خطاب أمير الكويت في العشر الأواخر.. خارطة طريق لمواجهة التحديات
رسائل سياسية هامة تضمنها خطاب أمير الكويت بمناسبة العشر الأواخر من رمضان، تؤكد في مجملها على أهمية الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات.
رسائل وجهها أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، مساء الأحد، وتضمنت خارطة طريق لمواجهة التحديات مستلهمة من وحي الأجواء الإيمانية في تلك الأيام المباركة من العشر الأواخر من رمضان.
شهر وصفه أمير الكويت إنه "شهر الرحمة والتسامح والتواصل والمغفرة"، داعيا فيه الكويتيين إلى "الاجتماع على كلمة سواء" .
وشدد على أن " الوحدة الوطنية سياج يحمي الكويت والكويتيين وحصن لمجابهة الشدائد ومواجهة التحديات"، مؤكدا أنه "لن يتوانى في اتخاذ أي قرار يضمن للبلاد أمنها واستقرارها".
رسائل عديدة تؤكد أهمية الحفاظ على استقرار الدولة والمضي قدما في مسيرة البناء نحو المستقبل وتجاوز التحديات الراهنة.
ومن أبرز التحديات التي تشهدها الكويت حاليا هي الأزمة السياسية بين الحكومة ومجلس الأمة (البرلمان)، والتي أدت إلى استقالة الحكومة قبل 3 أسابيع بعد 3 شهور من تشكيلها، دون أن يتم البت في استقالتها حتى اليوم.
رسائل مهمة
واستهل أمير الكويت كلمته التي اعتاد قادة الكويت المتعاقبين توجيهها في العشر الأواخر من رمضان، على إبراز الدروس الإيمانية في تلك الأيام، والتي يعين استلهام في مواجهة البلاد التحديات التي تواجهها مثل قيم التسامح والتواصل والوحدة.
وأكد في هذا الصدد أن رمضان هو "شهر الرحمة والتسامح والتواصل والمغفرة".
وبين أنه يوجه كلمته في العشر الأواخر من رمضان الذي وصفها بأنها من "الأوقات المباركة التي تبعث فينا الخير والاطمئنان".
وأردف: "وما أحوجنا إلى أن نفتح قلوبنا للصفاء ونبسط أيدينا بالمودة والإخاء ونجتمع على كلمة سواء نتسلح لها بالإخلاص للوطن العزيز والتعاون الصادق من أجل مصالحه ركائزنا النوايا الطيبة وسلامة الصدور والمحافظة على قيمنا الأصيلة التي جبل عليها آباؤنا وأجدادنا."
ووجه حديث للكويتيين، مشدد على أهمية الوحدة الوطنية، قائلا :"أنتم - لا غيركم - بوحدتكم الوثقى وبروحكم العالية السلاح الأقوى للحفاظ على وطننا العزيز".
وشد على أن " الوحدة الوطنية سياج يحمي الكويت والكويتيين وحصن لمجابهة الشدائد ومواجهة التحديات".
وأردف :" ومن الحقائق التي رصدها التاريخ أن المحن والأزمات تكشف عن معدن الشعب الكويتي الأصيل.. وطهارة ذاته.. ونقاء جوهره والتفافه حول قيادته السياسية."
وجدد أمير الكويت التزامه المضي قدما بتحقيق الإصلاح، ولكنه بين "أن للإصلاح خطوات ومسارات وأنه لا يحدث بين ليلة وضحاها وسيظل في حاجة إلى جهد جهيد وصبر جميل وتكاتف وتلاحم من شعب وفي أصيل".
وأكد أن الكويت "ستظل واحة أمن وأمان ومنبع خير وسلام تتطلع دائما إلى مزيد من النهضة والتقدم قائمة بدورها الخليجي والدولي مع الأشقاء والأصدقاء في شتى بقاع العالم."
وشدد على إنه لن يدخر " وسعا وجهدا في سبيل حماية مقدرات ومكتسبات" البلاد.
وخلال الكلمة التي ألقاها نيابة عنه ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أكد أمير الكويت أنه "لن نتوانى في اتخاذ أي قرار يضمن للبلاد أمنها واستقرارها في ظل نهجنا الديمقراطي الأصيل ودستورنا القويم وعاداتنا وأعرافنا العريقة.."
وأكد أن "أن الكويت والكويتيين أمانة في أعناق قيادتها السياسية."
تحديات سياسية
رسائل أمير الكويت تأتي في توقيت هام في ظل أزمة سياسية تواجهها البلاد بعد استقالة الحكومة برئاسة الشيخ صباح خالد الحمد الصباح في 5 إبريل/ نيسان الجاري، قبل يوم من التصويت في مجلس الأمة (البرلمان) على طلب «عدم التعاون» معها.
جاءت الاستقالة على وقع أزمة سياسية متصاعدة بين مجلس الأمة والحكومة التي لم يمضِ على تشكيلها 3 أشهر.
ولم تبت القيادة السياسية في استقالة الحكومة حتى اليوم.
وأدت التوترات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت إلى إعاقة عمل الحكومة منذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في 5 ديسمبر /كانون الأول 2020.
وأعلن رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم 19 إبريل/ نيسان الجاري انه لن يوجه دعوة لعقد جلسات للمجلس عازيا ذلك إلى "استقالة الحكومة واعتذارها الرسمي عن حضور الجلسات وعدم البت في استقالتها".
وقال أن موعد البت في الاستقالة من صلاحيات أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وهو من يقدر هذا الأمر.
جاء استقالة الحكومة بعد نحو 3 شهور من تشكيلها في 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتعد الحكومة الكويتية المستقيلة رقم 39 في تاريخ الكويت، والثالثة في عهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي تولى مقاليد الحكم في 29 سبتمبر/أيلول 2020.
وتشكلت أول حكومة في عهد الشيخ نواف في 14ديسمبر/كانون الأول عام 2020 برئاسة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، وضمت 15 وزيرا منهم 10 جدد، وقبلت استقالتها في 18 يناير/كانون الثاني عام 2021 على أن تستمر بتصريف العاجل من الأمور.
الحكومة الثانية تشكلت في 2 مارس/آذار 2021 برئاسة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، وضمت 15 وزيرا شهدت دخول 4 وزراء جدد، واستحداث حقائب وزارية، وإعادة هيكلة عدد من الوزارات، وتم قبول استقالتها في 18 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على أن تستمر بتصريف العاجل من الأمور.
وتشكلت الحكومة الثالثة في عهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، 28 ديسمبر/ كانون الأول الماضي ، برئاسة الشيخ صباح خالد الحمد الصباح أيضا، وبعضوية 15 وزيرا وتضمنت 9 وزراء جدد، وقدمت استقالتها 5 إبريل/ نيسان الجاري ولم يتم البت في استقالتها حتى اليوم.
وجاءت استقالات الحكومات المتعاقبة على خلفية توترات بين الحكومة والبرلمان، وشد وجذب بين الطرفين بسبب خلافات حول عدد من الملفات منها الاستجوابات.
وكان وزيرا الدفاع والداخلية قدّما في فبراير/ شباط الماضي استقالتهما احتجاجاً على كثرة الاستجوابات في البرلمان، وألقيا باللوم على ما أسمياه "التعسف في استخدام الأدوات الدستورية".
مبادرات حكيمة
ومع كل أزمة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، كان أمير البلاد حاضرا بقراراته ومبادراته الحكيمة، لتهدئة الأجواء ورغبته في تعزيز التعاون بين السلطتين لصالح البلاد والعباد.
فمع توتر الأجواء إبان استقالة أول حكومة في عهده مطلع العام الماضي، أصدر أمير الكويت مرسوما بتأجيل انعقاد جلسات مجلس الأمة لمدة شهر اعتبارا من 18 فبراير/شباط 2021، استنادا إلى المادة 106 من الدستور الكويتي.
وجاء القرار لإعطاء مزيد من الوقت لرئيس الحكومة لتشكيل حكومة جديدة وإتاحة الفرصة لتهدئة الأجواء بين الحكومة والبرلمان لتتشكل الحكومة في ظروف أفضل.
وبعد تشكيل الحكومة الجديدة واستمرار الخلافات بين السلطتين جاءت مبادرته الحكيمة للدعوة لحوار وطني بين الحكومة والبرلمان.
وفي 29 سبتمبر/أيلول الماضي، وجه أمير البلاد بالدعوة إلى حوار وطني يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية "بغية تهيئة الأجواء من أجل توحيد الجهود وتعزيز التعاون وتوجيه كافة الطاقات والإمكانات لخدمة الوطن العزيز ونبذ الخلافات، وحل كافة المشاكل وتجاوز العقبات التي تحول دون ذلك خدمة للمواطنين الكرام ورفعة راية الوطن العزيز ومكانته السامية".
واستجابة لتوصيات الحوار الوطني بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتلبية لمناشدات ما يقارب أربعين عضوا من مجلس الأمة، قرر أمير الكويت استخدام حقه الدستوري وفقا للمادة 75 من الدستور المتعلقة بالعفو الخاص.
وفي 13 نوفمبر/ تشرين الثاني نشرت الجريدة الرسمية (كويت اليوم) مرسومين أميريين يقضيان بالعفو وتخفيض مدة العقوبة المحكوم بها على بعض الأشخاص.
وطوى مرسوما العفو صفحة خلاف سياسي داخل البلاد.
وفي 15 نوفمبر/تشرين الثاني من الشهر نفسه، صد أمر أميري بالاستعانة بولي العهد ممارسة بعض اختصاصات الأمير الدستورية وبصفة مؤقتة.
ويثق الكويتيون في أن تقود حكمة أمير البلاد وولي عهده في تجاوز الأزمة السياسية الراهنة والمضي قدما في مسيرة البناء والتنمية.