تمر الأيام دون أي تغيير يذكر على صعيد الحل السياسي في سوريا، والانفراجة التي ينتظرها السوريون أصبحت شبه مستحيلة.
كما أن انهيار الاقتصاد وتدمير البلاد وانعدام الأمن وعزلة البلد، والاحتلال متعدد الجنسيات، جمعيها مفردات قاسية في قاموس هذه الدولة العربية.
ومع أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لم تجعل الأزمة السورية على سلم أولوياتها، فإن غالبية المراقبين لهذا الشأن يرون أن كلمة الفصل حول سوريا لا بد أن تقال أولاً في "البيت الأبيض"، والباقي بعد ذلك تفاصيل من الممكن التفاهم عليها مع روسيا، التي سارت في طريقي "سوتشي" و"آستانا" فيما يخص سوريا.
روسيا أيضا صارت اليوم تقارب المسألة السورية من زوايا متعددة، ترجمها على أرض الواقع قول وزير خارجيتها سيرغي لافروف -وهو يستقبل قبل أيام مبعوث الأمم المتحدة لسوريا بيدرسون- حين ذكر أن أهداف موسكو في سوريا تتبدل مع مرور الزمن.
وتستعير سوريا من الألم ما لا يعلمه إلا الله، سواء كان ذلك في مناطق سيطرة الحكومة أو معارضيها، فالأمر سيان، لأن المواطن السوري هو من يدفع الثمن، والأحوال المعيشية تصعب على الوصف لأنها آخذة في السوء ولا تنذر بخير أبداً.
جملة ما يجري في شمال سوريا تحت حكم تركيا، ويمكن اختصار الوضع هناك بـ"فوضى لا حدود لها وأجندة عبثية مستمرة"، في ظل عودة المعارك قرب "إدلب"، ونزوح آلاف المدنيين إلى مناطق أخرى في الشمال، مكتظة أصلا بالنازحين.
وفي شرق سوريا، حيث إيران والمليشيات التابعة لها، فإن معادلة القصف الأمريكي المتقطع مؤخراً ألقت بظلالها على إعادة تموضع تلك العصابات المسلحة في "دير الزور" وريفها، وجلبها مزيدا من التعزيزات والتحصينات لمنع وقوع أضرار في معسكراتها إذا تجددت الهجمات، التي يقوم بها سلاح الجو الأمريكي.
الغريب أيضا، توسيع إسرائيل رقعة عملياتها في سوريا ضد إيران و"حزب الله" الإرهابي، بعد أن توقعت إيران وذراعها أن حكومة "بينيت ولابيد" لن تسير على خطى رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، فيما يخص الوجود الإيراني في سوريا، إلا أن الموقف الإسرائيلي حيال هذا الملف يبدو أنه لن يتغير ولن يطرأ عليه إلا التصعيد.
استحالة الحل في سوريا أمر شبه واقعي، مرده حالة الانسداد المطلق في الأفق السياسي، فلا مفاوضات جدية بين الحكومة والمعارضة، ولا لجنة دستورية مختلطة تعمل، ولا ثقة يتم بناؤها بين الأطراف المتنازعة، ولا نية دولية أو إقليمية لجسر الهوة والمساعدة في إنقاذ سوريا.
والأمر، الذي يحلم به السوريون، هو سير القطار العربي من محطته باتجاه سوريا عبر دوله المؤثرة التي تملك القدرة على إحداث الفارق الإيجابي، لأن كل الأدوار الخارجية تم تجريبها في سوريا وفشلت، ولا يعول إلا على دور عربي منشود.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة