تشريعيات جنوب أفريقيا.. فرصة ثانية للحزب الحاكم أم رصاصة الرحمة؟
وسط خطر فقدان أغلبيته البرلمانية لأول مرة في تاريخه، بات الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا، على مقربة من «انتكاسة غير مسبوقة» له منذ نهاية نظام الفصل العنصري قبل ثلاثين عاما.
فبينما تفيد استطلاعات الرأي بأن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي سيحصل في الانتخابات التشريعية المقررة الأربعاء على ما بين 40 و46% من نوايا التصويت، ما من شأنه أن يجبره على تشكيل تحالفات للبقاء في السلطة، لأن البرلمان المنتخب هو الهيئة التي ستختار الرئيس المقبل، توعد حزب المعارضة الرئيسي بالإطاحة به.
آمال المعارضة
وفي ملعب في بينوني يتسع لـ20 ألف شخص، بالقرب من جوهانسبرغ، جمع أكبر حزب معارض، التحالف الديمقراطي، مؤيديه، الذين ارتدوا قمصانا ورفعوا أعلاما تحمل شعار «إنقاذ جنوب أفريقيا».
ويقود هذا الحزب ائتلافا يضم حوالي عشر حركات سياسية صغيرة أخرى، ويدعو إلى إصلاحات ليبرالية مثل خصخصة القطاع العام، وقد حصل على حوالي 25% من نوايا التصويت في استطلاعات الرأي.
ويقود جون ستينهويزن (48 عامًا) الحزب الذي ما زال يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه حركة بيضاء، بينما يكافح من أجل توسيع قاعدته.
وقال ستينهاوزن أمام الحشود: «الأربعاء، سيخسر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الغالبية التي أساء استغلالها لعقود، الغالبية التي استخدمها لإغراق هذا البلد في البطالة والفساد وسوء الإدارة (..)سننهي الأربعاء حكم المؤتمر الوطني الأفريقي وسيُفتح فصل جديد في البلاد».
وأكد عدد من مؤيدي أكبر حزب معارض لوكالة فرانس برس أنهم يريدون «التغيير». وقالت آن آدامز لوكالة فرانس برس وهي خبازة تبلغ 69 عاما: «أنا هنا حتى يحظى أحفادي وأحفاد أحفادي بمستقبل أفضل».
ماريا تشويني (42 عاماً)، وهي أم لثلاثة أطفال وعاطلة عن العمل قالت: «أريد أن تتغيّر الأمور، لقد سئمت الأكاذيب» بعد ثلاثين عاماً من حكم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي.
وفي اليوم نفسه، دعا حزب الرئيس السابق جاكوب زوما (2009-2018) المثير للجدل أنصاره إلى استعراض للقوة في إقليم مبومالانغا الريفي (شرق)، المعقل التقليدي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي.
ويتزعّم زوما حزب «أومكونتو فيسيزوي»، وما زال يحاكم بتهم فساد. وشكّل زوما (82 عاما)، مفاجأة بحصد ما بين 10 و14% من نوايا التصويت.
لكن ترشحّه أُبطل بسبب حكم صدر بحقّه في العام 2021، إلا أن صورته ستكون مدرجة في البطاقات الانتخابية التي طبعت قبل صدور القرار.
فشل الحزب الحاكم
وتسعى أحزاب المعارضة التي توعد كل منها بإسقاط حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، إلى حشد أكبر قدر ممكن من الدعم في صفوف حوالي 27,6 مليون ناخب مسجل.
ويختار الناخبون في جنوب أفريقيا نوابهم الأربعمئة، ثم يختار النواب الرئيس المقبل. ويتنافس نحو خمسين حزبا في الانتخابات.
وتحدث رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا السبت في خطاب مطوّل أمام عشرات الآلاف من مناصري حزب المؤتمر الأفريقي الحاكم المحتشدين في استاد ضخم في جوهانسبرغ عن التقدم المحرز منذ نهاية الفصل العنصري في البلاد التي تضم 62 مليون نسمة.
وقال رامابوزا (71 عاما): «سنعمل أكثر وعلى نحو أفضل». ويعتزم رامابوزا الفوز بولاية ثانية. وأكد أن فوز حزبه أمر حتمي.
وينقسم العديد من الناخبين بين الوفاء لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي حرر البلاد من الفصل العنصري، وبين خيبات متزايدة تعززها الحياة اليومية التي تشهد بطالة ونقصا في المياه والكهرباء، ما يجعل ناخبين يتراجعون عن دعم الحزب الحاكم.
قضايا فساد
كما أدى تزايد قضايا فساد اتهمت شخصيات من الحزب الحاكم بالتورط فيها إلى زعزعة ثقة الناخبين بشدة.
وقال إسحق تيمبو (66 عاما) وهو رجل عاطل عن العمل ويبلغ 66 عاما ومؤيد للحزب الديموقراطي الأحد: «الحب الذي لا ينجح يجب أن ينتهي. حصل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي على فرصته وفشل».
وفي حال حصول الحزب الحاكم على أقل من 50% من الأصوات، فسوف يضطر إلى تشكيل تحالفات.
ويتوقع خبراء أن تجرى مفاوضات حاسمة في الأيام التالية للتصويت بشأن تشكيل حكومة ائتلافية مقبلة.