استفتاء انفصال كتالونيا.. أشد أزمات إسبانيا خلال 40 عاما
الحكومة المركزية اتخذت إجراءات غير مسبوقة لمنع الاستفتاء الذي يصر إقليم كتالونيا الانفصالي الثري على إجرائه بكل قوة.
تتعلق الأنظار في إسبانيا على إقليم كتالونيا المنتظر أن يشهد مواجهات بين الشرطة والناخبين في يوم الاستفتاء على الانفصال، الأحد، في أسوأ أزمة تواجه البلاد منذ 40 عاما.
كلا الجانبين، الحكومة الإسبانية المركزية وحكومة الإقليم الانفصالية يمضيان قدما في تنفيذ أهدافهما دون هوادة، فهدف الحكومة هو منع الاستفتاء بأي ثمن، أما هدف الإقليم فهو إجرائه بكل عزم.
فمن ناحيتها، أصرت الحكومة المركزية على أن التصويت "لن يتم".
وقال ميندز دي فيجو، المتحدث باسم الحكومة، في مؤتمر صحفي: "أصر على أن الأول من أكتوبر لن يشهد إجراء استفتاء".
وحذر دي فيجو منظمي الاستفتاء من أنهم سيواجهون تهما جنائية إذا واصلوا سعيهم.
كما أعلنت الحكومة أن قيودا ستفرض على المجال الجوي لبرشلونة (عاصمة الإقليم) بشكل جزئي.
وكتالونيا إقليم يدار بالحكم الذاتي ضمن عدة أقاليم تدار بهذه الصيغة في إسبانيا، وهو يقع شمال شرق البلاد.
وتوازي مساحته مساحة بلجيكا، ويعتبر إحدى المناطق الأكثر استراتيجية لإسبانيا، رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، خاصة أنه يمثل 20% من إجمالي الناتج الإسباني.
حشد أمني
وكثفت سلطات مدريد عمليات التفتيش والتهديد بالعقوبات للمنظمين والمشاركين في الاستفتاء، وصادر الحرس المدني أكثر من 2,5 مليون بطاقة تصويت.
كذلك نشرت أعدادا كبيرة من الشرطة في أنحاء كتالونيا لمنع فتح أي مراكز اقتراع أو توزيع منشورات أو استمارات، وحذرت من أن أي شخص يملك مفاتيح أو أكواد لدخول مركز اقتراع سيعتبر مشارك في جرائم عصيان ومخالفات وسرقة أموال.
وقال قائد شرطة كتالونيا إن الضباط أمروا بإخلاء مراكز الاقتراع وإغلاقها بحلول السادسة من صباح غد الأحد قبل الموعد المقرر لبدء التصويت في التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي.
وفي محاولة للحد من مخاوف حدوث مواجهات دامية بين الجانبين، نشرت صحيفة لا فانجارديا أن قائد الشرطة قال إن القوة لن تستخدم إلا كملاذ أخير.
ملاحقة المسؤولين
ومثلت أمام الادعاء العام أول دفعة من مئات من رؤساء بلديات كتالونيا الذين أعلنوا دعمهم للاستفتاء.
فقد لاحقت الشرطة المسؤولين والقيادات الكبيرة في الإقليم، ومن بينهم جوزيب ماريا جوف وزير الدولة للاقتصاد بكتالونيا الذي اعتقلته الأربعاء في إطار مداهمة لإدارات الاقتصاد والداخلية والشؤون الخارجية والشؤون الاجتماعية والاتصالات والضرائب في الإقليم.
وقضائيا، أمرت محكمة الاستئناف بكتالونيا على غرار النيابة الشرطة الإقليمية والشرطة الوطنية والحرس المدني بغلق مكاتب التصويت.
وتفجرت الأزمة في 6 سبتمبر/أيلول الجاري بتبني برلمان كتالونيا قانون لتنظيم الاستفتاء رغم حظره من المحكمة الدستورية، ومضت حكومة كتالونيا في الأمر، ودعت لتنظيم الاستفتاء، رغم العديد من التحذيرات من السلطات المركزية في مدريد.
إصرار كتالوني
من جهتها، قالت حكومة كتالونيا إن التصويت "سيمضي قدما"، وأرسلت إخطارات لسكان الإقليم تطلب منهم حماية مراكز الاقتراع.
واليوم السبت، أي قبل يوم من الاستفتاء، أعلن قادة الإقليم أنهم ينوون توفير أكثر من 2300 مكتب تصويت لتمكين الكتالونيين من المشاركة.
ودعي للتصويت 5.3 مليون ناخب.
وقال المتحدث باسم حكومة كتالونيا جوردي تورول- في مؤتمر صحفي في برشلونة إن نحو 7300 شخص سيشاركون في تسيير مكاتب التصويت.
وخاطب نائب رئيس كتالونيا، أوريول جونكيراس، الناخبين بقوله: “صوتوا مع التزام السلوك المتحضر والمسؤول، ولا تردوا على استفزازات من سيسعون إلى منع التصويت".
ومنذ أسابيع تسعى سلطات كتالونيا إلى إخفاء صناديق الاقتراع وبطاقات التصويت، خوفا من مصادرتها من قبل السلطات المركزية.
واستجابة لنداء سلطة الإقليم سارع ناخبون لاحتلال مراكز اقتراع في المدارس أمس الجمعة، في محاولة لمنع الشرطة من السيطرة عليها؛ ما يفتح الباب لمواجهة محتملة مع الشرطة التي تلقت أوامر بطردهم بحول يوم الأحد.
وقال أحد الناخبين في مركز اقتراع ويدعى هيكتور: "نريد أن نتأكد أن المدرسة ستظل مفتوحة لأنشطة في الليل إذ قد يأتون لطردنا وإخلائها، ستكون هناك أسر تنام فيها أو أشخاص في الشارع".
ويوجد بالإقليم عدة حركات وراء مطالب الانفصال، منها "الجمعية الوطنية الكتالونية" التي اعتبر رئيسها جوردي سانشيز أن الحكومة الإسبانية بمحاولتها منع الاستفتاء تكون قد أعلنت عليهم "الحرب".
أزمة رياضية
وأزمة كتالونيا انعكست بقوة على الساحة الرياضية، خاصة وأن أشهر أندية إسبانيا مثل نادي برشلونة تنتمي للإقليم وتؤيد انفصاله.
وبالتالي ألقت الأزمة بظلالها على المنتخب الإسباني بعدما قام جيرارد بيكيه بنشر تغريدة يطلب فيها الدعم من الجمهور لانفصال الإقليم.
وقوبلت التغريدة بهاشتاج إسباني يطالب بطرد اللاعب من المنتخب.
وفي وقت سابق هددت إسبانيا الأندية المؤيدة للانفصال بالاستبعاد من الليجا إذا استقل إقليم كتالونيا.
ورد على ذلك وزير الرياضة الكتالوني جيرارد فيجويراس بأنه مع انفصال كتالونيا يمكن لأي نادي من أندية الإقليم (برشلونة وإسبانيول وجيرونا) أن يقرر مصيره بنفسه.
كما اقترح عليهم البحث عن دوريات تلعب فيها خارج إسبانيا مثل الدوري الإيطالي أو الفرنسي أو حتى الإنجليزي.
سخرية حكومية
وفي لهجة ساخرة عبر مسؤولون عن ثقتهم في قدرة الحكومة المركزية على منع الاستفتاء؛ حيث قال مسؤولان كبيران إن الحكومة قد تسمح لطالبي الانفصال بإقامة "حفل".
وأوضحا أنه "ربما يقام حفل يوم الأحد يجري فيه تركيب بعض الأكشاك في الساحات والشوارع ومحاكاة عملية التصويت. لكنه لن يكون استفتاء".
وأكد المسؤولان في تصريحات لرويترز دون التصريح باسميهما أن السلطات بذلت ما يكفي من الجهود لنزع المصداقية عن الاستفتاء، وأن الإقليم الآن ليس لديه لجنة انتخابات أو صناديق وأوراق اقتراع ملائمة.
كذلك توقعا أن الإعلان المحتمل للانفصال من جانب واحد لن يقابل بأي نوع من الاعتراف الدولي بشرعيته.
وقال أحدهم: "لن تعترف به حتى فنزويلا أو كوريا الشمالية، وإذا اعترفتا به فلست واثقا من أن هذا سيساعد حملة الاستقلال كثيرا".
aXA6IDMuMTUuMjM5LjE0NSA= جزيرة ام اند امز