الحلزون في المغرب.. غذاء وعلاج ومساج
بيض الحلزون المعروف باسم "الكافيار" قد يصل ثمنه إلى حوالي 2000 دولار للكيلوجرام الواحد، ويستخدم في الأطباق الذوقية الراقية.
بين أعشاب مُخضَوضِرة، تدب عشرات الحَلَزُوناتٌ ببطء شديد، تحمل ديارها الصغيرة على ظهرها، وتشق طريقها من مكان لآخر، تاركة خُطوطاً مُتشابكة من لُعابها، فيما ظلت أخرى منكمشة في قوقعاتها، وملتصقة بجوانب الصناديق الخشبية المنتشرة في المكان.
هذا هو الوضع في واحدة من مزارع الحلزون نواحي مدينة الدار البيضاء المغربية، إذ يتم تجميعها، وحثها على التكاثر، قبل أن يتم استخراج لُعابها بوسائل خاصة، واستخدامه في أدوات التجميل.
أما بيضها فيُوجه للمطاعم، والحلزونات نفسها، بعضها يتبع البيض إلى صحون طعام فاخر، وآخر يُستخدم في جلسات تدليك لمحاربة التجاعيد في البشرة.
قطاع واعد
وترى نادية بابراهيم، رئيسة الفيدرالية المهنية المغربية للحلزون، أن القطاع يعرف نمواً كبيراً خاصة في السنوات الأخيرة في ظل الإقبال الكبير سواء داخل المغرب أو خارجه على المستحضرات التجميلية المستخرجة إما من بيض الحلزون أو لعابه، وأيضاً تزايد طلب المطاعم الراقية على الحلزون نفسه.
وكشفت بابراهيم لـ"العين الإخبارية" أنه خلال سنة 2018، بلغ حجم الإنتاج الوطني من الحلزون أكثر من 15 ألف طن مستخرجة من الطبيعة، موضحة أن 80% منه تم توجيهه للسوق الخارجي، فيما 20% تم توزيعها على السوق الوطنية.
وأكدت أن هناك إقبالاً كبيراً على الإنتاج المغربي من الحلزون ومشتقاته في الأسواق الأوروبية، خاصة في دول فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال.
وأوردت أن من بين الأهداف المتخذة في غضون السنوات الخمس المقبلة، هي الوصول إلى 10 آلاف وحدة إنتاجية، على مساحة تقدر بـ 1000 هكتار قصد الحصول على إنتاج بحجم حوالي 20 ألف طن سنويا.
ولفتت إلى أن من بين الأهداف التي تضعها الفيدرالية بالتنسيق مع المنتجين، الوصول إلى رقم معاملات يُضاهي الـ 90 مليون دولار سنوياً، مشيرة إلى أن هذا الهدف سيمكن من خلق 10 آلاف وظيفة دائمة و40 ألف وظيفة موسمية.
طبخ وتجميل
وأوضحت بابراهيم في حديثها لـ"العين الإخبارية" أن للحلزون استعمالات متعددة، لكنها بشكل عام تُحدد في الطبخ والتجميل، مشددة على أن "المنتجات الحلزونية" معروفة بثمنها الباهض.
وقالت إن الحلزون يُستخدم في المطاعم الراقية، إذ يُقدم في الأطباق الذوقية، موضحة أن بيض الحلزون المعروف باسم "الكافيار" قد يصل ثمنه إلى حوالي 2000 دولار للكيلوجرام الواحد، ويستخدم في الأطباق الذوقية الراقية، وأيضاً أدوات التجميل.
ولفتت إلى أنه بالإضافة إلى بيض الحلزون الذي يُستخدم في التجميل، فإن لعاب الحلزون من المواد المفيدة جداً للبشرة، خاصة أنه يتوفر على كميات مهمة من الكولاجين التي تمنح البشرة شباباً ونضارة، وتقضي على التجاعيد.
وأضافت أن هناك محلات للتدليك متخصصة في التدليك بواسطة الحلزونات، إذ يتم وضع بعض الحلزونات على المكان المراد تدليكه، وخاصة الوجه، ثم تركها لمدة من الوقت، مؤكدة أن هذا النوع من المساجات يُعتبر الأعلى سعراً في العالم.
أكلة شعبية
وفي المقابل، توضح بابراهيم أن الحلزون ليس دخيلاً على الثقافة المغربية، إذ إن الأسر المغربية اعتادت إما تحضير أكلات للحلزون، أو اقتنائها من بعض الباعة المتجولين في الشوارع.
وذكرت أن هذه الأكلات تتميز باحتوائها على عدد كبير من الأعشاب الطبيعية، ما يجعلها تُمثل في نفس الوقت متعة وعلاجاً، خاصة للزكام وبعض الأمراض الأخرى.
وقالت إن عملية طبخ الحلزون تتم في ماء مُشبع بكميات لابأس بها من الأعشاب اللاذعة، مثل الزعتر، إكليل الجبل، ورق الغار، ولائحة طويلة من الأعشاب الطبيعية المعروفة بفوائدها العلاجية والوقائية.
ولفتت إلى أن المغاربة يقبلون على هذه الأكلات بشكل كبير في فصلي الخريف والشتاء، نظراً لكونها تمنح الجسم حرارة طبيعية، وتعتبر وقاية من بعض الأمراض الموسمية بفضل الأعشاب المكونة لها، وأيضا مكونات الحلزون.