العقوبات الأمريكية تكشف عن وجود معلومات دقيقة لدى واشنطن عن كلّ ملفات الفساد في لبنان ومدى ارتباط حزب الله بها.
يعيش إغلاق كامل في البلاد لمدة 16 يومًا، لوقف التفشي المتصاعد لفيروس كورونا المستجد، وفق القرار الصادر عن الحكومة اللبنانية بمصادقة "مجلس الدفاع الأعلى" في اجتماع طارئ برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، والذي يأتي رغم معارضة عدد كبير من النقابات العمالية والتجارية بعدما أصبح خطرا جدا، مما استدعى ضرورة اتخاذ إجراءات تساعد على احتوائه وتخفيف تداعياته؛ لتمكين المؤسسات الصحية من القيام بدورها في معالجة المصابين، مما يزيد هذا الإغلاق من معاناة لبنان واللبنانيين في كل المجالات والتي لا تعد خافية على أحد.
الأوضاع اللبنانية المتردية جعلت من الولايات المتحدة الأمريكية تفرض عقوبات على النائب "جبران باسيل" زعيم التيار الوطني الحر وصهر رئيس الجمهورية ميشال عون، والتي تعد امتدادا للعقوبات التي فرضت على وزيرين سابقين في لبنان بتهمة تورطهما في الفساد وهما "علي حسن خليل، ويوسف فنيانوس"، والتي كانت جرس إنذار مبكّر لرئيس التيار الوطني الحر، وهو ما تحقق رغم أن قرار العقوبات قرار متأخر إلا إنه يلقى القبول والترحيب لدى اللبنانيين.
هذه العقوبات تكشف عن وجود معلومات دقيقة لدى واشنطن عن كلّ ملفات الفساد في لبنان ومدى ارتباط حزب الله بها وتغطية باسيل عليها ومشاركته فيها بموجب "قانون ماغنتسكي" الخاص بالفساد، خصوصاً عندما كان وزيراً للطاقة، من جهة، والعلاقة والشراكة القائمة بينه وبين حزب الله المصنف منظمة إرهابية، من جهة أخرى، حيث فرضت عقوبات على عدد من أعضاء حزب الله، لا سيما بعد دعوى التي أقامها مواطنون أمريكيون من أصل لبناني على باسيل وآخرين أمام إحدى المحاكم في ميامي يتّهمون باسيل بالاستيلاء من دون وجه حقّ على أملاك لهم في لبنان وحرمانهم من حقوقهم التي تقدّر بملايين الدولارات فيها، كذلك نتيجة مشاركته الفاعلة في عرقلة تشكيل حكومة لبنانية جديدة برئاسة سعد الحريري بعدما أصرّ على تولّي أحد أنصاره وزارة الطاقة.
الكثير يرى أن هذه العقوبات الأمريكية قد تطيح بالمستقبل السياسي للصهر المدلل حتى مع تغيير الإدارة الأمريكية، وهو ما يرجح لجوء باسيل إلى المواجهة وجلب الاستعطاف الشعبي والمذهبي حين قال: "العقوبات ضدي حرب إسرائيلية على مسيحيي لبنان"، لا سيما بعد فوات الأوان لتقديم أدلة البراءة، لذا يحاول أن يبقى على مواقفه وقراراته لحفظ ماء وجهه وليظهر كبطل أمام مؤيديه في ضوء اعتقاده أن جو بايدن وإدارته المختلفة عن سياسة ترامب قد تسهم في إعادته للواجهة، بعدما رد سريعا بقوله "لا العقوبات أخافتني ولا الوعود أغرتني، لا أنقلب على أي لبناني، ولا أُنقذ نفسي ليَهلك لبنان".
هذه العقوبات الأمريكية تؤكد أن جبران باسيل الشخصية الجدلية قد خسر اللعبة التي كان يلعبها، والدور الذي يقوم به، والعمالة المزدوجة بعد أن لَمَّحَت السفيرة الأمريكية في لبنان بالدور الذي كان يمارسه "كعميل مزدوج" لكنه أراد ثمنًا مقابل التضحية بحزب الله، وهذا ما لم تقبل واشنطن التفاوض عليه، ففاجأته بالعقوبات، مما يجعل إمكانية التراجع غير ممكنة بعد أن وقع في فخ العقوبات غير المتوقعة، وبعد سقوطه في وحل النفوذ والمال، على حساب أمن واستقرار الشعب اللبناني بما يخدم التغلغل الصفوي الذي ألغى سيادة لبنان، وأصبح موطنا للإرهاب العالمي والإقليمي، وأصبح مرفأً مثالياً للنفايات بعد أن كان بمثابة سويسرا الشرق.
جبران باسيل ليس الفاسد الوحيد، بل هو الفاسد الأكبر لسوء التعامل مع الأموال العامة وتقاضي رشاوى، وأصبح يدا من أيادي حزب اللات التي تبطش وتخرب وتدمر لبنان.
لقد كان عارا على كلّ اللّبنانييّن بعدما جعل الجنسية اللبنانية للبيع أو التجنيس المؤدي للتوطين الديمغرافي مقابل حفنة من الدولارات؛ ليتيح لشبيحة "بشار" التحرك بجواز سفر لبناني والالتفاف على العقوبات.
لقد كان الوزير المندفع والعنصري الذي يطارد اللاجئين السوريين في لقمة عيشهم، ويحرض عليهم، ويطالب بإعادتهم إلى جحيم بشار تنفيذا لأوامر حزب الله، فاستحق أن نطلق عليه أثناء توليه وزارة خارجية لبنان أنه "المفوض السامي لإعلام حزب الله، والمدافع والحارس الأول للحزب"، وهو ما يفسّر غضب ودفاع الحزب عنه، الذي يعتبر العقوبات إملاءات على لبنان، ما يؤكد نظريا استحقاقه للعقوبات الأمريكية، وأنه شريك فعلي للحزب في الفساد والتمويل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة