تكوين برلمان قومي انتقالي بجنوب السودان.. ترحيب وتفاؤل حذر
بعد أكثر من عام على بداية الفترة الانتقالية في جنوب السودان، أعلن الفريق أول سلفاكير ميارديت، إعادة تكوين البرلمان القومي الانتقالي.
ويضم البرلمان ممثلي جميع الأطراف الموقعة على اتفاق السلام المنشط، وقد جاءت الخطوة بعد عدة ضغوط مارستها أطراف دولية وإقليمية على أطراف الاتفاق لتكملة هياكل ومؤسسات الفترة الانتقالية.
ويعتبر كثير من المحللين هذا الإعلان محاولة متأخرة لحفظ ماء الوجه لن تقود إلى تحقيق التغييرات المنشودة والإصلاحات التي تحدثت عنها اتفاقية السلام المنشطة على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي.
والإثنين، أعلن سلفاكير، في قرار جمهوري بثه التلفزيون الحكومي الرسمي عن إعادة تكوين البرلمان القومي لجنوب السودان، ليضم 550 عضوا ممثلين للأطراف الموقعة على الاتفاق.
ويتوقع أن يقوم في الفترة المقبلة بتعيين أعضاء مجلس الولايات القومي والبالغ عددهم 100 عضو إلى جانب إعلان تكوين المجالس التشريعية الولائية الـ10 وفقا للنسب التي حددتها معادلة قسمة السلطة في الاتفاق المنشط.
ويرى زكريا نمر، وهو كاتب ومحلل سياسي من دولة جنوب السودان أن البرلمان الجديد لن يحقق أي نوع من التقدم على صعيد التوافق السياسي الاقتصادي وتهدئة الأوضاع الأمنية الملتهبة، بسبب ضعف تجربة النواب الجدد في صوغ تصورات خاصة بالأزمات الراهنة التي تعاني منها البلاد.
وزاد نمر بالقول في تصريح لـ"العين الإخبارية": "سيشهد البرلمان الجديد حالة من التشاكس بسبب العداء السياسي القائم بين الأطراف المشاركة فيه".
وتابع: "لذلك سيصبح أقرب إلى حلبة صراع بين سياسيين غير ملمين بأسس العمل البرلماني، لذلك لا أتوقع أن تحدث أي نقلة على المستويين السياسي والاقتصادي".
والأسبوع الماضي، طالبت دول غربية، أطراف الحكومة الانتقالية بجنوب السودان بإتمام استحقاقات السلام، مؤكدة التزامها بدعم هذا البلد.
مطالبةٌ جاءت عبر رسالة وقّعت عليها "الترويكا" (تضم الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج)، وكندا وفرنسا والاتحاد الأوروبي.
ودعت تلك الأطراف في رسالتها التي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها، حكومة جنوب السودان، إلى تهيئة الأجواء لإجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية.
وجاء قرار إعادة تشكيل البرلمان القومي الانتقالي مع وصول دونالد بوث مبعوث الولايات المتحدة للسودان وجنوب السودان لمدينة جوبا عاصمة جنوب السودان، الأحد، للدفع بخطوات تطبيق اتفاق السلام والضغط على الأطراف لمعالجة جميع القضايا العالقة.
وبالنسبة لنتالي أتيم، وهو كاتب صحفي بصحيفة الموقف العربية الصادرة بجوبا، فإن تكوين البرلمان يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح لسد الفراغ الدستوري القائم بالبلاد، واستكمال استحقاقات اتفاقية السلام التي يعلق العديد من الجنوب سودانيين عليها آمالا عراض لتغيير واقع الدولة المزري وانتشالها من دائرة الحروب المفتعلة وعدم الاستقرار السياسي والأمني.
ويضيف أتيم بالقول في حديث لـ"العين الإخبارية": "ولكن رغم تعدد التيارات ودخول أحزاب جديدة للجهاز التشريعي، نتوقع الكثير من الصدامات والمشاكسات بين تلك المكونات داخل البرلمان القومي الانتقالي، بسبب تضارب المصالح بين تلك الجماعات والتيارات".
وينتظر البرلمان الانتقالي الجديد عددا من المهام المتمثلة في إجازة القوانين التي تتوافق مع اتفاق السلام المنشط إلى جانب سن تشريعات جديدة تتعلق بالإصلاحات الاقتصادية والمالية التي نصت عليها اتفاقية السلام ذات نفسها بجانب ادماج الاتفاقية في الدستور بعد أن تفرغ لجنة صياغة الدستور من أعمالها.
ويتفق إبراهام كوال نيوان، عميد كلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بجامعة جوبا، مع الآراء التي تتحدث عن أهمية إعلان البرلمان الجديد كخطوة من شأنها أن تساهم في عملية تنفيذ بنود اتفاق السلام المنشط وتذليل كل العقبات التي تعترض طريق تنفيذه بصورة سلسة.
وقال نيوان، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "إعلان البرلمان خطوة جيدة نحو تنفيذ بنود اتفاق السلام، وهي الخطوة الثانية في استكمال استحقاقات العملية السلمية، وتبقت لدى الأطراف مرحلة تخريج القوات الموحدة وتطبيق الإصلاحات الدستورية".
وأبدى نيوان تفاؤله من أن إعلان البرلمان سيقود لتحقيق العديد من الإصلاحات المرجوة بالبلاد ومنها تعديل القوانين السارية بالبلاد ومواءمتها مع بنود اتفاق السلام المنشط.
من جهته طالب إدموند ياكاني، رئيس منظمة تنمية المجتمع من أجل التقدم (غير حكومية) أعضاء البرلمان الجدد بالتركز على تقديم الخدمات للمواطنين.
وقال ياكاني في حديث لـ"العين الإخبارية": "نريد من النواب الجدد أن يكونوا أكثر ولاء للأمة وليس لأحزابهم والاهتمام بتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين في دولة جنوب السودان".
وتقدم عدد من الدول الأوربية في بيان مشترك مساء الثلاثاء بالتهنئة لحكومة الوحدة الوطنية بدولة جنوب السودان بمناسبة إعادة تشكيل البرلمان الذي اعتبرته دفعة لعملية السلام المتعثرة بالبلاد.
وقالت المملكة المتحدة، والنرويج، وكندا، والاتحاد الأوربي، وفرنسا والسويد في بيانها المشترك: "إن إعلان تكوين الهيئة التشريعية يمثل خطوة مهمة في سبيل تنفيذ بنود اتفاق السلام".
وأضافت: "نأمل أن تقوم الحكومة أيضا بتكوين مجلس الولايات و الهيئات التشريعية الولائية لمعالجة قضايا التشرد والنزوح و النزاعات المجتمعية".
وفي سبتمبر/أيلول 2018، وقعت الحكومة والمعارضة المسلحة بدولة جنوب السودان، اتفاق سلام بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تم بموجبه تشكيل حكومة انتقالية ممثلة لجميع الأطراف الموقعة، دون استكمال جميع هياكلها.