ليبيا الجديدة تبدأ من مصر.. خبيران: لا بديل عن وجود القاهرة
تتمسك القاهرة باستكمال دورها المهم تجاه ليبيا، وهو ما يوافق رغبة الحكومة الليبية الجديدة، وعكسته اللقاءات الأخيرة بين الجانبين.
تحرك مكثف خاضته مصر منذ بداية الأزمة في ليبيا مع المجتمعين الإقليمي والدولي لدعم العملية السياسية ووقف جميع صور الاقتتال الداخلي.
بالإضافة إلى رسم خطوط حمراء أمام التدخل الخارجي، ما أهل مصر أن يكون لها دور مهم في ليبيا الجديدة، بحسب مراقبين.
اختيار رئيس الحكومة الليبية الجديد، عبدالحميد الدبيبة، للقاهرة، لكي تكون أول محطة خارجية له، يعكس أهمية هذا الدور، ورغبة الطرف الليبي في استكماله.
هكذا يرى خبيران أحدهما مصري والآخر ليبي، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، ولفتا أيضا إلى عدم ممانعة الجانب المصري في تقديم كل سبل الدعم للشعب الليبي، وأنه لا بديل عن وجود القاهرة في قلب الملف الليبي رغم كل الجهود الإقليمية والدولية.
مصر.. دور منفرد
محمد الأسمر ، مدير مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية، قال لـ"العين الإخبارية" إن "استئناف واستكمال مهام هذه الحكومة الليبية الجديدة لم يتم سوى بالتنسيق مع القاهرة وعلى مستوى الرئاسة لأن كل النتائج التي حصلت في المسارات الليبية كانت بمبادرات مصرية".
واستدل الخبير الليبي على حديثه بقوله: عندما لم تنجح برلين بإجراءات عملية، فكانت مبادرة القاهرة في 6 يوليو/تموز الماضي بحضور رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر برعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رحبت كل الدول المهتمة بالشأن الليبي بهذه المبادرة وكذلك الأمم المتحدة.
وتابع: وكذلك مسار الحوار السياسي في 9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي كان بناء على بيان القاهرة، وفي الجانب العسكري لم تحرز أي نتائج سوى بعد لقاء الغردقة في مصر 28 سبتمبر/أيلول الماضي حيث تحققت انفراجة عملية قبل التوجه لجنيف في 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وعليه تم فتح الأجواء بين الشرق والغرب وتبادل الأسرى لأول مرة في 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي
وشدد "الأسمر" على أن مصر نجحت، عبر القيادة السياسية، في نقل الملف الليبي إلى المنابر الدولية، إلى جانب احتضانها اللقاءات المهمة التي أدت إلى تقريب مسار سياسي فعلي، إلى جانب الرواد الاقتصادية والعسكرية.
خيارات عدة
السفير هاني خلاف، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون العربية، قال لـ"العين الإخبارية": هذه الزيارة لمصر كأول تحرك خارجي لرئيس الحكومة الليبية الجديدة، تستحق الإشارة فهي تأتي كاعتراف من الحكومة الجديدة بأهمية الدور المصري تاريخيا وجغرافيا، تجاه بلاده.
وأضاف "خلاف": مصر لطالما سعت لخلق مسارات ليبية لحل الأزمة، بل وساهمت بكل الدعم الممكن لاستيعاب القوى الوطنية المختلفة.. وستستمر في القيام بهذا الدعم.
ويرى الدبلوماسي المصري أن القاهرة لديها أفق واسع تختار منه ما يمكنها من مساعدة الأشقاء الليبين، لافتا إلى أن هناك خيارات عدة لدعم هذا الدور.
وعدد "خلاف" هذه الخيارات ذات الاهتمام المشترك، والتي ستتضح مستقبلا بقوله "إمكانية إعادة عمل القسم القنصلي المصري في طرابلس، واستئناف الطيران المباشر من القاهرة لطرابلس وبنغازي وإعادة تشغيل الشركات المصرية الكهربائية خاصة في ظل الانقطاع المتكرر للكهرباء في ليبيا".
وأوضح الدبلوماسي أن هناك نحو 17 شركة أخرى تعمل في صناعات وتخصصات مختلفة سيكون الخيار لمصر إذا ما كان هناك حاجة لتشغيلها مثل شركات الألبان والعصائر والشركات المتخصصة في المنتجات البلاستيكية.
وتابع: كل هذه التفاصيل ستجيب عنها الأيام لكن المهم حاليا هو فاتحة تلك العلاقات مع الحكومة الجديدة، التي يهمها على رأي القيادة المصرية وخبراتها وما يمكن أن تقدمه لها ، خاصة مع اقتراب إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وبهذه الانتخابات تنتهي المرحلة الانتقالية الجديدة، ما يفسح مجالا للاستعداد لمرحلة ثانية من ترتيبات الحكم في ليبيا.
لقاء مهم
وفي وقت سابق اليوم، بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع رئيس الحكومة الليبية الجديد، عبدالحميد الدبيبة، آفاق التعاون والتنسيق بين البلدين.
وأعرب رئيس الوزراء الليبي عن تقدير واعتزاز بلاده للجهود المصرية الصادقة والفعالة في مختلف مسارات حل الأزمة الليبية خلال الفترة الماضية، والتي نتج عنها تقريب وجهات النظر بين الليبيين وإنهاء حالة الانقسام، فضلاً عن دعم مصر للمؤسسات الليبية في مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة.
وأكد الدبيبة، أن ليبيا حكومةً وشعباً تتطلع إلى إقامة شراكة شاملة مع مصر بهدف استنساخ نماذج ناجحة من تجربتها التنموية الملهمة التي تحققت خلال السنوات الماضية بقيادة ورؤية السيد الرئيس، خاصة فيما يتعلق باستعادة الأمن والاستقرار وانطلاق عملية التنمية والإصلاح.
من جانبه، شدد الرئيس المصري على حرص بلاده للاستمرار في دعم الشعب الليبي لاستكمال آليات إدارة بلاده، وتثبيت دعائم السلم والاستقرار لصون مقدراته وتفعيل إرادته.
وأكد السيسي خلال اللقاء، أن المرحلة الحالية تتطلب حشد ليبيا لكافة جهود وسواعد أبنائها ورجالها من أجل ترتيب أولويات التحرك والعمل تجاه المجالات المختلفة، بدءاً باستعادة الأمن، ومروراً بتثبيت أركان الدولة، ثم وصولاً إلى الشروع في المشروعات الخدمية والتنموية ذات المردود المباشر على أبناء الشعب الليبي.
وأمس الأربعاء، أعلنت القاهرة إيفاد وفد من أجهزة الدولة المصرية المختلفة، لاستكشاف مدى إمكانية استئناف التواجد المصري في العاصمة الليبية طرابلس، وأيضا التواجد القنصلى في بنغازي (شرق).
وفي 5 فبراير/شباط الجاري، أعلنت البعثة الأممية للدعم في ليبيا فوز قائمة "محمد المنفي" برئاسة السلطة التنفيذية المؤقتة في البلاد والتي تشمل الدبيبة رئيسا للوزراء، لتقود توحيد مؤسسات البلاد وصولا إلى الانتخابات العامة الوطنية 24 ديسمبر 2021.