السلطان إسماعيل جامبو.. حامل الأخبار والمرح وذاكرة جوبا
تعودت شوارع مدينة جوبا عاصمة دولة جنوب السودان على سماع عباراته المألوفة مع كل صباح، وهو يتجول بعربته المتهالكة من طراز تويوتا.
اعتاد أن يردد قائلا بعربي جوبا "دي كابارا": "إنني أحمل إليكم خبرا جديدا"، وأثناء قيامه بذلك يداعب المارة وأصحاب المحلات وهو يردد "أبابا" أي حبابكم.
إنه العم إسماعيل إبراهيم جامبو، الذي أصبح معروفا في جوبا باسم "سلطان جامبو"، الذي يعتبر من أكثر الأشخاص شهرة في المدينة التي يطوفها بصفة يومية بسيارته القديمة، ليذيع الإعلانات ويساهم في حملات وبرامج التوعية ويقدم النصائح والإرشادات المجانية، عبر الميكروفون الكبير المثبت في أعلى السيارة.
يقول إسماعيل إبراهيم جامبو إنه اشتهر باسم المنطقة التي ولد وترعرع فيها، وتعرف باسم "جامبو" بولاية غرب الاستوائية، لكنه قدم إلى العاصمة جوبا في فترة مبكرة من عمره، والتحق بالعمل في مجال الإذاعة المتحركة في تسعينيات القرن المنصرم ليتخذ منه مهنة يعتمد عليها بشكل كامل.
ويضيف لـ“العين الإخبارية" قائلا: "بدأت العمل في إذاعة الإعلانات المتحركة في تسعينيات القرن المنصرم وكان معي زميل اخر اسمه محمود، لكنه لم يستمر في العمل، لذلك واصلت بمفردي حتى اليوم".
وقد بدأ جامبو عمله بإذاعة أخبار المباريات الرياضية، التي تقام بإستاد جوبا ودعوة الناس للحضور وتعريفهم بأسعار التذاكر لمختلف الفئات، إلى جانب مباريات كرة السلطة التي تقام في استاد السلة بجي نمرة 3 بجوبا، إلى جانب إذاعة إعلانات البرامج والمناسبات العامة والخاصة".
فإلي جانب إذاعة وإعلان أخبار المناسبات الخاصة، لعب السلطان جامبو دورا كبيرا في توعية المواطنين بمخاطر الأمراض التي تتفشى في فصل الخريف مثل الكوليرا، حيث كان يقدم جرعات توعوية بلغة بسيطة، تدعو الناس للحفاظ على النظافة الشخصية وغسل الأيادي باستمرار ورمي الأوساخ بعيدا حتى لا يصابوا بالكوليرا.
وفيما يتعلق بالجهات التي يتعامل معها في تقديم الرسائل والإعلانات المتحركة يقول السلطان جامبو: "هناك جهات عديدة تتعامل معي في تقديم رسائل التوعية مثل وزارة الصحة الاتحادية وعدد من المنظمات العاملة في تقديم الخدمات الصحية، ومقابل ذلك يدفعون لي رسوما رمزية تحدد حسب المساحة التي يجب أن أغطيها داحل المدينة والزمن المحدد لذلك الإعلان".
وتجد الرسائل والإعلانات التي يقدمها السلطان جامبو للجمهور تفاعلا واهتماما كبيرا في الشارع العام، بسبب لغتها البسيطة وما يصاحبها من فكاهة ودعابات ورسائل إيجابية.
تقول تابيثا جوان، بائعة شاي في سوق جوبا لـ“العين الإخبارية": "السلطان جامبو شخص محبوب في المدينة فهو يقدم لنا إرشادات مفيدة صحيا في كيفية الوقاية من فيروس كورونا، ويقوم بتذكيرنا بشكل يومي وهو يحكي بلغة مفهومة لدينا، وكلما ردد عبارة "كابارا" يردد معه الجميع ومنه يخبر الناس برسالته".
وتقديرا للأدوار الكبيرة التي لعبها في حملات التعبئة في الانتخابات العامة في العام 2010 وحملات التصويت في الاستفتاء الذي أقيم في العام 2011 حيث جاءت نتائجه لصالح انفصال جنوب السودان، تم تكريم السلطان جامبو من قبل رئيس دولة جنوب السودان الفريق اول سلفاكير ميارديت.
وبالنسبة لمحمد عمر، تاجر بسوق "كونجو كونجو"، يعد السلطان جامبو صديقا للكل بغض النظر عن انتماءاتهم، فهو يتعامل مع الناس بحيوية منقطعة النظير، وكان هو من حبب إليه التكلم بعربية جوبا منذ وصوله للمدينة قبل سنوات.
ويضيف بالقول لـ“العين الإخبارية": "السلطان جامبو واجهة اجتماعية للمدينة، يقوم بإذاعة الأخبار وتقديم الإرشادات وتعليم الناس كيفية نطق العبارات البسيطة بعربي جوبا، وهذا ما تعلمته منه خلال السنوات التي قضيتها هنا في المدينة".
كما تم تكريم السلطان من قبل عدد من الصحف اليومية بجنوب السودان أبرزهما صحيفتا الموقف والوطن العربيتان اللتان تصدران من العاصمة جوبا لدوره في تثقيف وتوعية المواطنين عبر الإعلام المتحرك عبر استخدام الإعلام التقليدي المتمثل في إذاعة الأخبار، والمعلومات من خلال التجول في مختلف الأماكن والأسواق بمدينة جوبا، وتمليكها لشريحة كبيرة من المواطنين العاديين الذين لا يستطيعون الحصول علي المعلومة عن طريق وسائل الإعلام المنتشرة مثل المحطات الإذاعية والتلفزيونية، وهو ما يعزى إلى وجود حواجز كبيرة في اللغة والتواصل.
aXA6IDE4LjIyMS4yNy41NiA= جزيرة ام اند امز