مكافحة الإرهاب في النيجر معقدة بشكل خاص، فرئيس الدولة النيجيري محمد بازوم قد أجبر على السفر إلى بنين في 13 مارس/آذار 2023 في ضوء تقدّم الإرهابيين في المنطقة الحدودية بين البلدين.
وفي ختام الزيارة، أصدرت رئاسة بنين بياناً أشارت فيه إلى أن البلدين اللذين يشتركان في حدود برية وقد عملا معاً في الماضي لمعالجة القضايا الأمنية مثل تهريب المخدرات والجريمة المنظمة، مرتبطان باتفاقية تعاون عسكري لمكافحة الإرهاب.
وفيما يتعلق بالاقتصاد، تتمتع بنين بموقع استراتيجي، وهي بوابة بحرية مهمة للنيجر، كما أن وجود الإرهابيين على حدود البلدين يؤثر بشكل مباشر على التجارة الثنائية.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، وعلى بعد 1000 كيلومتر شرق حدود النيجر مع بنين، وبالضبط في شمال نيجيريا، استسلم أكثر من 100 إرهابي من تنظيم "بوكو حرام"، في ولاية بورنو بسبب هجوم الجيش في عملية "هادن كاي"، وكذلك بسبب المعارك التي تخوضها الجماعة ضد "داعش"، فيما يتسبب هذا الضغط في فرار إرهابيي "بوكو حرام" إلى النيجر.
وفي يناير/كانون الثاني 2021، أمر رئيس النيجر بنشر القوات الخاصة بشكل فوري في عملية تسمى "المهاو" بهدف حماية غرب البلاد من الخطر الإرهابي. وفي 10 فبراير/شباط من العام نفسه، شن الإرهابيون هجوماً على الجيش بالقرب من حدود النيجر مع مالي في بلدة إنتاغامي، ما أسفر عن مقتل 17 جندياً.
وفي 7 مارس/آذار 2023، وبعد عمليات استطلاع جوي للجيش النيجري، تم رصد نحو ألف إرهابي من "بوكو حرام" يفرّون من نيجيريا على طول نهر كامادوغو يوبي من شمال نيجيريا بضغط من الجيش النيجيري، وهجوم من "داعش" في غرب أفريقيا ضد هذه الجماعة. وعلى أثر ذلك، تم وضع جيش النيجر في حالة تأهب.
وبعد أربعة أيام، أي في 11 مارس/آذار 2023، قتل الجيش النيجيري نحو ثلاثين إرهابياً من جماعة "بوكو حرام" بعد رفضهم الاستسلام واعتقل نحو ألف في ظروف سيئة للغاية.
كما لاحظنا مما سبق، تعرُّض النيجر لضغوط إرهابية من الغرب والجنوب والشرق، دون أن ننسى الشمال على حدودها مع الجزائر وليبيا، لكن المشكلة الحقيقية التي يواجهها رئيس البلاد تكمن في صعوبة مدّ خط أنابيب النفط بين النيجر وبنين، وهو خط يمتد بين أغاديم في النيجر وميناء سيمي في بنين.
ومن المتوقع أن يكتمل خط الأنابيب بحلول عام 2024 وأن يبلغ طوله 1950 كيلومتراً، ويمتد 1250 كيلومتراً داخل النيجر وما يقرب من 700 كيلومتر في أراضي بنين، ويمر عبر الأراضي التي يسيطر عليها "داعش" و"القاعدة".
ويُبدي الإرهابيون اهتمامهاً بالتمركز في هذه المنطقة، التي شهدت منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا زيادة في الطلب على الوقود. ويدرك الإرهابيون تلك الأهمية، خصوصاً "القاعدة"، لذلك فهم حريصون على التمركز الجيد في جميع مناطق الحدود بين النيجر وبنين، حيث لجأت "القاعدة" إلى تطبيق المثل الأفريقي القائل: "إذا كنت تريد اصطياد الأسد، فانتظره عند مستنقع الشرب". أسهل منطقة ينتظر فيها الإرهابيون الأسد لاصطياده هي المنطقة الحدودية بين بنين والنيجر، حيث يمر خط أنابيب النفط، وهذا هو المكان الذي ينوون تعزيز حضورهم فيه بقوة.
ويعبر الأنبوب منطقة تسيطر عليها كتيبة "حنيفة" التابعة لتنظيم "القاعدة" الإرهابي، وعلى بعد 100 كيلومتر فقط إلى الغرب توجد كتيبة أخرى تابعة للقاعدة تسمى "سيكو موسليمو"، وعلى بعد 50 كيلومتراً فقط إلى الشرق، داخل نيجيريا، توجد جماعة "أنصارو" الموالية للقاعدة أيضاً.
إن نوايا "القاعدة" في احتلال المنطقة الحدودية للنيجر وبنين ليست جديدة، وهي مستمرة منذ عام 2019، وهو التاريخ الذي تم فيه إطلاق المشروع، حيث "احتل" الإرهابيون هذه المنطقة مع الحفاظ على وجود ضعيف فيها. ومع تقدم أعمال إنجاز الأنبوب، يبدو أنهم غير مهتمين باكتشاف أمرهم أو حتى خططهم للتعامل مع هذه البنية التحتية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة