مفهوم تحرير الأوطان ليس مرتبطاً بالأرض والحدود الجغرافية فقط.
إنه يتعدى ذلك لتحرير الإنسان من أفكار بالية وشعارات عفا عليها الزمن.. ناهيك بتدمير هاتيك الشعارات وتلك العنتريات لأجيال من شباب الأمة العربية.
وكوننا نعيش اليوم في عالم مليئة تفاصيله بالتناقضات، لا بد من وقفة مع الذات لتحكيم المنطق والعقل، وإعلاء مبدأ الوعي اللازم لمواجهة تحديات المستقبل، في منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، تلك التي تشهد بعض دولها نكباتٍ لا حصر لها.
فالتنظيمات الإرهابية كـ"داعش" و"القاعدة"، والمليشيات الإرهابية كـ"حزب الله" و"الحوثي" دائما ما ترفع أمام مؤيديها "شعارات دينية"، يمكن القول عنها إنها كلمات حق يُراد بها باطلٌ، ثم تسخّر هذه الشعارات والتابعين لها لخدمة أجندات متطرفة وهدامة، أورثت بلداً مثل العراق فقراً، مع أنه غني بموارده، وأخذت بلداً مثل لبنان إلى حافة الهاوية، نتيجة مصادرة "حزب الله" الإرهابي قرار الدولة اللبنانية.
أما "اليمن السعيد" فقد صيَّرته مليشيا الحوثي الإرهابية إلى دولة تعاني وتكابد أقسى الأهوال، وجعلت من عاصمته العريقة صنعاء مدينة لا يقدر القاطنون بها على تأمين قوت يومهم، واستولت المليشيا على موانيه ومطاراته ومنشآته بغية تجميع الصواريخ والمسيّرات، التي ترسلها لاستهداف المدنيين داخل اليمن وخارجه.
كما تستثمر مليشيات أخرى في مفاهيم مقدسة لدى بعض الشعوب، لكنها للأسف ستارٌ لشيء واهٍ، مثل شعار "المقاومة"، فقط لحصد مكاسب سياسية واقتصادية، ففي وقت يعيش فيه سكان قطاع غزة بفلسطين تحت خط الفقر، تزداد ثروات قيادات حركة "حماس" وأبناؤهم، ويتنعمون بأموالٍ مصدرها كسبٌ على حساب القضية الفلسطينية.
إن الشعارات داء عضال فتك بجسد أمم وشعوب، كون بعض العرب المترعين بشعارات جماعة إرهابية مثل الإخوان المسلمين وجدوا أنفسهم أمام خيارات العنف والممارسات الخارجة عن سلطة الدول والقوانين، وقد تخلصت دولة عربية كبيرة مثل مصر من شرهم بعد تلاحم كبير بين جيشها وشعبها قبل أعوام.
وها هو رئيس تونس، قيس سعيد، يسعى جاهداً لكبح جماح حركة النهضة الإخوانية في بلاده، بعد أن عاثت فساداً في برلمان تونس وقضائها ومؤسساتها الدستورية، كذلك الجارة الشرقية لتونس، دولة ليبيا، دفعت -ولا تزال- أثماناً باهظة، لأن الإخوان تحالفوا مع المتطرفين يوما ما وأبحروا بسفن شعاراتهم الفاسدة والمستهلكة نحو سرقة مقدرات الشعب الليبي وحتى حقوقه في اختيار ممثليه.
ولعل دول الخليج العربي، وتحديداً السعودية والإمارات، من أكثر بلدان العالم رفضا لمثل هذه الشعارات التي تتبنّاها التنظيمات المخربة للأمم، فقد برهنت قيادة الدولتين على ذلك بالعمل لتحقيق الأفضل في الحاضر والمستقبل لشعبيهما.. هكذا تعاملوا مع الواقع وخلقوا مجدا حقيقيا.
بين هذا وذاك، وجب على الشعوب العربية أن لا تركن لـ"سموم الشعارات" وأصحابها، والبديل أمامها موجود، وهو العمل المقرون بالأمل، لأن الإنسان صاحب رسالة على وجه الكرة الأرضية، وكما قال الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد السعودي، في حفل تخرجه عام 2007 مخاطباً والده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود: "إن عقولنا ستنير الطريق، وعزيمتنا هي التي ستحقق المستحيل، وإرادتنا ستأتي بما هو جميل، فنحن نِصْفُ الحاضر وكل المستقبل".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة