب الشاملة قبل انفجار وشيك.
الهدنة إلى أين؟
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، عادل شديد، أن اختيار السنوار لرئاسة الحركة يشكل رسالة تحد لإسرائيل حيث إنها تتعامل مع الأخير بأنه المسؤول عما حدث بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ويعتقد شديد أنه بهذا الاختيار تعود حماس إلى طبيعتها الراديكالية، حيث الثقل الآن لدى الداخل والقيادة العسكرية والجناح المسلح الحركي نظرا لتأثير السنوار الكبير عليه.
وقال شديد إن اختيار السنوار سيعفي وفد الحركة من التعرض للضغوطات لإبداء مرونة أو تنازلات لأنه لن يملك القرار، مردفا: "السنوار لن يعقد المفاوضات، لكنه لن يقبل بالتلاعب الإسرائيلي، وسيكون أكثر جدية أمام الوسطاء".
وتعتبر تل أبيب هذا "الرجل الحي الميت" بأنه مهندس الهجوم، فيما وصفه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بـ"وجه الشر" الذي تلاحقه قواته بغزة، إلا أنه لم يظهر للعيان منذ الهجوم.
وفي أول تعقيب على تأثير اختيار حماس رئيسا جديدا لها، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن "السنوار كان ولا يزال صاحب القرار بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة".
من جانبه، يرى الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن اختيار السنوار يشكل تحديا لإسرائيل ورسالة تصعيد وتهديد لها.
وتوقع أن يتسبب إعلان السنوار رئيسا للحركة في حالة من الإرباك ومزيد من التصعيد في الفترة المقبلة بين الجانبين.
وأوضح عبدالفتاح أن السنوار سيشكل تحديا لرئيس الوزراء الإسرائيلي؛ لأنه محسوب على المعسكر القريب من إيران، وليس من المعسكر الأقرب إلى تركيا، إضافة إلى أنه قائد العمل العسكري الميداني والمسؤول عن عملية طوفان الأقصى، وهذا يعني أن الحركة تتجه نحو مزيد من التشدد والتصلب تجاه إسرائيل والتصعيد ميدانيا وسياسيا.
وحول تأثير الاختيار على مفاوضات الهدنة، قال الخبير السياسي المصري أن "الاختيار سوف يصعب ويعقد المفاوضات".
وأرجع ذلك إلى أن "السنوار ليس في مرونة إسماعيل هنية الذي قدم تنازلات وقبل بخطة بايدن للتهدئة وتبادل الأسرى".
كما أشار إلى أن "إمكانية التواصل مع السنوار أصعب بكثير؛ لأنه مستهدف منذ فترة وسيبدي تشددا خلال الفترة المقبلة".
ويعتقد عبد الفتاح أن "كل طرف سيعلن تمسكه بالمفاوضات، لكنه لن يبدي مرونة بأي حال من الأحوال وستظل الأمور معلقة حتى تنتهي الانتخابات الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل".
ووفق البيت الأبيض، فإن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس قد وصلت للمراحل النهائية.
وأعلن البيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن بحث في اتصال هاتفي مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الجهود لوقف التصعيد في الشرق الأوسط وصفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.
لا تأثير
بدوره، قال مدير مركز القدس للدراسات الإسرائيلية، عماد أبو عواد، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إن اختيار السنوار يؤكد على وحدة الحركة، ويفند الرواية الإسرائيلية التي تزعم أن قادة حماس في الخارج لم تكن مرحبة بما جرى في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
لكن وعلى صعيد تأثير رئاسة السنوار على مسار العملية التفاوضية، يعتبر أبو عواد أن "الاختيار رمزي ومعنوي أكثر من أن يكون له تأثير على أرض الواقع".
وتوقع أن تظل المفاوضات تدار كما كان الأمر قبل اغتيال هنية، فهناك شخصية مركزية بالخارج تدير العلاقات الخارجية، وهى القيادي بالحركة خليل الحية، الذي سيستمر بالعمل في سياق متناغم مع السنوار.
ولفت إلى أن الحية كما تقر إسرائيل نفسها هو من يدير المفاوضات ويضع العلامات الأخيرة عليها، وتل أبيب تعي تماما بأن القرارات النهائية يتم اتخاذها داخل الحركة بالأغلبية.
وتابع: "ملف التفاوض سيبقى بيد القيادي بحماس، خليل الحية، وسيستمر أيضا العمل الحركي ضمن السياق السابق".
وخرج السنوار، 61 عاما، من ظل المعتقلات الإسرائيلية إلى المراكز القيادية في حماس حتى أصبح "الرجل الحي الميت" بالنسبة لإسرائيل.
وأمضى 23 عاما في السجون الإسرائيلية، ثم تولى مسؤوليات أمنية داخل حماس.
في العام 2017، وبعد انتخابه زعيما للحركة في قطاع غزة، التقت وكالة الأنباء الفرنسية أبو عبد الله المنتمي إلى حماس والذي أمضى بضع سنوات مع السنوار في المعتقلات الإسرائيلية، وقال إن السنوار معروف بتكتمه.
وأضاف أن السنوار "يتخذ قراراته بهدوء تام لكنه صعب المراس عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالح الحركة".