في 26 يونيو/حزيران الماضي أودت حادثة مأساوية بحياة ضابطَيْ شرطة في شمال بنين على يد "إرهابيين".
وفي نهاية مايو/أيار الماضي، أبلغت حكومة بنين عن أحداث كانت معروفة، وهي أن البلاد شهدت نحو 20 هجوما نفذته الجماعات "الإرهابية".
ويعود تاريخ أول هجوم مميت نفذه الإرهابيون في بنين إلى شهر ديسمبر/كانون الثاني 2021 قرب الحدود مع بوركينا فاسو. فيما حرصت حكومة بنين على عدم استخدام مصطلح "إرهابي" عند إعلانها عن تلك الهجمات، وهو ما لا يخدم حربها الدعائية ضد الإرهاب ولا يجعل المشكلة تختفي بكل تأكيد.
الهجمات يقررها الإرهابيون، وعلى قوات الأمن والدفاع التعامل معها ومواجهتها، بل وإحباطها، إنْ أمكن ذلك، عن طريق عمل الاستخبارات.
ومن خلال الهجمات الأخيرة التي شنّها الإرهابيون في توجو وبنين وساحل العاج، واعتراف غانا في 3 يونيو/حزيران المنصرم بوجود إرهابيين في شمال البلاد، تتضح نيّات تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابيين التوسّع نحو المحيط الأطلسي عن طريق هذه البُلدان.
وعندما نحلل تحركات الجماعات الإرهابية في غرب أفريقيا، فإننا نكرر ارتكاب خطأ الاعتقاد بأن السيطرة على الأراضي تكون مباشرة من طرف "داعش" أو "القاعدة"، لكن الأمر أكثر تعقيدًا مما يبدو.
إذ يبسط تنظيم "القاعدة" الإرهابي سيطرته في منطقة الساحل الأفريقي عبر فرعه "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، والذي تنشط باسمه "جماعة نصرة والإسلام المسلمين"، انطلاقًا من مالي إلى الحدود مع نيجيريا، بالإضافة إلى جماعة "أنصارو"، وهي فرع "القاعدة" في نيجيريا.
وقد تم إنشاء جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" بعد اتحاد أربع مجموعات موالية لتنظيم "القاعدة"، والتي تتبع لها أيضا جماعة "أنصار الإسلام"، التي تنشط عادةً داخل بوركينا فاسو ومالي، وكتيبة "المنصور" أو "غورما"، وكتيبة "سيرما" في مالي، وكتيبة "غوما" الناشطة بين النيجر وبوركينا فاسو.
ولا تزال اثنتان من المجموعات المؤسِّسة نشطة، وهما "أنصار الدين"، التي تُفضّل وجودها في شمال مالي، وكتيبة ماسينا، التي تصل ذراعُها إلى السنغال وغينيا وساحل العاج وغانا وتوجو وبنين عبر الكتائب أو الخلايا الأخرى.
ومن نيجيريا، يبدأ نفوذ تنظيم "أنصارو"، الموالي لتنظيم "القاعدة"، والذي يوجد في ما لا يقل عن خمس ولايات تُغطّي مساحة بحجم سويسرا والنمسا مجتمعَيْن.
وابتداءً من عام 2015، بدأت فلول وبقايا تنظيم "القاعدة" في الساحل تتحد، وهي الجماعات الأقرب أيديولوجيا لتنظيم "داعش"، ما أدى إلى ظهور ما يُعرف باسم "تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى" في منطقة الساحل.
وجنوبًا في نيجيريا، حدث الشيء نفسه مع جماعات صغيرة خرجت من رحم "بوكو حرام"، التي تراجعت لصالح ولاية "داعش في غرب أفريقيا".
عند تحليل كل هذه البيانات، نستنتج الآتي:
كلٌّ من "داعش" و"القاعدة" لديهما كثير من المجموعات الفرعية الكافية لتوسعهما نحو ساحل المحيط الأطلسي، ولإضافة مزيد من التعقيد على مشهد الإرهاب في أفريقيا.. وسنجد أنفسنا نعض أصابع الندم في الأشهر القادمة بسبب تقدم الإرهابيين نحو ساحل المحيط الأطلسي، ولن يكون من المستغرب أن نسمع أسماء كتائب جديدة في المناطق، التي يتم احتلالها.
كذلك لا بد من الإشارة إلى المجموعتين المستقلتين "دار السلام" و"بوكو حرام" في نيجيريا.
أخيرًا، فقد أعلن تنظيم "داعش"، من جهته، مسؤوليته عن هجمات داخل نيجيريا على مسافة تصل إلى 500 كيلومتر جنوب منطقة نشاطه المعتادة.. وإذا لم يكن التنظيم قد تحرك غربًا، فذلك لأن "القاعدة" كان قد احتل تلك المنطقة سابقًا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة