مؤتمر إعمار الجنوب.. ليبيا تكافح نزوح الداخل والهجرة
لا تتوقف الآمال التي يعقدها الليبيون على مؤتمر "إعمار جنوب ليبيا"، على غرس مشاريع التنمية الشاملة في المنطقة الجنوبية، بل وكذلك تحقيق الاستقرار بالحد من نزوح السكان منها، وكذلك منع بقائها ملجأ للهجرة غير الشرعية.
وحول هدف الاستقرار المنتظر من المؤتمر الذي ينظمه صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا تحت شعار "من التهميش إلى الإعمار"، يقول الأكاديمي الليبي فرج الجارح، إن المؤتمر "يحمل أهمية خاصة في توفير فرص العمل للشباب في الجنوب؛ ما يسهم بشكل مباشر في تحسين الوضع الاقتصادي؛ وبالتالي الاستقرار الاجتماعي".
وأضاف الجارح لـ"العين الإخبارية" أن هذا الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي هو "أحد الحلول الجذرية لأزمة الهجرة غير القانونية؛ فمع تحسين البنية التحتية ووجود المشاريع التنموية وفرص العمل، يتضاءل دافع الهجرة بحثا عن فرص أفضل".
رسالة للداخل
يرى أستاذ الصحافة بجامعة بنغازي، علي سليمان، في شعار "من التهميش إلى الإعمار" الذي ينعقد تحت ظله مؤتمر إعمار جنوب ليبيا "رسالة مهمة لليبيا، وخاصة مدن الجنوب التي عانت لعقود طويلة، قبل دخول الجيش الوطني إليها، من تردي الخدمات وعدم الاستقرار، وهو الحال الذي جعل هذه المدن طاردة لسكانها، وبيئة تستقبل المهاجرين غير الشرعيين".
وأصبح جنوب ليبيا مقصدا للعصابات التي تتولى إدخال المهاجرين غير الشرعيين من دول جنوب الصحراء في عمق أفريقيا، مستغلة فرص ضعف الرقابة وانتشار الفوضى وغياب المؤسسات؛ ما جعله لسنوات بعد عام 2011 مكانا مناسبا للاختباء والهروب من القوانين؛ وهو ما زاد من نزوح السكان من المنطقة؛ خشية على أنفسهم من هؤلاء المهاجرين.
وتولي الحكومة المكلفة من البرلمان اهتماما خاصا لملف الهجرة؛ خشية وجود خطط من بعض الجهات لتوطين المهاجرين الأجانب في ليبيا وتغيير ديموغرافيتها، مثلما جاء في بيان لرئيس الحكومة، أسامة حماد، في يوليو/ تموز 2023، موجهة لمنظمي "المؤتمر الدولي حول التنمية والهجرة" الذي عُقد في روما حينها، ونبَّه فيها إلى ضرورة "احترام السيادة الليبية، وعدم اتخاذ أي قرارات أو توصيات من شأنها إحداث تغيير ديموغرافي في ليبيا"، عبر توطين المهاجرين فيها "تحت أي مسمى لهذا التوطين".
أما عقد مؤتمر خصيصا لإعمار الجنوب، فيعتبره سليمان "مؤشرا في الهدف والتوقيت على أن في المنطقة عودة حقيقية للاستقرار، واستباب للأمن المصحوب بالتحول للبناء والإعمار بفضل الدور المهم للقوات المسلحة".
وهنا يلفت أستاذ الصحافة بجامعة بنغازي إلى كنوز المنطقة التي تتعطش لاستثمارها، قائلا: "سبها هي بوابة الجنوب الذي يختزل جُل ثروات ليبيا من النفط والغاز والثروات المعدنية الأخرى؛ وبالتالي فإن الاستقرار هو لبنة مهمة للمحافظة على ديموغرافية الجنوب وليبيا عامة".
رسالة للخارج
كذلك يرى سليمان في عقد المؤتمر "رسالة للخارج" بأن الجيش الوطني الليبي "هو الحامي وهو المانع لانتشار الفوضى، ورسالة للمستثمرين المحليين والأجانب أفرادا وشركات لاستكمال مشروعات متوقفة وأخرى سيتم تنفيذها؛ ما يوفر فرص عمل للسكان والوافدين".
وسبق أن أطلقت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب عملية إعادة إعمار الجنوب، فبراير الماضي، وتتضمن تطوير وبناء عدد من المشروعات وصيانة البنى التحتية، وعلى إثر ذلك توافدت الشركات المحلية والأجنبية على مدن الجنوب، للبدء في مشاريع الإعمار والتنمية في جميع المرافق والقطاعات.
ومن المنتظر أن يشارك في مؤتمر "إعمار جنوب ليبيا" وفود عربية ودولية رفيعة المستوى، خاصة بعدما نجح المؤتمر الدولي لإعادة إعمار درنة (شمال شرق) والمناطق المتضررة من الفيضانات، فبراير الماضي، في جذب وفود شركات عربية ودولية من أكثر من 26 دولة، لتنطلق مسيرة الإعمار والتنمية.